مدونة د. عبد الرحمن أحمد ندا


المعلوماتية والتحدي التربوي للتربية العربية

د.عبد الرحمن أحمد أحمد ندا | Dr. ABDELRAHMAN AHMED NADA


11/03/2022 القراءات: 1243  


تمر البشرية حالياً بمرحلة المخاض العسير لمجتمع المعلومات تتنازعها الآمال والمخاوف، البعض ينذر بقدرة تكنولوجيا المعلومات في حل مشاكل البشر علي كثرتها واختلافها، بل امتصاص الآثار السلبية التي نجمت عن التكنولوجيا الصناعية، والبعض الآخر ينذر بفجوة رقمية Digital divide ساحقة تصدع كيان المجتمع الإنساني، تفصل بين من يملك المعرفة ومن لا يملكها.
ولقد امتدت المعلوماتية بدورها إلي الدول النامية التي باتت تخشي الاستمرار في فلك التبعية المعلوماتية وتخاف في الوقت نفسه من أن تفوتها فرصة الاستفادة من أدوات وتطبيقات ثورة المعلومات و الاتصال. وهذا يفرض عليها ضرورة مراجعة أنظمتها التعليمية ومعالجة أوجه القصور فيها والبحث عن مسارات جديدة واستراتيجيات متطورة وآليات فعالة تحقق التجاوب السريع والاستيعاب الواعي لعصر المعلوماتية لتهيئة الأجيال لمستقبل تتحكم فيه المعلومات سواء في الحياة التعليمية أم المهنية أم الخاصة.
إلا أن هناك حقيقة مفادها أن كل تكنولوجيا جديدة تحمل في طياتها مخاطر جديدة، وكلما ارتقت التكنولوجيا تضخمت مخاطرها بالقدر نفسه الذي تتعاظم به منافعها. ومع ذلك يجب عدم الرضوخ لتلك "الحتمية التكنولوجية" تحت شعار "التكنولوجيا الجديدة قادمة ولا محالة، وهي لا تصد ولا ترد وعلي المجتمع أن يتكيف معها". وعلي ذلك فإن تكنولوجيا المعلومات لها من المخاطر والإشكاليات ما يجعل من مواجهتها ضرورة ملحة سواء علي مستوي الحكومات أو الهيئات.
وحديثنا هنا عن أهم إشكاليات المعلوماتية التي تواجه مجتمعاتنا العربية وتؤثر علي التربية فيها، ألا وهو التحدي التربوي للتربية العربية:
لقد أظهر المتغير المعلوماتي العديد من المتناقضات داخل منظومة التربية العربية، حيث أوضحت هذه المتناقضات أن تربيتنا زائغة البصر بين إلحاح المستقبل وعهدة الماضي و قيود الحاضر، بين عصر هادر بالمتغيرات لم تتحدد مطالبه التربوية بعد، وتراث ماضي عليها أن ترعاه لم يتم تحليله بالقدر الكافي الذي يكشف عن أبعاده المعرفية والتربوية.
وقد ظهرت هذه المتناقضات علي شكل مجموعة من الثنائيات المتضادة كما يلي:
- تحرير الفرد وإطلاق قدراته في مقابل سلام المجتمع واستقراره
- العالمي في مقابل المحلي - الكلي في مقابل الخصوصي
- الروحي في مقابل المادي - التقليدي في مقابل الحداثي
- الحاجة إلي التنافس في مقابل تكافؤ الفرص
- التوسع في المعارف في مقابل القدرة علي استيعابها.
ونتيجة لتلك المتناقضات فإن التربية العربية تواجه موقف صعب للغاية، فقد أصبح لزاماً عليها أن تجدد رؤيتها الفلسفية لمواجهة المتغير المعلوماتي في ظل غياب فلسفة اجتماعية عربية، وقصور الوعي العام في إدراك الجوانب التربوية العديدة لظاهرة المعلوماتية.
وقد فرضت المعلوماتية و إشكالياتها علي المجتمعات العربية نوعية معينة من التربية، إنها تربية عصر المعلومات والتي تسعي لإنتاج بشر بمواصفات مغايرة عن الذي أفرزته تربية عصر الصناعة. إنها تربية جديدة ليست قائمة علي التحصيل وإكساب المهارات وإنما هي تربية القدرة لدي الفرد علي مواجهة ظاهرة العلم الضخم Big Science والانفجار المعرفي واتساع نطاق الخبرات والمهارات، وذلك بأن تجعل هدف التعليم هو تعليم الطالب كيف يتعلم How To Learn أو كيف يفكر لا فيما يفكر، وتصبح بالتالي مناهج اكتساب المعرفة وتنمية المهارات الذهنية أهم من تحصيل المادة المعرفية ذاتها.



المعلوماتية - التحدي التربوي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع