مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


العالمية ومنهج تعامل القواعد الدولية مع الحقوق الأسرية

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


05/08/2022 القراءات: 1482  


العالمية ومنهج تعامل القواعد الدولية مع الحقوق الأسرية
الأستاذ المساعد الدكتور وسام نعمت إبراهيم السعدي/ كلية الحقوق - جامعة الموصل/ wisamalsaad@uomosul.edu.iq
يعرف البعض العالمية بأنها: (ما هو مشترك إنسانيّ وهو مطلب فلسفي وإنساني، يحيل على مجموع القيم والمبادئ كالعدالة وحقوق الإنسان والحريّة. لذلك عُدَّ الكوني الفضاء أو الأفق المشترك الذي يحمل الصّفات أو الخصائص المشتركة التي تُوحّد البشر رغم تنوّع واختلاف خصوصيّاتهم).
ولقد أصبحت الأطراف الدولية المختلفة معنية بإبراز حقوق الإنسان ومشتملاتها، وأصبح مبدأ احترام هذه الحقوق احد المعايير المهمة في تحديد العلاقات والمعاملات الدولية، وكذلك في قياس التطور السياسي لأي دولة من الدول ولأي مجتمع من المجتمعات وقد يتخذ مقياس النمو وتلبية الحاجات الأساسية التي تستخدم في تحديد مستوى تطور الدول اقتصادياً ومادياً ، فالمفهوم يكتسب عالمية جديدة ذات فعالية اكبر بعد أن كان مجرد شعارات تتضمنها نصوص اتفاقيات دولية أبرمتها الأمم المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبهذا التصور يبدأ التحرك نحو أكساء حقوق الإنسان- بمفهومها الواسع وحقوق الأسرة كأحد مكوناتها- في الخطاب القانوني الدولي صبغة عالمية في مجال التنظيم والحماية.
وفي توجه أخر نحو تكريس الفهم العالمي لحقوق الإنسان يؤكد بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة على حقيقية أن:(الصراع من اجل حقوق الإنسان يظل في مقدمة اهتمامات الأسرة الدولية، وان الأمم المتحدة تواصل تحريك قواها وجهودها حتى يأتي اليوم الذي تصبح فيه مسالة حقوق الإنسان اللغة المشتركة للإنسانية جمعاء).
وعالمية حقوق الإنسان لدى البعض تعني امتلاك كل البشر منظومة من الحقوق غير القابلة للتصرف والتي لا يمكن إنكارها باعتبارها حقاً مكتسباً منذ ولادتهم، وهذا ما يعد بنظرهم انجاز إنساني كبير يستحق الدفاع عنه والتمسك به والنضال من اجل جعله حقيقة.
وتعني عالمية مبادئ حقوق الإنسان لدى البعض الأخر قابلية هذه المبادئ للتطبيق أو بالأصح وجوب تطبيقها في المجتمعات الإنسانية كافة أياً كان موقعها وأياً كانت التمايزات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تميز كل مجتمع عن الآخر
وعالمية مبادئ حقوق الإنسان تفصح بوضوح شديد عن مواثيق الشرعية الدولية لحقوق الإنسان. فالعبارة الأولى في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد إن الإقرار بالحقوق لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم ، ومن حقوق متساوية وثابتة على أساس الحرية والعدل والسلام في العالم ، ثم تتوالى مواد الإعلان لتحدد مختلف الحقوق وعند حديثها عن الأشخاص محل هذه الحقوق تستخدم عبارات عالمية مثل "الناس "الإنسان" الأفراد" وتبتعد عن استخدام ألفاظ ذات مفهوم سياسي أو قانوني مثل المواطنين أو الرعايا وغير ذلك.
وقد ارتبط فكرة عالمية الحقوق الأسرية بعالمية قضايا حقوق الإنسان وعالمية التنظيم القانوني لها، حيث أصبح لديهم من المقرر أن المسائل المتصلة بحماية حقوق الإنسان تخرج عن نطاق الأمور المتصلة بصميم الاختصاص الداخلي وتخضع لإشراف دولي، ولتحقيق حماية إيجابية وفاعلة لهذه الحقوق بدأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي ببذل جهوده منذ عام 1946 للوصول إلى إبرام اتفاقيات متعددة الأطراف بواسطة لجنة حقوق الإنسان باعتبارها هيئة إعداد وصياغة، وفي النهاية تم إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تعامل مع الحقوق الواردة فيه من منطلق أنها حقوق ذات طبيعة عالمية ساعد على ذلك أن إقراره في عام 1948 لم يلقى معارضة سوى بعض الدول (الكتلة السوفيتية ويوغسلافيا والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا)، وكانت الخطوة التالية وضع صيغ معاهدات عرفت باسم العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبرتوكول الإضافي الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتبنت الجمعية العامة هذه الوثائق الثلاث بالإجماع في عام 1966 والتي مثلت مرتكزات القانون الدولي لحقوق الإنسان والمجسدة للإطار العالمي للحقوق المنظمة بموجبها بما في ذلك الحقوق الأسرية.


حقوق الانسان - العالمية - الحقوق الاسرية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع