مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


المرء على دين خليله فلينظر المرء من يخالل

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


10/12/2022 القراءات: 413  


عن أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ  : « المرء على دين خليله فلينظر المرء من يخالل » . قَالَ الْعُلَمَاءُ : معناه لا تخالل إِلا من رضيت دينه وأمانته فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ، ومذهبه ، ولا تغرر بدينك ولا تخاطر بنفسك ، فتخالل من لَيْسَ مرضيًا في دنيه ومذهبه .
وَقَالَ سفيان بن عيينة : وقَدْ روي في تفسير هَذَا الْحَدِيث انظروا إلى فرعون معه هامان وانظروا إلى الحجاج معه يزيد بن أبي مسلم شر منه قُلْتُ : وانظروا إلى يزيد بن معاوية معه مسلم بن عقبة المري شر منه ، انظروا إلى سُلَيْمَانٌ بن عبد الملك صحبه رجَاءَ بن حيوة الكندي أحد الأعلام الأفاضل فقومه وسدده .

وَعَنْ أَبِي سعيد الخدري عن النَّبِيّ  قال : « تصَاحِب إِلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إِلا تقيٌّ » . قَالَ الْعُلَمَاءُ : معنى الْحَدِيث لا تدعوا إلى مؤواكلتك إِلا الأتقياء ، لأن المؤاكلة تدعو إلى الأفلة ، وتوجبها ، وتجمَعَ بين القُلُوب ، يَقُولُ النَّبِيّ  : « فتوخ أن يكون خلطاؤك وذوو الاختصاص بك أَهْل التقوى » .
وعن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  : « لا تلزموا مجالس العشائر فَإِنَّهَا تميت الْقَلْب ، ولا يبالي الرجل بما تكلم ناديهم ، وتفرقوا في العشائر فإنه أحرى أن تحفظوا في المقالة » .
وَقَالَ بَعْضهمْ : ينبغي للمُؤْمِنِ أن يجانب طلاب الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ يدلونه على طلبها ومنعها وَذَلِكَ يبعده عن نجاته ويقضيه عَنْهَا ويحرض ويجتهد في عشرة أَهْل الْخَيْر وطلاب الآخِرَة
قَالَ الْعُلَمَاءُ : قَدْ حَذَرَ النَّبِيُّ  من مُجَالَسَة من لا يستفيد المرء به فضيلة ، ولا يكتسب بصحبته علمًا وأدبًا .

وعن وديعة الأنصاري قال : سمعت عُمَر بن الْخَطَّاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ وَهُوَ يعظ رجلاً : لا تتكلم فيما لا يعنيك ، واعتزل عَدُوّكَ ، واحْذَرْ صَدِيقكَ إِلا الأمين ولا أمين إِلا من يخشى الله ويطيعه ، ولا تمش مَعَ الفاجر ، فيعلمك من فجوره ، ولا تطلعه على سرك ولا تشاور في أمرك إِلا الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ سُبْحَانَهُ .
ووعظ بَعْضهمْ ابنه فَقَالَ له : إياك وإِخْوَان السُّوء ، فَإِنَّهُمْ يخونون من رافقهم ، ويفسدون من صادقهم ، وقربهم أعدى من الجرب ، ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الأَدَب والدين والمرء يعرف بقرينه ، قال : والإِخْوَان اثنان فمحافظ عَلَيْكَ عَنْدَ البَلاء ، وصديق لك في الرخاء ، فاحفظ صديق البلية ، وتجنب صديق العافية فَإِنَّهُمْ أعدى الأعداء
وعن شريك بن عَبْد اللهِ كَانَ يُقَالُ : لا تسافر مَعَ جبان فإنه يفر من أبيه وأمه ، ولا تسافر مَعَ أحمق ، فإنه يخذَلِكَ أحوج ما تَكُون إليه ، ولا تسافر مَعَ فاسق فإنه يبيعك بأكلة وشربة .
وَعَنْ أَبِي مُوَسى الأشعري قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ  : « إن الله خلق آدم عَلَيْهِ السَّلام من قبضة قبضها مِنْ جَمِيعِ أجزاء الأَرْض فَجَاءَ بنوا آدم عَلَى قَدْرِ الأَرْض ، مِنْهُمْ الأحمر ، والأسود ، والأَبْيَض ، والسهل ، والحزن .
قَالَ الْعُلَمَاء : في هَذَا الْحَدِيث بيان أن النَّاس أصناف ، وطبقات ، وأنهم متفاوتون في الطباع والأَخْلاق ، فمِنْهُمْ الْخَيْر الفاضل ، الذي ينتفع بصحبته ، وصداقته ، ومجاورته ، ومشاورته ، ومقارنته ، ومشاركته ، ومصاهرته ولا ينسى ما أسديت إليه من معروف عِنْدَمَا كَانَ مُحْتَاجًا .

وَمِنْهُمْ الرَّدِيء الناقص العقل الذي يتضرر بقربه ، وعشرته ، وصداقته وَجَمِيع الاتصالات به ضرر وشر ، ونكد ، وشبه ما لهَذَا الدلب المسمى الخنيز ، وبَعْضهمْ يسميه شباب النار ، فهَذَا النبت يمص الماء عن الشجر والزرع ويضيق عَلَيْهِ ، ويضر من اتصل به. ومنها السباخ الخبيثة التي يضيع بذورها ، ويبيد زرعها وما بين ذَلِكَ على حسب ما يشاهد منها ويوَجَدَ حسًا .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ  : « النَّاس معادن )) . قال الخطابي على هَذَا الْحَدِيث ، وفي هَذَا القول أيضًا بيان أن اختلاف النَّاس غرائز فيهم ، كما أن المعادن ودائع مركوزة في الأَرْض فمنها الجوهر النفيس ، ومنها الفلز الخسيس .
وكَذَلِكَ جواهر النَّاس ، وطباعهم ، منها الزكي الرضي ، ومنها الناقص الدنيء . وإذا كَانُوا كَذَلِكَ ، وكَانَ الأَمْر على العيان مِنْهُمْ مشكلاً واستبراء العيب فيهم متعذّرًا فالحزم إذًا الإمساك عنهم، والتوقف عن مداخلتهم إلى أن تكشف المحنة عن أسرارهم وبواطن أمرهم فيكون عَنْدَ ذَلِكَ إقدام على خبرة أو إحجام عن بصيرة .

ولعلك أسعدك الله إذا خبرتهم ، وإذا عرفتهم أنكرتهم ، إِلا من يخصهم
الثُّنْيَاءُ وَقَلِيْلٌ مَا هُمْ ، وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ  كَانَ جَالِساً ذَاتَ يَوْمٍ وَقُدَامُه قَوْمٌ يَصْنَعُوْنَ شَيْئًا كَرِهَهُ مِن كَلامٍ وِلَغَطٍ ، فقِيْل َ : يَا رَسُولَ اللهِ أَلا تَنْهَاهُمْ ؟ فَقَالَ : « لَوْ نَهَيْتُهُمْ عَنْ الْحجَون ، لأَوَشَكَ بَعْضُهمْ أَنْ يَأَتِيهُ ، وَلَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ » .

قَالَ الْخَطَّابِيّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ : قَدْ أَنْبَأَ النَّبِيُّ  بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الشَّرَّ طِبَاعٌ فِي النَّاسِ ، وَأَنَّ الْخِلافَ عَادَةٌ لَهُمْ . قُلْتُ : وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِصَةُ آدَمَ وَحَوَاءَ حِيْنَمَا نَهَاهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الأَكِلِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَكَلا مِنْهَا .
فَبَعْضُ النَّاسِ نَهْيُهُ عَنْ الشَيْء كَأْنَّهُ إِغْرَاءٌ لَهُ فِيهِ ، فَإِذَا نَهَيْتُه عَنْ شِدَةِ الإقْبَالِ على الدُّنْيَا والإقْلالِ مِنْ مَحَبَّتِهَا ، ازْدَادَ وَفَطِنَ لأَشياءِ قَدْ نَسِيَهَا .

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الشَّرُّ فِي طِبَاعِ النَّاسِ ، وَحُبِّ الْخِلافِ لَهُمْ عَادَةٌ ، وَالْجَورُ فيهم سُنَّةٌ .ا.هـ.


المرء على دين خليله فلينظر المرء من يخالل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع