مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


الشخصية القانونية للمنظمات الدولية

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


16/06/2022 القراءات: 5348  


يقصد بالشخصية القانونية للمنظمة الدولية، قدرة المنظمة على اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات والقيام بالتصرفات القانونية ورفع الدعاوى أمام القضاء. والقاعدة في الفقه والقانون الدولي التقليدي بأن الشخصية القانونية الدولية لا تثبت إلا للدول. لان الدولة وحدها هي شخص القانون الدولي المخاطبة بأحكامه، والتي يكون لها أهلية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات والقيام بالتصرفات القانونية واللجوء إلى القضاء. ولما كانت المنظمات الدولية، مع تطور العلاقات الدولية وتشعبها، أصبحت تؤدى دوراً هاماً ورئيسيا في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتباشر العديد من التصرفات القانونية التي تقوم بها الدول – كإبرام المعاهدات، والتقدم بمطالبات دولية، والدخول في علاقات مع الدول والمنظمات الدولية الأخرى و مساهمتها في إنشاء قواعد قانونية دولية جديدة، وجميعها مظاهر للتمتع بشخصية القانون الدولي على صعيد العلاقات الدولية، وإن التمتع بالشخصية القانونية من الخصائص الرئيسية لكل منظمة والتي تجد مصدرها في الوثيقة المنشئة في جملتها، دون حاجة إلى نص يقررها صراحة.
وأكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الشهير الصادر في 11 نيسان 1949 على الاعتراف بالشخصية الدولية للمنظمات الدولية ، بإشارتها إلى إن الأمر يقتضى أن تتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية في كل من النظام القانوني الدولي والنظم القانونية الوطنية وذلك لضمان ممارسة حقوقها واحترام القانون الدولي.( )
والمنظمات الدولية كالأشخاص الاعتبارية تتمتع بحد أدنى من الشخصية بغرض تمكينها من أداء وظائفها، ولذلك فهي توصف بالشخصية الوظيفية. وإذا كان الثابت في النظم القانونية الداخلية أن الأشخاص الاعتبارية تتمتع داخل الدولة التي توجد على إقليمها بشخصية قانونية داخلية فيكون لها حق التعاقد، والحق في اكتساب وبيع الأموال المنقولة والعقارية، وكذا الحق في رفع الدعاوى، فإنه من الضروري أيضا التسليم للمنظمات الدولية بشخصية قانونية داخلية لاسيما وهى لا تملك – شأن الأشخاص الاعتبارية – إقليم خاص بها ولا تستطيع أن تمارس وظائفها إلا على إقليم الدول.
فيكون لها أن تبرم اتفاقا بمقتضاه تنشئ مقراً لها على إقليم دولة عضو وهى ما تسمى بدولة المقر، وتكون لها أهلية التعاقد مع الأفراد بالنسبة للأعمال القانونية المتعلقة بالحياة العادية، وكذلك تتعاقد مع الأشخاص الطبيعية والاعتبارية لتأمين أداء خدماتها، ومع منظمات أخرى أو مع حكومات أو إدارات وطنية من أجل عمليات المساعدة الفنية التي تقدمها المنظمة، وبصفة خاصة تتمتع بأهلية اكتساب وبيع الأموال المنقولة والعقارية وبأهلية المثول أمام القضاء.
وإذا كانت جميع هذه الحقوق والصلاحيات تمارسها المنظمات الدولية في أقاليم الدول الأعضاء دون معارضة أو منازعة منها، فإن هذا يعنى التسليم والاعتراف للمنظمات الدولية بشخصية قانونية داخلية. وتطبيقا لذلك جرت العادة على تضمين المواثيق المنشئة للمنظمات الدولية نصوصا تضفى عليها الشخصية القانونية الداخلية. هذا وتلتزم الدول الأعضاء في المنظمات الدولية بسن القوانين وإصدار اللوائح التي تكفل تيسير ممارسة المنظمات الدولية لشخصيتها القانونية الداخلية في أقاليمها.


المنظمات الدولية - الشخصية الدولية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع