مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


قسمة الدين إلى قشر ولب تؤثر في قلوب العوام أسوأ تأثير

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


21/01/2023 القراءات: 299  


وقسمة الدين إلى قشر ولب تؤثر في قلوب العوام أسوأ تأثير، وتورثهم الاستخفاف بالأحكام الظاهرة، وينتج عنها الإخلال بهذه الأمور التي سميت قشورًا، فلا تلتفت قلوبهم إليها، فتخلو من أَضعف الإيمان ألا وهو الِإنكار القلبي الذي هو فرض عين على كل مسلم تجاه المنكرات.
والتفريط في مُحَقَّراتِ الأعمال يؤدى إلى التفريط في عظائمها، لأن استمرار هذا التفريط يتحول مع الزمن إلي عادة تنتهي بصاحبها إلى قلة الاكثرات بأمور دينه، والتهاون بها.
ونحن إذا تسامحنا معهم في هذه القسمة إلى قشر ولب، فإننا نلفت أنظارهم إلى أن قياس أمور الدين على الثمار من حيث إن لكل منهما قشرًا ولبًّا، وظاهرًا وباطنًا، لا يعني أن القشرة التي أوجدها الله للثمرة إنما خُلِقتْ عبثًا، حاشا وكلا، بل لحكمة عظيمة وهي المحافظة على ما دونها وهو اللب نفسه، وهذا محملنا على أن لا نستهين بالقشر من حيث كونُه حارسًا أمينًا على اللب، وهكذا الشأن في أمور الدين الظاهرة.
ومن هذا القبيل: تقسيم الدين إلى أصول وفروع، فإن العلماء الذين فعلوا ذلك لا يظن بهم أنهم قصدوا بذلك التقسيم إيجاب الاتفاق على الأصول، ثم التسامح مطلقًا في الفروع، كما يظن بعض متفقهة هذا الزمان، فتراهم يميعون كل قضية فرعية بدعوى أن اختلاف الأمة ما دام في الفروع فهو رحمة، وهذا أصل قولهم: " مَنْ قَلَّدَ عالمًا لقى الله سالمًا ".
وهذا بدوره قد أدى ببعضهم إلى اتباع الهوى والترخص دون تحري الدليل، ويلزم من ذلك القول بأن الاتفاق سخط، وهذا ما لا يقوله مسلم، ولو أنهم كانوا يرون أن " الخلاف شر " كما قال ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، بل كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، لَسَعَوْا إلى الاتفاق، ولأمكنهم ذلك في كثير من هذه المسائل المتناقضة التي لا يمكن التوفيق بينها، إلا بِرَدِّ بعضِها الخالفِ للدليل وقبولِ البعضِ الآخر الموافقِ له، وإلا فقد نسبوا إلى الشريعة التناقضَ، والله عز وجل يقول:
{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (1).
فإذا كان الاختلاف ليس من الله فكيف يصح جعلُه شريعةً متبعةً، ورحمةً منزلة؟ فالواجب التخلص من الخلاف ما أمكن، أو تضييق دائرته عملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " سَدِّدُوا وقاربوا " (2)، وهذا ممكن في كثير من المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يُعرف بها الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، ثم بعد تحري الدليل والعجز عن التخلص من الخلاف يعذر بعضهم بعضًا فيما قد يختلفون فيه (3):
والذين قسموا الدين إلى قشر ولب ركبوا مطايا الخير للشر، فاستدلوا على بدعتهم ببعض النصوص:
* منها: ما رواه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى " (1) الحديث.
* ومنها: ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن الحلال بَيِّنٌ، وإن الحرامَ بَيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهاتِ فقد استبرأ لدينه وعِرْضِه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتعَ فيه، ألا وإن لكل مَلِكٍ حِمى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صَلُحت صلَح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلب " (2).
* ومنها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم "


قسمة الدين إلى قشر ولب تؤثر في قلوب العوام أسوأ تأثير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع