طوفان الأقصى، مواقف وعبر، (٨) السرّيّة والكتمان
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
16/10/2023 القراءات: 884
هل رأيتم عجباً كمثل الكتمانِ المطبِقِ والسّرّيّةِ التامّةِ على معركة #طوفان_الأقصى ؟!، حتى لم يتسرّب من خبرِها شيءٌ إلى حينِ وقتِ تنفيذها، أو قبلَه بقليل على تسليم صحّةِ بعضِ الأخبار - وهي لا تزال محلّ جدلٍ -، وقد استغرق التخطيط والإعداد عامينِ، واستدعى الاستعانةَ بما يزيد على أربعة آلاف من المقاومين، واستلزمَ معرفةَ مواقع العـ.ـدوِ ومهمةَ كلِّ موقع وغير ذلك مما هو مدعاة لتسرّب الخبر عادةً.
إنّ هذا لشيءٌ عُجابٌ، إلا أنّ هذا العجبَ يتلاشى حين يكون ذلك من ثلّةٍ من المؤمنينَ الذين كرعوا من مشكاةِ النبوّة، فقد كانَ منهج الرسولِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - التكتّم الشديد على ما يريد الإقدام عليه في المجال العسكريّ والاستخباراتيّ،،،
فقد أرسل عبدالله بن جحش على رأس سريّة، وخرجت السريّة ولا تعلمُ وجهتَها الحقيقيّة ولا مهمّتها الدقيقة، ولا يعلمُ أهل المدينة كذلك عن ذلك شيئاً، وأعطى قائدَ السريّة رسالةً، وأمره أن لا يفتحَها إلا بعد مسيرِ يومينِ عند وصولِه إلى موضع يقالُ له (نخلة)، ثم إنْ فتحَها وأدرك المهمّة الموكولة إليه مضى في تنفيذِها،،،
وكذلك يتجهّز الرسولُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - للخروج لفتح مكّة، وقد أخفى نيّتَه ووِجهتَه، حتى عن صاحبِه أبي بكر الصديق، بل عن أهله، حتى سألَ أبو بكر ابنته عائشة بعد أن علمَ بأنّه أمرَهم بتجهيزِه عن مقصدِه، فأجابت بأنها لا تدري، ثم من بعدُ أمرَ الرسول - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - الناس أن يتجهّزوا لفتحِ مكّة، وحرص على أن لا يصل خبر إلى أهل مكة، وتعامل مع ذلك بكلّ حزم، بل لعظم الخطر المترتب على تسريب الخبر أوحى الله لنبيّه الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - نبأ ما فعل حاطب بن بلتعة من إرسال خطاب بذلك إلى مكة، فأرسل بتتبّع المرأة حاملة الخطاب، وشدّد عليها عليّ لما أدركها حين لم تفصح عنه، حتى هدّدها بأن تخرج الكتاب أو ليجرّدنّها، فلما رأتِ الجدّ أخرجته.
فالعبرة من ذلك:
أن تستعين أمّة الإسلام على قضاء حوائجها بالكتمان.
سيف بن سعيد العزري
عشيّة الاثنين 1 ربيع الثاني 1445هـ،
الموافق له 16 أكتوبر 2023م.
طوفان الأقصى، القسام، فلسطين، غزة،
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة