[طلاب العلم والإصابات الروحية]🌿
د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer
09/06/2024 القراءات: 486
#لطلبة_العلم:
[طلاب العلم والإصابات الروحية]
- الإصابة الروحية بمعنى: (الإصابة بالعين أو الحسد أو المس أو السحر)
(الجزء الأول):
كثير من طلاب العلم يصيبهم التبلّد تجاه العلم، والعبادة، فتنقلب عليه نفسه بعد أن كانت نشيطه، وربما يُقلب فهمه وعقله بعد أن كان لامعاً حاذقًا، وقد يتغيّر منهجه أو يكره شيخه وغير ذلك من الاحتمالات الكثيرة.. فيظن أن ذلك مما يدخل ضمن قوله ﷺ: "لكل عمل شِرة ولكل شِرة فترة"، أو يظن بالله سوءًا أنه كرِه انبعاثه فثبّطه، أو أن هذا الحال لا يصلح له وغير هذا من سيء الظنون..
والحقيقة على وجود الأسباب النفسية التي قد تصرف الإنسان عن طاعته وتزعزع ثباته أو ربما أنكَسته، وثبّطت طلبه للعلم، إلا أن هناك سبب قويّ غائب عن الألسنة، ولا يُنظر إليه، وهو ما أتحدث عنه الآن من واقع خبرة وتكرار نظر..
وهو السّبب الروحي (الإصابة الروحية)، وتأتي هذه الإصابة على مستويات، فمنها ما تعطّل على طالب العلم طلبه للعلم وتثقله، فمثلا: يهبط عليه النعاس، أو يصاب بعسر الفهم وبطئ الاستيعاب، أو السرحان والتشتت، أو الضيقة، أو كلما أراد طلب العلم تذكر أمرا مهما يجعله ينقض قعوده لطلب العلم، وغير ذلك مما قد يُظر إليه كسبب مادي او نفسي..
وهناك مستوى آخر وهو مستوى المنع الكلي، فلا يقدر على الطلب أصلا أو الاستمرار فيه، ولا العبادة والغوص فيها، وهذا مستوى أعلى يعتمد على قوّة الإصابة ووقوعها..
فإصابة العين معلوم أنها قد تقتل الإنسان، بل تبلغ به إلى حد الانتحار كما في الحديث "إن العين لتولع بالرجل حتى يصعد حالقا فيتردى منه"، بمعنى أن يصعد إلى جبل شاهق فيرمي نفسه منه..
فكيف بما هو دون ذلك، فإذا كانت تسلب الإنسان حياته فمن باب أولى أنها قد تسلب المسلم طاعة من طاعاته بالكلية.
ومما يدل على هذا قصة سحر النبي ﷺ، فقد مُنع عن جماع زوجاته، وإتيان الزوجة طاعة كما في الحديث عندما سئل النبي ﷺ هل يؤجر المرء بجماع زوجته؟ فقال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"
والإصابة الروحية لا يلزم أن تعرف مصدرها، بل قد تكون من الجن، فيُصاب الإنسان بالعين من جني لا يراه، ولا يحس بوجوده، فيفقد نعمة ويتعرقل رزقه بسبب عين جان، ففي الحديث عن أم سلمة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة، فقال: استرقوا لها، فإن بها النظرة "
قال الحسين بن مسعود: وقوله "سعفة" أي: نظرة، يعنى من الجن. يقول: بها عين أصابتها من نظر الجن، أنفذ من أسنة الرماح.
فلا يُعترض على الكلام أعلاه بقول: "لا أحد يحسدني"، أو "ليس فيّ ما يثير العجب"، فإن لعالم الجن معايير أخرى تختلف عن معايير الإنس، فيكون الجميل عندك قبيحا عندهم، والقبيح عندك جميلا عندهم، وقد رأينا من ذلك كثير.
والأمر ليس بالهيّن، وليس كما يُظن أن احتمال وقوعه بسيط ولا يُلتفت إليه، فكيف يكون هيّنا وقد أنزل الله لك سورة الفلق تتعوذ به من السحر والعين فيها في اليوم ١٤ مرة؟
١- فقوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد}، يدل على السحر، فقد قال رسول الله ﷺ: "من عَقَد ونفث فقد سحر"، فالنفث في العقد الذي في الآية: السحر.
٢- وقوله تعالى: {ومن شرّ حاسِد إذا حَسَد} يدل على العين، فقد رقى جبريل عليه السلام رسول الله ﷺ بقوله: "... ومن شرّ كل نفسٍ أو عينِ حاسِدٍ الله يَشفيك" فأعاد الحسد إلى العين، والحسد نوع من أنواع العين.
وأنت تتعوذ في اليوم من السحر والعين بعد كل صلاة مرة، ومع اذكار الصباح ٣ مرات، وأذكار المساء ٣ مرات، وقبل النوم ٣ مرات، ويكون هذا الأمر هيّنا ولا يَلتفت له المسلم -فضلا عن طالب العلم المحسود-، إلتفاته جادة؟
ولم يضع الله عز وجل التعوذ به من السحر والعين في أي تعويذة، فلم يرد ذلك في السنة فقط، بل ورد ذلك في كتابه، وقد قال رسول الله ﷺ أنها: "أفضل ما تعوّذ به المتعوّذون"، وفي حديث آخر قال: "ما تُعوّذ بمثلهما"، وفي حديث آخر ثالث قال: "يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟" ثم أخبره بالفلق والناس.
فانظر إلى خيرهن، وفضلهن في التعوذ، ومع ذلك جعل الله فيهن التعوذ به من السحر والعين!
وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أمرين:
١- كثرة وقوع السحر والعين
٢- أهمية علاجهما
لأن التعوّذ كان ١٤ مرة في اليوم، وعلى أوقات مختلفة وأحوال مختلفة، وهذا يدل على تكرار الوقوع، وأهميته إزالته أو التحصين منه.
ومما يدل على كثرة وقوع الإصابة بالعين تحديدا بأنواعها، قول رسول الله ﷺ: "أكثر موتى أمتي بعد قضاء الله وقدرته بالأنفس"، بمعنى: "أكثر موتى هذه الأمة بعد القضاء والقدر بالعين"
هل تصورت يا من تقرأ؟ أعد قراءة الحديث مرة أخرى، أوَعيته؟ =
طلاب-علم
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع