مدونة سعد رفعت سرحت


صيغة تحذير منسيّة(حذف"لا المعترضة"بين أنْ المصدرية والمضارع

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


19/04/2022 القراءات: 816  




وردت هذه الصيغة في مواضعَ كثيرة من القرآن والحديث وكلام العرب،وقد وقفنا على أكثر من ٱثني عشر موضعًا فمن ذلك:

_في المائدة:١٩(أن تقولوا ما جاءنا من بشير)
_في النساء:١٧٦:(يبين الله لكم أن تضلوا)
_في الاعراف: ١٧٢(أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).
_في هود: ٤٦(إني اعظك أن تكون من الجاهلين).
_في الكهف:٥٧(إنّا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه)
_في الحجرات :٢_ ٦(أن تحبط أعمالكم)و(فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة)
في النور:١٧_٢٢(يعظكم أن تعودوا لمثله)و(أن يؤتوا أولي القربى)
_في الحج:٦٥(ويمسك السماء أن تقع على الأرض)
_في فاطر:٤١(إن الله يمسك السموات و الارض أن تزولا)
_في النحل:١٥(.......أن تقع على الأرض)
في لقمان:١٠(أن تقع على الارض)


إنّ ما يشغل المُعْرب_مثلًا_ في قوله تعالى من سورة النساء١٧٦:(يبيّن الله لكم أن تضلّوا)إعراب المصدر المؤول و لمحُ معنى النفي،و لعلّه يستبعد فعل التحذير المتضمّن في الصيغة،لأن الآية تحذير ليس إلّا،فلا حاجة للإشارة إليه،وهكذا يخرج من هذه الآية _بعد البحث في كتب الإعراب والتفاسير_ بثلاثة أقوال:


1_في الآية (لا)محذوفة ،على تقدير(لئلا تضلّوا)وهو كثير في كلام العرب .

2_على تقدير مضاف :(كراهة أو خشية أن تظلوا ) ثم حذف المضاف ،لأنه مفهوم .


3_على معنى:(يبين الله لكم الضلالة ،فاجتنبوها).



وكلّ هذه الأقوال تصرّح بوجود النفي،و لكنها لا تشير الى أنّ هذه الصيغ من صيغ التحذير،ففيها ملمح للحذر(يبين الله لكم فاحذروا الضلالة)وعلى هذا يمكن تأويل المصدر المؤول ب(حذرَ أن تظلّوا).


فالإشارة إلى تضمّن هذه الآيات معنى التحذير وجعل هذه الصيغة من صيغ التحذير الشائعة ضرورة لا بدّ منها،وممّأ ورد منها في الحديث الشريف،قوله صلى الله عليه وسلم:((الله أكبر،الله أعزّ من خلقه جميعا،الله أعزّ مما أخاف وأحذر،أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو،الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلّا بإذنه))


في الحديث معنى النفي واضح،ويمكن تأويله بالنفي الضمني وبالنفي الصريح أيضًا:فالإمساك يتضمن معنى عدم الوقوع.
والأقرب هو تقدير(لا النافية)ليكون المعنى(ألّا يقعنَ على الأرض)إذ يستحيل أن يمسك الله تعالى السماوات السبع لكي يقعن على الأرض.ثمّ إن الاستثناء المفرغ لا يأتي في المثبت.


أمّا عن إعرابه فالأسهل إعراب المصدر المؤول(أن يقعن)في محل نصب مفعول لأجله على تقدير ( مخافة أو حذرَ أنْ يقعن) أو(لئلّا يقعنَ)ويجوز إعرابه على البدلية(الممسك السموات وقوعهنّ على الأرض)إذ يستقيم حذف السموات فيكون المعنى(الممسك وقوع السموات) وعلى كلّ حال يتضمّن الإمساك معنى النفي،ولكن ماذا عن التحذير:

نلمح في هذه الصيغة معنى التغليظ في التحذير،أي الحذر من إمكان وقوع السموات على الأرض بإذنه تعالى،وهذا الحذر هو أشدّ وأكبر ممّا يحذره العبد من فلان وفلان،وكأنّ معنى الحديث( الله أعزّ مما أخاف وأحذر ،وحذري من أن يقع السماوات على الأرض أكبر من حذري فلانًا).


ولا أدري لِمَ لم يجعل النحاة هذه الصيغة من صيغ التحذير المطّردة؟.


صيغة تحذير منسيّة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع