مدونة سعد رفعت سرحت


١ /٧ و شخصية العراقي المنوالية

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


30/06/2022 القراءات: 844  




وأنت تقرأ قوله تعالى:(من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم....الآية)فيه تستطيع أنْ تتمثّل مفهومي (المتوسط الحسابي _ والمنوال)اللذين درستموهما في مادة الإحصاء، فلا حاجة إلى أن نطيل في شرحهما.



كان الأنثروبولوجيون_ولغايات بعيدة_أخذوا يطبقون المتوسط الحسابي على الأجناس البشريّة،فظهرت لديهم مفاهيم (متوسط الشخصيّة،الشخصية الوسط،الشخصيّة المنوالية ،الشخصيّة النمطية...إلخ)وهم يريدون بذلك الشخصية القومية العامة المنتقاة إجمالًا من روح شعب ما،لذلك تُعرف الشخصية المتوسطة بأنها:((الشخصية النموذجية التي يشترك عليها أغلب أعضاء المجتمع...))و أشهر من اعتمد الشخصية المنوالية من الانثروبولوجيين العالمان الأمريكيان (رالف لينتون)و( أبراهام كاردنر).


والأنثروبولوجيون ،على الرغم من ادّعائم الدقّة وتوخّي الصدق للوصول الى هذه الشخصية ،إلّا أنهم غير بعيدين عن المنوال الشعبي ،فالمعايير التي تميّز مجتمعًا ما عند الأنثروبولوجيين لا تختلف عن المعايير التي تعتمدها عامة الناس لوصف الفلانيين والعلانيين،وهي في الحقيقة معايير شعبية عشوائية تفرز جماعة عن أخرى وفق نظام(الكوتره) فالأنثروبولوجيين وإنْ توخوا الدقة العلمية و وصفوا معاييرهم بالتجريبية،إلّا أنهم لا يختلفون في ذلك عن كبار السنّ في القرى والأرياف ممّن يمتهنون ثقافة الفرز وقراءة الوجوه والملامح !.



حين سمعت أول مرة بمفهوم الشخصية المنوالية في مادة الانثروبولوجيا تمثّلتْ لي هويةُ الأحوال المدنية العراقية،فلو نظرنا في هوية الأحوال المدنية للعراقيين لكان أغلب بيانات لون البشرة تتراوح بين (أسمر-حنطي)و لون العيون (أسود- بني)و لون الشعر (أسود- نرجسي) الطول عند الكبار لا يخرج عن(١٥٥_١٦٥_١٨٠).وعند الأطفال(٥٠_٥٥) ولا يهمّّ ما إذا كان لون صاحب الهوية أبيض أو أشقر أو أسود البشرة،بل يكفي لتقبّل هذا اللغط أنّ العراقيين يطربون حين يسمَّون ب (ولد الملحة)مع أنّ العراقيين فيهم الأشقر والأبيض والأحمر بكثرة لافتة، لا أدري و لكنّ في العراقيين ميل عجيب إلى اللون الأسمر واللون الحنطي.


هذه البيانات_أغلبها_مقحمة على تركيبة العراقي ،و لكنها تخضع لمبدأ المتوسط أو المنوال الشعبيّ، أي على المقياس العام الذي يميّز شعبًا معينًا بمجموعة خصائص جماعية،و أغلب الظنّ أنّ للسلطات و القوى الامبريالية يدًا في فرض هكذا مقاييس وجعلها مقبولة في المتخيل الجمعي،ولعلّ بيانات هوية الأحوال المدنية العراقية توقفنا على مدى محاولة اشتراك أبناء المجتمع على خصائص وصفات معينة وإن شذّوا عنها،فالذي أراه أنّ قوّة خفية أدت دورًا في تغليب هذه الصفات وإقحامها على تركيبة الشعب التي لا يجمعها جامع،وبما أنّ هذه الأوصاف تدخل في متن الشعارات الحربية بقدر دخولها في متن قصائد الغزل،فإنّ التأويل الراجح لدينا هو محاولة عسكرة الشخصية العراقية وتطبيعها على البطولة و الفداء،ويكفي دليلا على هذا قول المغني الشعبي:(يا الاسمر يا الحنطاوي طولك مدفع نمساوي)فالجميع بين المدفع النمساوي و اللونين المحببين لدى العراقيين لم يأتِ من فراغ .


ما أريد قوله هو أنّ إخصاع تركيبة شعب ما _خطابيًّا_ لمقياس معين، يعني محاولة إخضاعه لنسق خاص يخدم سياسة المسيطر ويرفد آيديولوجية المتغلب،و من هنا لا يسعني وأنا أجد أن يوم ١ / ٧ هو تاريخ ميلاد قيامة من العراقيين _إلّا أن أراجع جرد الانتصارات والانتكاسات العسكرية التي حدثت في مستهل تموز،وفي رأيي أنّ هذا اليوم يناسب التركيبة الحربية التي فُرضت على العراقيين.






١ تموز ميلاد أغلب العراقيين _الشخصية المنوالية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع