مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب). (8)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


30/04/2022 القراءات: 786  


(أمي)
للشاعر السوداني الهادي آدم (1927 - 2006م) قصيدة رائقة عن الأم، هذه أبياتٌ منها:
مَنْ كان يَسقيني ومَنْ ذا يطعمُ ... وأنا على مَهدي أصمُّ وأَبكـــــمُ
مَنْ ذا يُترجِم صرختي ويحيلُها ... معنىً فيُدركُ ما أقولُ ويفهـمُ
مَنْ ذا يطيعُ أوامري ومَن الَذي ... في ليله ونهارهِ أتحكَّـــــــــمُ
أُمِّي ويا لَفُؤادِها مِـــنْ جنــّةٍ ... كمْ ذا نعِمْتُ بها وكمْ ذا أَنعـمُ
كمْ كُنتُ أملأُ ليلها ونهارها ... عبثًا يضيقُ الصَّدرُ عنهُ فتحلـمُ
ولكمْ مرِضْتُ فلمْ يُحالِف جَفنها ... غُمضٌ فتَسهدُ والبريةُ نُوَّمُ
أشكُو فتشكُو ما أُحِسّ كأنّني ... مِنْ جِسمها عضوٌ يزال فُيعدمُ
حتى إِذا كشفَ السقامُ قِناعهُ ... عنْ مقلتيَّ وزالَ ما تتَوهّــــمُ
طفرتْ دُموعُ البِشرُ تَرسمُ فرحةً ... فيها الحنانُ العبقريّ مجســمُ
حاشا الأُمومة ما نسيتُ حقوقها ... وعهودِها فهيَ الأبرُ الأرحــمُ
***
نمطٌ من المطالعة:
إبراهيم بن حسن الكوراني: كان واسع الاطلاع قوي الحافظة، وقيل: إنه لا يطالع كتابًا فيحتاج حال مطالعته إلى معرفة علم من العلوم مما وقع ذكرُه أو الاستدلالُ به في الكتاب الذي يطالعه، إلا قطعَ مطالعته وأقبل على ذلك العلم حتى يُتقنه ويُحقّقه، ولهذا اجتمع له من المعارف والفنون ما لم يجتمعْ لغيره من أهل عصره!
***
سهو في تعيين كتاب:
قال ابنُ الجوزي في "تعظيم الفتيا" طبعة الدار الأثرية في عمّان ص (75):
«وقال الآجري: أنا جعفر بن محمد الصندلي، نا محمد بن المثنى، قال: ‌سمعتُ بشر بن الحارث يقول: ‌سمعتُ المعافى بن عمران يذكر عن سفيان قال: أدركتُ الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا».
وعلق الشيخ المحقق بقوله: لعل المعافى ذكرَ ذلك في كتابه "تذكير العاقلين وتحذير الغافلين".
قلتُ: هذا الكتاب: "تذكير العاقلين" للمعافى بن زكريا (المتوفى سنة 390)، لا المعافى بن عمران.
***
ليس مجهولًا:
قال الدكتور إبراهيم بن حماد الريس والدكتور محمد بن عبدالله القناص محققا كتاب "عجالة الإملاء المتيسرة من التذنيب" للناجي [طبع مكتبة المعارف، الرياض، ط1 (1420-1999)] قالا وهما يعددان موارد الناجي في هذا الكتاب:
"أنواع الأسجاع لمؤلفٍ مجهولٍ".
قلت: هو للحسين بن عبدالرحيم الكلابي (ت: 354).
جاء في «معجم الأدباء» (3/ 1129): «‌‌الحسين بن عبدالرحيم بن الوليد بن عثمان بن جعفر أبو عبدالله الكلابي المعروف بابن أبي الزلازل، من بني جعفر بن كلاب، اللغويّ الأديب الكاتب الشاعر: أخذ عن أبي القاسم الزجاجي وأبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي وأبي يعقوب النجيرمي وغيرهم. توفي في رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مئة. وله مصنفات منها: كتاب ‌أنواع ‌الأسجاع وهو ما جاء من أخبار العرب مسجوعًا، ابتدأ بتأليفه في دمشق سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة، روى فيه عن شيوخه وغيرهم، وهو كتاب ممتع أجاد وضعَه وتأليفَه».
ونصُّ المؤلف الناجي في كتابه المذكور (2/ 601-602): «ولبعض الفضلاء المتقدِّمين فيه تصنيفٌ حافلٌ جدًا سماه "أنواع الأسجاع"»، فلم يقلْ إنه مجهول.
***
ابتلاء العلماء بالجهلاء
هذه كلمة جميلة عن هذا الموضوع للإمام السيوطي، قالها في موضعين من كتبه: "التحدث بنعمة الله"، و"الحاوي للفتاوي":
قال رحمه الله: "وبعد: فإني رجلٌ حُبِّبَ إليّ العلمُ والنظرُ فيه دقيقه وجليله، والغوصُ على حقائقه، والتطلُّعُ إلى إدراك دقائقه، والفحصُ عن أصوله، وجُبلت على ذلك فليس فيَّ منبتُ شعرةٍ إلا وهي ممحونةٌ بذلك، وقد أُوذيتُ على ذلك أذى كثيرًا من الجاهلين والقاصرين، وذلك سنةُ الله في العلماء السالفين، فلم يزالوا مبتلين بأسقاط الخلق وأراذلهم، وبمَنْ هو مِنْ طائفتهم، ممن لم يرتق إلى محلهم.
ومن المعلوم في كتب الحديث والتاريخ ما قاساه ابنُ عباسٍ من نافع بن الأزرق، وما أسمعه من الأذى وما تعنَّته به من الأسئلة -وأسئلةُ نافع بن الأزرق لابن عباس مشهورة مروية لنا بالإسناد المتصل مدونةٌ في ثلاث كراريس، وقد سقتُ غالبها في "الإتقان"-، وقولُ نافعٍ لرفيقه لمّا أراد تعنُّتَ ابن عباس: قم بنا إلى هذا الذي نصبَ نفسَه لتفسير القرآن بغير علمٍ حتى نسأله، وردُّ ابنِ عباس عليه بأبلغ رد.
ومن المعروف في صحيح البخاري وغيرهٍ ما قاساه سعدُ بنُ أبي وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة مِنْ جهال أهل الكوفة وشكواهم إياه لعمر بن الخطاب حتى قال له عمر: شكوك في كل شيء حتى قالوا: إنك لا تحسن أن تصلي. فانظروا بالله الذين أسلموا البارحة يزعمون في صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي كان يسمَّى ثلث الإسلام أو ربعه أنه لا يحسن الصلاة!
وكذلك من المعلوم ما قاساه الإمامُ مالك مِنْ أهل عصره لما برز عليهم.
وما قاساه الإمامُ الشافعي من أهل مصر لما ألَّف الرد على مالك واضطرابُ البلد حتى كاد البلد يُفتتن.
وما قاساه البخاريُّ مِن أنداده.
والغزاليُّ من أعدائه.
وغيرهم مِن المتقدِّمين والمتأخرين.
وقد اجتمعوا كلُّهم عند الله وظهر لهم المحقُّ من المبطل، والأرفعُ رتبة عند الله من غيره، وظهر لنا مصداقُ ذلك في هذه الدار ببقاءِ كلامِ هذه الأئمة وانتشارهِ وظهورهِ، واضمحلال مَنْ ردَّ عليهم وطمسِ ذلك ودثورهِ".
***
محاضراتي في معرض الكتاب في الشارقة:
سُئلت عما قدمتُه في معرض الكتاب في الشارقة مِن محاضرات، وهذا الجواب:
1-قادة الأمة واللغة العربية. عام (2010م).
2-علماء وشعراء أتلفوا مؤلفاتهم وأشعارهم. عام (2012م).
3-حاجي خليفة وكتابه "كشف الظنون". عام (2013م).
4-طرائف التأليف في التراث العربي. (2014م).
5-تاريخ إعارة الكتب. عام (2016م).
6-مصادر الثقافة العامة في التراث العربي. عام (2017م).
7-الاحتفال بالكتب في التراث العربي. عام (2018م).
8-تاريخ العنوان في التراث العربي. عام (2019م).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


وقع خطأ طباعي في ضبط كلمة (البشر) في البيت التاسع من أبيات: (أمي). فلتحذف الضمة. ووقع في البيت العاشر: (وعهودِها). فلتحذف الكسرة.