مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


مظاهر العالمية في الحقوق الأسرية ومبرراتها- قراءة حقوقية

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


05/08/2022 القراءات: 1194  


مظاهر العالمية في الحقوق الأسرية ومبرراتها- قراءة حقوقية
الأستاذ المساعد الدكتور وسام نعمت إبراهيم السعدي/ كلية الحقوق - جامعة الموصل/ wisamalsaad@uomosul.edu.iq
وإذا أردنا أن نقدم أمثلة على نماذج لعولمة منظومة القيم الغربية، والثقافة الغربية، ونمط الحياة الأمريكي، من خلال صياغة هذه المنظومة القيمية في مواثيق يتم عولمتها باسم الأمم المتحدة ،وعبر مؤتمرات (دولية) تعقد تحت علم المنظمة الدولية.. فان في وثيقة (برنامج عمل مؤتمر السكان والتنمية) الذي عقد في القاهرة سنة 1994 – تكفي- لتجسيد معنى عولمة القيم الغربية، وفرضها على مختلف الأمم والشعوب والدول والحضارات والمعتقدات الثقافية، ولا تدع هذه الوثيقة أمر (تغيير الهياكل الأسرية) للظنون والاجتهادات.. وإنما تتحدث عن (اقتران) لا يقوم على (الزواج) -وهو ما يشيع في العلاقات المحرمة دينيا بين رجلين، أو امرأتين عند الشواذ-.. بل وتتجاوز (إباحة) ذلك إلى ترتيب (الحقوق) لهذه الأنواع من (الأسرة)، فتقول: (وينبغي القضاء على أشكال التمييز في السياسات المتعلقة.. بالزواج وأشكال الاقتران الأخرى)!.. وتدخل في عداد الأسرة، ذات الحقوق.. (الأعداد الكبيرة من الأفراد الغير المتزوجين والناشطين جنسياً..).
فنحن أمام عولمة مفهوم (للأسرة) لا يقف بها عند حدود (الزواج) و(الأزواج) بل يدخل فيها كل الأفراد الناشطين جنسيا، ومن كل الأعمار.. وهو مفهوم غربي أصبح متعارفا عليه في الغرب.
أن من يدافع عن الطرح العالمي للحقوق الأسرية يقدم مبرراته والتي تتمثل بما يأتي:
1. المبررات المرتبطة بطبيعة الحق: حيث ينظر هؤلاء إلى حقوق الإنسان و بضمنها الحقوق الأسرية كجزء أساسي من منظومة الحقوق الجوهرية للإنسان، هذه الحقوق لصيقة بالكائن البشري هذا الكائن الذي يجتمع مع غيره من أبناء جنسه بمشتركات واسعة ترتبط بالطبيعة التكوينية والخلقية الخاصة بهم الأمر الذي يشجع على القول أن هذه الحقوق هي حقوق عالمية وان الشكل المثالي للتعامل معها لا يكون إلا من خلال ترسيخ هذا المفهوم في التعامل معها.
2. المبررات المرتبطة بتنظيم الحق وتقنينه وتدويله: كما أن هناك معطى أخر يشجع على دعم الطرح الذي يقوده أنصار فكرة العالمية في حقوق الإنسان عموماً والحقوق الأسرية بشكل خاص ناجم عن أن قانون حقوق الإنسان بات اليوم قانون يخضع لصيغة خطابات قانونية دولية موجهة بشكل يتناسب مع الطرح العالمي للحقوق وهذه المساحة من التعامل في إطار المواثيق الدولية هي التي تطغى على غيرها من مظاهر توجيه الخطاب الدولي، فالمساحات التي تتصدى لمعالجة فكرة الخصوصية هي مساحات ضيقة ولا تتخطى بعض الجوانب الصغيرة وقليلة الأهمية فيما لو قورن الأمر بغيرها من المجالات التي تتعامل فيها القاعدة القانونية الدولية مع الحقوق محل الحماية والتنظيم بأفاق عالمية تتخطى الجزئيات والخطابات الضيقة في معناها ومدارها ومدلولاتها.
3. إن المنظمات الدولية الحكومية العالمية هي الأقدر على تقديم التصورات القانونية ذات الطابع العالمي الخاص بحقوق الإنسان وما تجربة منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها الدولية المتخصصة في معالجة جوانب مختلفة ترتبط بحقوق الأسرة كجزء من منظومة حقوق الإنسان إلا دليل على تبني الخطاب العالمي الخاص بحقوق الإنسان في مواجهة أي خطابات أخرى على مستويات أدنى من هذا المستوى.
4. ولا يختلف الأمر بالنسبة للمنظمات الدولية غير الحكومية التي تبنى القسم الأكبر منها المنظومة العالمية لحقوق الإنسان واعتبرتها بمثابة المعيار الصحيح في تقييم مدى التعامل بشكل سليم مع متطلبات إعمال وتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من هنا يخلص أنصار العالمية في إطار قانون حقوق الإنسان والتنظيم القانوني للحقوق الأسرية إلى التسليم بان هناك أكثر من دليل يرجح أفضلية التمسك بالخطاب العالمي المرتبط بهذه الحقوق، لان مثل هكذا خطاب فيه من المزايا والمبررات ما يشجع القول بضرورة تبنيه والاعتماد عليه في مجال التعامل مع هذه الفئة من الحقوق.


حقوق الانسان - العالمية - الحقوق الاسرية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع