أ . د. هاشم حسين ناصر المحنك


تنمية القدرات بين البحث والتفكير والإبداع

البروفيسور الدكتور هاشم حسين ناصر المحنك | Prof. Dr. Hashim Hussain Nassir AL – Muhannak


12/03/2022 القراءات: 1750  


يُعد الإبداع Innovation البوابة الحقيقية للتنمية والتطور والتقدّم ، والدول مهما تقدّمت فإنها رهينة لتواصلها الحضاري وحماية مكاسبها الوطنية بمسيرة التنمية المستدامة وتقدمها ، فمتما تمّ حماية المبتكر أو المبدع والإبداع دون هدر طاقاته أو مصادرتها ، نتيجته حماية رأس المال العظيم ألا وهو رأس المال البشري – المعرفي .
ولكون أرقى ما يصل إليه الإبداع الإنساني تدوين وتوثيق هذا الأثر الأدبي والعلمي ، وبأشكاله المختلفة ومنه الدراسات والبحوث وآثارها المستقبلية بكفاءة وجودة عالية ، وهو ما ينصب عليه اهتمام كل الدول مع اختلاف نظرت كل دول ..والتقدم العلمي لا يمكن تحقيقه من دون دعم وتطوير القدرات المبدعة التي يمتلكها الإنسان ، وهذا التطوير من مهام العلوم الإنسانية عامة ، وما يدرسه علم النفس والبحث في مجريات وبلورة الإبداع بصورة خاصة ..
ومن هنا يحتاج الباحث في عالمنا المعاصر إلى تنمية الخيال والتنبؤ العلمي كإحدى أدوات الإبداع والابتكار ، مع الحضور الفاعل لأدوات وآليات استخدام التفكير المبدع والمثمر ، وما يحققه من تبسيط علمي للفكرة بالتزامن أو تعاقب تجزئة هذه الفكرة ، لتتهيأ أرضية الدراسة والتحليل الكمي وغير الكمي على وفق الحاجة النسبية ، وعندها تبرز ويتم تحديد المشاكل والمعوقات لوضع محددات الحلول وآلية العلاج ، ليتحول إلى مرحلة بناء القرار من خلال صنع واتخاذ القرار على وفق الحلول المقترحة والمبتكرة ، والانطلاق بآلية تنفيذ القرار ومواصلته بالرقابة التقييمية - التقويمية ليكون الخط البياني المخطط له مطابق مع المخطط البياني التنفيذي ..ويرى الدكتور ( ياسين ) خطورة انزلاق الأساتذة والباحثين في تكتلات مشبوهة ، وهو ما يسود الأوساط العلمية اليوم بحالة شنيعة من الانهيار العلمي والنزيف الوجداني الذي ينعكس في احتكارات وتكتلات مشبوهة تهبط بمستوى الفكر والضمير إلى أحط مستوياته ، وتجر معها المستويات الجامعية إلى مستوى لا يليق بهم ..
فضلاً عن أنّ البحوث العلمية الجادة التي فيها مسحة من الإبداع ، لم تعد تجد الطريق أمامها ميسوراً ، لأن ازدواجية السلوك حتى بين الأكاديميين أصبحت تشكل لديهم تشويهاً خلقياً سلوكياً ؛ وأصبح البحث العلمي سلعة خاضعة للعرض والطلب والمساومة والمحسوبية ، وهبط المستوى فيها كمّاً ونوعاً ..
لذا فالدعم الساند للأنشطة والإبداع والابتكار ، رهين النخب العلمية وتطلعاتها وآفاقها ورؤاها وتنمية خيالها العلمي لاستثماره في إضافة القوة للبيئة الداخلية لكل مشروع في الدولة ، وتهيئة كل ما يستثمر الفرص في البيئة الخارجية .. وهو ما ينطبق على كوادر تمتلك المواهب الداعمة لمسيرة المؤسسات التعليمية ؛ ومنها الجامعات ، وكونها تعد رأس مال بشري تضيفه لموجوداتها ، وبالتنمية ممكن أن تتحول إلى مشروع رائد وقائد ، والذي يبقي المشروع متخطي وقائم أمام كل المخاطر والتحديات وبالتفوق التنافسي ..
ولقد أشار جيلفورد ؛ في دراسة له ، إلى الحاجة الكبيرة ( لكوادر ) تملك المواهب المبدعة بتأكيده على ( القيمة الاقتصادية الضخمة للأفكار الجديدة ) وعلى ضرورة تمييز أولئك الذين تكمن فيهم القدرة على الإبداع والاختراع ..
وهنا يتطلب من الوزارة ، وهي المشكورة على التفاتتها الكريمة في قبول المبدعين ، أن تجعل برنامج خاص لذوي الإمكانيات دون المرور بفلتر تدمير الطاقات ..
وحينما تكون خطط الدراسات العليا بلا هدف واضح وحقيقي ، فإنه ينذر بمخاطره وتهديداته على إستراتيجية المراكز الوطنية وتواصل التعليم في الدراسات الأولية والدراسات العليا ، فضلاً عن كونه سينعكس على الخريج وأهدافه المنصبّة فقط للحصول على الشهادة ، لزيادة راتبه ولشغل مناصب في الدولة والمؤسسات المختلفة ، وهو ما يؤدي إلى تدمير الجهة التي يتعين بها بشكل وبآخر ، أو يكون الأداة الضاربة لكل تقدّم ولكل موهوب ، وميدانياً كم رأينا مَنْ هو يقوم بسرقة جهود الآخرين ، من خلال سطوته ، فضلاً عن تعويق كل خطة تتضارب مع مصالحه ومكانته الوظيفية ، ويلاحق الغير حتى يزيحهم عن طريقه ..ومن أعلام الباحثين في هذا المجال وهو ماكينون Mackinnon والذي يؤكد على أن الإبداع ظاهرة متعددة الوجوه أكثر من اعتبارها مفهوماً نظرياً محدد التعريف . ولدعم المراكز العراقية والبحث العلمي ، تظهر الضرورة من وضع برنامج خاص بالمبدع ، يركز على الجانب الإبداعي فضلاً على الجانب التأهيلي الذي يحتاجها ..
لذا فإنّ الإبداع ؛ الوحدة المتكاملة لمجموعة العوامل الذاتية والموضوعية التي تقود إلى تحقيق إنتاج جديد وأصيل وذو قيمة من قبل الفرد أو الجماعة ، وبهذا يكون الطالب مبدعاً حينما يتوصل إلى الحل بطريقة مستقلة وغير معروفة مسبقاً لديه ..
وعدّ كل من ( نوبل وسيمون وشو ) ؛ إن التفكير المبدع كشكل راقٍ للسلوك يظهر من خلال المشاكل ، ويرون أن حل المشكلات يعتبر إبداعاً ، إذا ما حقق التوافق مع واحد أو أكثر من كونه يمثل ؛ نتاج فكري ، تفكير يغيِّر وينفي الأفكار المسبوقة بشكل مقبول ، ويتطلب أن يتضمن الدافعية والمثابرة والاستمرارية العالية .. إلخ .
وفي خِضم ما تتجه إليه إدارة المعرفة ومحورها الأساسي ومداها الاستراتيجي هو الإبداع ، واستمرار عطاءه لتبقى أي منظمة أو مشروع ، بما فيها الجامعات ، مستمرة وتحقق أهدافها ، وتواصل التطوير والنمو ، وهو يمثل قدرة المنظمة العالية والمستمرة ، وهو ما يؤكده ( Zach Evans ) في بحثه الموسوم ( إدارة المعرفة وعمليات المنظمة ) ..
وانعدام الابتكار والتجديد والخلق والإبداع ، يعود لأسباب منها أنّ معظم ما نراه من نتاج في الجانبين النظري والعملي ، لا يخرج من كونه منقولاً أو مترجماً حتى إنه غير مسبوك ، مما يولد نفور القارئ منه ، والنتاج الجيد الفذ لا يعدو أن يكون نادراً مضطهداً أو مستبعداً .
وتعليل هذا واضح إذا ما كانت الدراسة ، كالتي استقصاها الباحث ، فرأى مَنْ له أثر علمي يكون محارب ، ويحسبون له أبلغ حساب ، لئلا يكون منافساً لهم ، ويكشف هزالة بحوثهم وسرقة جهود الغير .. وللموضوع بقية لا يسع نشرها


تنمية ، البحث ، التفكير ، الابداع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا على هذا المقال المفيد و اعتقد ان بذرة و نواة ذلك كله منطلقها الانسان بمعنى على الانسان ان يفعل جانب التفكير فيه مما يؤدي الى تجاوز الجمود و بلوغ التجديد و التجدد فإنسان مفكر بعدها كل العقبات سيتيسر له تجاوزها