ترجمة العلامة محمد بن علي الداودي (872-945)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
05/10/2022 القراءات: 1342
هذه ترجمة نادرة للشيخ الداودي بقلم صديقه الشيخ عمر بن أحمد الشماع الحلبي (ت: 936)، استخرجتُها من "معجم شيوخه".
قال رحمه الله:
"مُحمَّد بن علي بن أحمد بن مُحمَّد بن إبراهيم من ذُريَّةِ الشَّيخِ المعتَقد قاسم الشَّاذِلِي المغربيِّ الأَصلِ ثُمَّ القاهري المالكي، صاحِبُنا المُحدِّث المُفِيد الصَّالِح، شَمسُ الدِّين، المعروُف كسلَفِه بالدَّاودي نِسبةً إلى مَحلِّةِ داود قرية بالبحيرة لسكَنِ بعضِ أَسلافِه بها، هكذا ذَكرَهُ صاحبُنا المُحدِّثُ مُحِبُّ الدِّين جارُ الله بن فهد المكي في "مُعجَمِه" وقال: إنَّ صاحِبَ التَّرجمةِ أَخبرَهُ بذلكَ، ثُمَّ قال ما مُلخَّصُهُ: إنَّ مَولِدَهُ -كما ذكر أيضًا- في يومِ الأَحد حادي عشر القعدة سنةَ اثنتين وسبعين وثَماني مئة بحارةِ جامعِ الأزهر من القاهرة، ونشأ في كَنفِ أبويهِ.
فحَفِظَ القُرآنَ، و"الرِّسالةَ" لابن أبي زيد، وغالِبَ "مُختصَر" الشَّيخ خليل، و"الألفيَّتين" للعراقي، وابن مالك، و"الشَّاطبيَّة"، و"تلخيص المفتاح" للقزويني، و"جَمعَ الجَوامعِ".
وحَضرَ دُروسَ النور السنهوري المالكي الضَّرير.
وأَخذَ في العُلومِ عن خَلْقٍ.
وأَقبلَ على الحَديثِ، فأوَّل ما سَمِعَ سنةَ (887) على الشَّيخ رَضِيِّ الدِّين مُحمَّد بن مُحمَّد الأوجاقي المُسلسَل بالأَوليَّة بشَرطِه، ثُمَّ سَمِعَ عَليهِ مَجلِسَ الخَتمِ من "الشِّفا".
وسَمِعَ على الجمال يوسف سبط ابن حجر.
وعلى عبدالغني البساطي.
وعلى أَمة الخالق "سِيرةَ" ابنِ هشام، و"الخلعيات"، وقرأ عليها قطعةً من "مَشيخةِ" الفَخْر ابنِ البُخارِي، وقطعةً مِن "مُسنَدِ" أحمد، وغير ذلك.
وسَمِعَ على البُرهان الشَّنويهِي من أَوَّل "السُّنَنِ الكُبرى" للبيهقي، إلى باب التَّطهُّر في أَوانِي المُشرِكِين.
وقَرأَ على شَيخِنا القلقشندي "صَحيحَ" البخاري، و"سُننَ" أبي داود، والتِّرمِذي، والنَّسائي، و"الموطَّآت"، وغير ذلك.
وقرأ على أقضى القضاة جلال الدين بن الأمانة "صَحيحَ" مُسلِم، و"سُننَ" ابنِ ماجَه.
ولازَمَ الفَخرَ الديمي فسَمِعَ عليه الكُتُبَ السِّتَّةَ، وغيرها.
وقرأ على زكريا.
ولازمَ الحافظَ جلالَ الدين السيوطي فقرأ وسَمِعَ عليه كثيرًا مِن مَرويَّاتِه ومؤلَّفاتِه، وكتبَ مِنها جُملَةً، وكان له مَيلٌ إليه وشَفقَة، وصارَ وصِيَّهُ مِنْ بَعدِه، وحَجَّ واجتَمَعتُ به بمكَّة، والقاهرة، واستَفدتُ من فوائدهِ، وشاهدتُّ مِنهُ المودَّةَ والإكرام، وسَكنَ التربة. انتهى ما لَخَّصتُه من "مُعجَم" صاحبِنا.
وقد اجتَمعتُ بصاحِب التَّرجمةِ عقبَ مَوتِ شَيخِنا جلال الدِّين السيوطي في سَنة إحدى عشرةَ وتسعِ مئة بمَنزلِ شَيخِنا قاضي القُضاةِ جمال الدِّين القلقشندي لسَماعِ الحديثِ.
ولمَّا صارَ وصيَّ شَيخِنا السيوطي كنتُ أَتردَّدُ إليه إلى بَيتِ شَيخِنا بخط جامع طولون في يوم الثلاثاء من كلِّ أسبوع للاستِفادةِ مِن مؤلَّفات شيخِنا، فكان يُفَرِّقُ الكُتُبَ على الطَّلَبَة للاستِفادةِ.
ورَأيتُهُ في الرَّكبِ حِينَ تَوجَّهتُ إلى مكَّة في سنة خمسَ عشرةَ وتسع مئة.
ثم تأكَّدَتْ صُحبَتِي مَعهُ في سَنةِ ثلاث وعشرين بالقاهرة.
ثمَّ لمَّا رَجعتُ إلى حلب كاتَبتُهُ بطَلبِ كُتُبٍ فأَرسلَ لي:
ثلاثَ مُجلَّدات من مُختصَر "ضَوءِ" شَيخِنا السَّخاوِي.
و"لِسان الميزان" لابنِ حَجر في مُجلَّدَين، على سَبيلِ العاريَّة.
و"الدُّر النَّثير مُختصَر نِهايَة ابنِ الأَثير" لشَيخِنا الأَسيُوطِي في مُجلَّدٍ بَيعًا، وقَبضَ ثَمنَهُ مِن وَكيلِيَ بمصر.
و"تَراجم رِجالِ الصَّحِيحَينِ" لابن طاهِر في مُجلَّدٍ، هِبَةً.
وكتبَ لي استدعاء في سنة ثمان وعشرين أَخذَ لي عَليهِ خُطوطَ جَماعَةٍ من بقايا المُسنِدِين.
ثُمَّ اجتَمعتُ بهِ بعد ذلكَ بالقاهرةِ في سنة اثنتين وثلاثين، وجاءَ إليَّ لسكَنِي وتَوجَّهتُ أنا إلى مَسكنِه بالترب من الصَّحراء، فزُرتُه، وأجازَ لي، واستَفدتُّ من فوائدهِ، ونِعمَ الرَّجُل، كان اللهُ لَهُ ولِطُلَّابهِ، وكثَّر في الإخوانِ مِن أَمثالهِ".
***
ترجمة الداودي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع