مدونة محمد كريم الساعدي


بندول المعرفة والحركة البينية بين الوجود والمعنى / الجزء الثاني

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


17/12/2022 القراءات: 484  


إنَّ في موضوعة الظهور والاكتمال للوجود يصاغ معنى واحد في نهاية هذا الظهور ، وقد تصاغ عدة معانٍ لهذا الظهور أيضاً ، قد يُتفق عليها وقد يخُتلف فيها، فالاتفاق قد يصيغ فكرة الظهور ومدى التماهي معه حتى يظهر ويشكل معنى ما متفق عليه ، مثل النجاح بعد الدراسة ، لو كان المعلم متفق مع عائلات التلاميذ أن طريقة الدراسة التي تصل بأبنائهم نحو النجاح تتطلب أن تكون على وفق الطرائق الدراسية المعينة، التي لا بد للأهل أن يسهموا فيها حتى يكون النجاح هو النهاية الطبيعية ، هنا سيكون الاتفاق على النتيجة مؤكدا ، والمعنى سيكون موحداً من وراء هذا العملية ، بينما قد يختلف على مثال آخر كأن يكون عملية توزيع نسب التصويت على المقاعد يشكل ضرراً ببعض من يشترك في هذه العملية، هنا سيكون المعنى المتحقق من هذه العلمية مختلف عليه، أي ستكون هناك عدد من المعاني التي تظهر من هذا الوجود الظاهر بسبب هذه العملية يؤدي إلى اختلاف المعنى عند كل طرف من الأطراف.
ويمكن أن نخرج من هذين المثالين بمفهومين هما :
• التوافق من أجل إنتاج المعنى (إيجابية الظهور للعالم).
فالمثال الأول تضمن عملية تشكيل وعي إيجابي نحو الشيء الذي تم النزوع إليه، وهنا من الممكن أن نطلق على هذه العملية الأولى في الظهور وكيفية تشكيل المعنى فيها بالظهور الإيجابي (التوافق الإيجابي للظهور )، أي (إيجابية الظهور) هو نتيجة انتاج وجود متفاعل نحو هدف معين يتفق على تفعيل جميع العاملين عليه؛ من أجل الوصول إلى تضمين متفق عليه، وهنا تكون المسافة القائمة بين الوعي والشيء - على وفق تصنيفات الكائن السابقة – تكون المسافة مستقيمة الشكل قائمة على انبساطية العلاقة بين الوعي والشيء (الدافع/ النتيجة).
• عدم التوافق في إنتاج المعنى (سلبية الظهور للعالم).
في المثال الثاني قد تكون عملية تشكيل الوعي فيها الكثير من عدم الوضوح، أو عدم التطابق في الرؤية تجاه الشيء، مما يولد عملية غير منتظمة في العلاقة بين الوعي والشيء المراد تقصده والانزياح إليه ، ومن الممكن أن نطلق على هذه العملية (عدم التوافق في انتاج المعنى)، وهذا المفهوم (سلبية الظهور) هو عدم إنتاج وجود ظاهر من الممكن أن يؤدي إلى معنى نتيجة محددة وبناء مسافة واضحة بين الوعي والشيء ذاته ، وهنا المسافة لا تؤدي إلى الشيء ذاته؛ بل تؤدي إلى عدة طرق متباعدة عن المعنى المحدد ، والإطار العام هنا لا يحدد المسافة والعلاقة بين الوعي والشيء للوصول إلى ظهور واضح في الطريقة التي يمكن أن تنتج عن مسافة واضحة الدلالة في المعنى عند الظهور، من خلال بلورة صيغة كائن لديه انزياح نحو الشيء في صيغته التي تعطي للظهور حدوده، من دون الابتعاد عن المعنى المراد تحقيقه في بناء هذه المسافة الدالة عن الرؤية المتقصدة للشيء ذاته وللكائن بوعيه المتقصد، تكون العملية التي تربط بينهما قابلة للإفادة من الجهد المتقصد في طبيعة التوجه نحو الشيء . وهنا هل أن هذه العملية هي من أجل الوصل في قصدية الوعي إلى الشيء ذاته، من دون أن نحدد ما لهذه القصدية من تخطيط مسبق على العملية التي انطلقت بقصديتها من لحظتها الآنية ؟. وهل نعتقد أن لكل وعي في لحظة الانطلاقة من أجل ظهورة معينة، هي لحظة انتباه من دون أن يكون فيها التخطيط مسبق لحاجة قد تدفع هذا الوعي إلى البحث في مدياته عن شيء ما؟ ، أو كائن ما خارج ما هو متوفر من تصورات في داخل حدوده الفعلية التي شكلت بعده في المساحة المعرفية التي من الممكن أن تكون بحاجة إلى بعض الفضاءات والأفق الأخرى؛ من أجل الوصول إلى غايات معينة هو بحاجة لها ؟. وهل أن هذه المسافة هي تضاف الى الوعي في لحظة تقصده ؟ ، أم إلى الشيء ؟، أم لكليهما معاً ؟. ومن يحدد المستفيد في هذه الحالة؟، هل هي لحظة تكاملية كما يرى (هيدجر)، أي أن العملية هي (من أجلي / من أجله) ؟، أم أن العملية هي في إطار ظهور الأشياء في الوعي (الوعي بالشيء)؟ كما عند (هوسرل) ، أم أن العملية مقتصرة في حرية وجودية الكائن وخياراته (الحرية في الوجود)؟ كما هي عند الفيلسوف الفرنسي (سارتر)، أم هي في تأكيد وجود الأشياء التي تؤكد ذواتنا ولولا الأشياء ما كانت لذواتنا وجود (الشيء موجود وذواتنا تتقصده)؟، كما هي عند الفيلسوف الفرنسي (ميرلوبونتي). وهل أن العملية تكمن في التحديد والتأطير لهذه الحدود المعرفية ذات الأبعاد الفكرية والجدل في (أينية) الحدود ومبتدأها الفعلي؟، وما منطلقها في الرسم المعرفي؟، ومن أين يبدأ؟، وأين ينتهي؟. وهل هذه المسافة المعرفية هي نفسها التي تجادل عليها (أفلاطون ) و(أرسطو) في أيهما يتبع الثاني في تأكيد الأصالة ؟، وأيهما ظل الآخر في تأكيد الوجود ؟ .


المعرفة ، الوجود ، والمعنى


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع