مدونة هاشم علوي عبدالله مقيبل


التحكيم الدولي في المنازعات الفضائية

د . هاشم علوي عبدالله مقيبل | Dr. Hashim alwi abdullah mogaibel


05/08/2024 القراءات: 113  


#التحيكم الدولي في المنازعات الفضائية:

من أكثر المواضيع حداثة في مجال التحكيم الدولي هو تحكيم المنازعات المتعلقة بالفضاء، في حين أن كل المعاهدات الدولية المتعلقة بالفضاء وكذلك الاتفاقيات الوطنية لم تنص على أن تسوى المنازعات الناشئة بهذا الخصوص عن طريق التحكيم!

في السادس من ديسمبر لعام ٢٠١١م، تم انشاء وثيقة قواعد تنظم التحكيم الفضائي، واستقرت تلك الوثيقة عام ٢٠١٢ بشكلها المتكامل.

احتوت الوثيقة على 43 مادة نظمت بشكل أولي قواعد التحكيم الفضائي، ومازالت تلك الوثيقة باللغة الانجليزية ولم تعنى بالدراسة الكافية أو التطبيق العملي.

كما نصت تلك الوثيقة في المادة 10 منها على انشاء قائمة باسماء المحكمين في هذا المجال، في حين نصت المادة ٢٩ على ضرورة تكوين اضمين السرية في العمل بشكل أكبر نتيجة لتعلق مواضيع النزاع بأمور متعلقة بالشئون العلمية الداخلية للدول، ويعتبر عنصر السرية هو أهم عنصر شددت عليه هذه الاتفاقية.

كما قامت هذه الوثيقة بتوصيف النزاع القابل للتحكيم، وتطرقت في المواد الاخرى لكيفية تشكيل لجان التحكيم، بما يتناسب مع طبيعة النزاع الفضائي.

وقد سلكت الوثيقة المسلك العام في تقديم طلبات التحكيم و تحدد هيئة التحكيم وما إذا كان سيتم تصنيف المعلومات على أنها سرية وذات طبيعة من شأنها أن تحتاج الى اصدار ووجود تدابير حماية خاصة في الإجراءات خوفا من إلحاق ضرر جسيم بالطرف أو الأطراف التي تتذرع بسريتها. كما انها أشارات الى أنه إذا قررت هيئة التحكيم ذلك, فعليها أن تقرر وتبلغ الأطراف والمكتب الدولي كتابيًا بالشروط التي يجوز بموجبها الكشف عن المعلومات السرية جزئيًا أو كليًا، ويجب أن تطلب من أي شخص ستُكشف له المعلومات السرية أن يوقع على وثيقة تعهد خاص.

كما أشارت الوثيقة في المادة ٢٩ على أنه يجوز لهيئة التحكيم أيضا, بناء على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء نفسها تعيين مستشار السرية كخبير، من أجل تقديم تقرير إليها على أساس المعلومات السرية بشأن مسائل محددة تحددها هيئة التحكيم.

والخلاصة انه وفى المستقبل القريب قد تغطي النزاعات المتعلقة بالفضاء مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك إدارة حركة المرور الفضائية، السياحة الفضائية، استخراج الموارد واستخدامها إلخ…

مثال توضيحي:
في شهر يناير لعام ٢٠١١م - أي قبل وجود وثيقة التحكيم الفضائي- نشأ هناك نزاع فضائي تجاري حول قضية سميت باسم (قضية طيف الأقمار الصناعية) .

وقد حصل النزاع بين شركتين هنديتين الأولى اسمها ديفاس والأخرى انتريكس، وكلاهما يعملان في مجال الاتصالات الدولية، وتم التحكيم بينهما بموجب قواعد التحكيم لغرفة التجارة الدولية كما تم الرجوع الى نصوص الاتفاقية المكتوبة بين الشركتين عام 2005م Antrix وDevas لاستئجار سعة الجزء الفضائي لقمرين صناعيين تابعين لهما، والتي بموجب هذه الاتفاقية وافقت Antrix على البناء, واطلاق وتشغيل القمرين الصناعيين، وتأجير سعة الطيف على تلك الأقمار الصناعية لشركة ديفاس لاستخدامها في البث الرقمي متعدد الوسائط في الهند.
فى المقابل وافق Devas على الدفع لAntrix بالدولار الأمريكي وكانت القيمة المتفق عليها 20 مليون دولار مقابل رسوم حجز السعة مقدمًا لكل قمر صناعي, جنبا إلى جنب مع رسوم الإيجار والتي تصل إلى 11.25 مليون دولار سنويا لمدة اثنتي عشرة سنة, مع حق التجديد لمدة اثنتي عشرة سنة أخرى.

نفذ الطرفان العقد دون وقوع حوادث لمدة خمس سنوات أي حتى عام 2010م.

كان رئيس Antrix، والذي كان أيضًا وزيرًا لوزارة الفضاء الهندية، قد تقدم بطلب إلغاء الاتفاق، مما أدى الى وقوع الضرر على الطرف الثاني.
تقدمت شركة ديفاس بطلب تحكيم بحجة أن Antrix أنهت الاتفاقية بشكل غير مشروع.

واحتجت Antrix بأن إنهاء الاتفاقية كان بقرار قد صدر من اللجنة الأمنية التابعة لمجلس الوزراء.

في النهاية أمرت هيئة التحكيم شركة Antrix بدفع مبلغ لشركة Devas
وقدرت الاضرا بقيمة 562.5 مليون دولار نتيجة لرفض Antrix الخاطئ للاتفاقية.

تم حل هذا النزاع التجاري بدون مشاكل بموجب القواعد المؤسسية لغرفة التجارة الدولية، مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت قواعد التحكيم الخاصة بالتحكيم الفضائي أكثر فائدة ؟ والجواب : أن حكم التحكيم هنا مقبول ولكن عندما تكون هناك قواعد خاصة لتسوية. تلك النزاعات مع استحضار بعض القواعد المتعلقة بموضوع النزاع فإن حكم التحكيم سيكون أكثر دقة وعدالة، مع تسليمنا باتحاد الاجراءات الشكلية الأخرى.

ومن المسائل التي اثيرت في هذا الجانب ايضا قضية النزاع بين شركة يوتل سات المكسيكية وشركة تشغيل الأقمار الصناعية الفرنسية في عام 2021م.

وفي الختام يمكننا القول أنه لا توجد هناك عوائق او مشاكل كبيرة تقف في طريق التحكيم في النزاعات الفضائية باستخدام القواعد والمؤسسات القائمة, لأنها في المقام الأول نزاعات تعاقدية أو معاهدة مثل أي نزاعات أخرى، ولكن لا مانع ايضا من اضافة ما يتعلق بمواضيع النزاعات الفضائية والرجوع لقواعد المعاهدات الدولية المتعلقة. بهذا الشأن.

كتبه/م.د هاشم بن علوي مقيبل
مستشار تحكيم تجاري دولي


التحكيم - المنازعات - التحكيم الدولي - الفضاء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع