مدونة الدكتور محمد محمود كالو


سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


30/06/2022 القراءات: 841  


إن دخول موسم الحج يحرك الساكن ويهيج المشاعر، وكلما هب نسيم الرحيل إلى بيت الله الحرام، وبدأت الوفود بالسفر والرحيل، وارتفعت أصوات الملبين، حنَّت القلوب، واقشعرت الجلود، وذرفت العيون شوقاً إلى بيت الله الحرام، حتى قال بعضهم: لقد ساروا وقعدنا، وقرُبوا وبعُدنا، فإن كان لنا معهم نصيب سعدنا.

يا سائرين إلى بيت العتيق لقد
سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا

إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا
ومن أقام على عذر كمن راحـا

إن الحج شعيرة من شعائر الله العظيمة، شرعها الله لإبراهيم، ثم أقرها وبين مناسكها رسولنا الأمين، وإن بيت الله الحرام هو منبع الإسلام و منارة التوحيد، بناه إمام الموحدين خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

وإن في قول إبراهيم عند دعائه: {فَاجعَل أَفئِدَةً مّنَ النَّاسِ تَهوِى إِلَيهِم} لفائدة جليلة، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير: "لو قال أفئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم واليهود والنصارى والناس كلهم، ولكن قال: مّنَ النَّاسِ فاختص به المسلمون".

فنحن المسلمون على إرث عظيم من إرث إبراهيم، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ) [رواه الترمذي وأبو داود] فهذا من فضائل وخصائص هذه الأمة.

وإن الله تعالى جعل في الحج منافع عظيمة وحِكَماً بديعة، وذلك لما جمع الله فيه من شرف المكان والزمان.

قال الله تعالى: {لّيَشهَدُوا مَنَـافِعَ لَهُم} [الحج: 28]، فهذه المنافع والخيرات التي ينالها الحاج ويصيبها في الحج هي منافع الدنيا والآخرة، وأجلّها وأعظمها مغفرة الله - تعالى -ورضاه، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير هذه الآية: (منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله - جل وعلا -، وأما منافعُ الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات).

وعلى هذا يجوز لمن قصد الحج أن يَأخُذَ بضاعة معه ليبيعها في الحج، ما دامت النية للحج هي الأصل وهي الدافع ابتداءً، وليست نية التجارة.

وكما لا ينكر على من يجلب بضاعة من الحج لينتفع بها أو ليبيعها في بلده، وأن هذا من المنافع التي كتبها الله للحاج كما دلت عليه الآية، ولقوله تبارك وتعالى: {لَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَبتَغُوا فَضلاً مّن رَّبّكُم} [البقرة: 198]، نزلت في شأن التجارة في موسم الحج.


موسم الحج، المشاعر، البيت الحرام، المناسك، منافع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع