مدونة ياسر طرشاني


فوائد أصولية ومقاصدية من الآيات القرآنية (9)

الأستاذ الدكتور ياسر طرشاني | Prof. Dr. Yasser Tarshany


04/03/2023 القراءات: 571  


قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)} [آل عمران: 195]
• ذكر الله تعالى صفات وأحوال للمهاجرين، وكلها مرتبطة بمقصد واحد محدد وهو في سبيل الله كما في قوله:" فِي سَبِيلِي"
• هاجروا من المفاعلة فقد هجروا قومهم من شدة التضييق عليهم وإيذائهم كما حديث مع الأنبياء السابقين فقد قال سيدنا موسى أيضا: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 21]
• هذه الآية فيها تطبيق لقاعدة : إذا ضاق الأمر اتسع، فقد ضاق الأمر بالدعاة فلجأوا للهجرة تحقيقا لمقصد حفظ الدين {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا } [النساء: 97]
• كما أن قومهم هجروهم فلن يقبلوا بوجودهم بينهم وكان مقصدهم إخراجهم وإبعادهم ونفيهم للتخلص من دعوتهم كما حدث من قوم سيدنا لوط {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56]
• جاءت الهجرة بالإخراج من الديار والأهل والأوطان والذكريات والعشيرة والقوم، إخراج مع شدة التضييق ألجأهم للتفكير في الهجرة بسبب الإيذاء الشديدة لدعوتهم لدين الله والتمسك بأصول هذا الدين وتحقيق مقاصده "وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي" والهاء في ديارهم من شدة حبهم لديارهم وأوطانهم ولكن عند التعارض بين المقاصد، فمقصد حفظ الدين مقدم على كل المقاصد.
• الهجرة والإخراج تنطبق على من هاجروا إلى الحبشة وإلى المدينة المنورة وإلى كل من هاجر وأخرج من دياره بسبب الإيذاء والتضييق عليهم.
• المهاجرون لم يهدأوا بل مستمرون في تحقيق مقاصد الشريعة وحفظ الدين فحالهم:" وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا" فهم يجاهدون في سبيل الله ويدعون إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ويكون مصير بعضهم القتل أو الموت في سبيل الله.
• الجزاء من الله أولا: " لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ" مغفرة السيئات والذنوب لما تعرضوا له من الهجرة والتضييق والإيذاء وما كان تكفير السيئات إلا بعد الابتلاءات،وهذ من مقاصد الابتلاء في سبيل الله تكفير السيئات ورفع الدرجات.
• ثانيا:" وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" الجزاء من جنس العمل لقد تعرضوا للخروج " وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ" فكان الجزاء دخولهم جنات رب العالمين، فالآخرة أفضل من الدنيا.
• لم يحصل المهاجرون على أي تقدير من قومهم فكان المقابل أن ثوابهم وتقديرهم عند الله " ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" فثواب الله أفضل من أي ثواب أو تقدير من أحد للمهاجرين ولذا لا بد أن يتوافق مقصد المهاجر مع مقصد الشارع فلا ينتظر جزاء ولا شكرا ولا تقديرا من أحد وشعاره {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: 9] فلا مقارنة بين ثواب وجزاء الناس وثواب وجزاء الله " وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ"
• الآية فيها تحقيق لمقصد حفظ الدين بخروجهم ومقصد حفظ النفس وهذا الذي ألجأهم للخروج من ديارهم أيضا وعندها يتحقق مقصد حفظ العقل والذي كان مشغولا بسبب كثرة الإيذاء في تفرغ للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويتحقق في الهجرة مقصد حفظ المال الذي كان معرضا للمصادرة والتضييق عليه في أي وقت والأرزاق بيد الله ، ومقصد حفظ النسل بالحفاظ على الأهل والأولاد وعدم تعرضهم لسوء بسبب دعوته إلى الله.
• فعلى المهاجر أن يحرص على تحقيق مقاصد الشريعة في أي مكان وزمان مع تجديد نية هجرته أن تكون في سبيل الله.

اسأل نفسك:
• هل تحرص على الثقة بالله في كل الأحوال؟
التوصية:
• الحرص على تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية.
• نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين.... اللهم آمين آمين آمين.


القرآن الكريم، مقاصد الشريعة، أصول الفقه، التفسير الأصولي والمقاصدي.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع