مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


هدف الفتوحات الإسلامية مع قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]؟

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


28/01/2023 القراءات: 672  


هدف الفتوحات الإسلامية
🏹هل يوجد تعارض بين الفتوحات الإسلامية التي كانت عن طريق حروب شديدة مع قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]؟ مع أن الآية واضحة وصريحة، وأن الفرس لم يهاجموا المسلمين، بل المسلمون هم الذين حاربوهم في بلادهم.
👈 الحقيقة أن هذا الأمر من الأهمية بمكان ولا بد من الوقوف على حقيقته، وفي هذا يقول أحد العلماء: إن حركة الفتوحات الإسلامية لم تكن لمجرد الدفاع عن الدولة الإسلامية كما يحاول بعض المسلمين الدفاع عن الإسلام، والقول بأن الإسلام لا يحارب إلا دفاعًا، ويظن أنه يخدم الإسلام بذلك، حتى لا يُطْلَق على الإسلام أنه دين إرهاب، أو أنه يحاول الضغط على هذه الدول لتعتنق الإسلام، ونذكر أن الإسلام ليس دينًا دفاعيًّا فقط، بل فرض عين على المسلمين أن ينشروا الدعوة خارج حدودهم حتى يَعُمَّ الإسلام ربوع الأرض، والمسلمون لم يفرضوا الإسلام على أية أمة من الأمم، لكنه يحرر هذه الشعوب من الطواغيت التي تحكمهم وتمنعهم من اختيار الدين المناسب؛ فمثلاً كان الشعب الفارسي يتبع ولاته في عبادة النار، ولا يحق لهم اختيار ما يدينون به، لكن دين الله لا بد أن يصل إلى هذه البلاد، وإلى كل فرد، ثم يترك له حرية الاختيار في اعتناقه للإسلام أو عدم اعتناقه، أما إذا تركه المسلمون دون إبلاغ فهم آثمون، فكانت مهمة الجيوش الإسلامية محاربة الطبقة الحاكمة التي تأبى أن تطيع أمرَ الإسلام، بعد عرض الإسلام عليهم وبعد عرض الجزية، والجزية حلٌّ أفضل للمعاهِدين من الأموال والضرائب التي يدفعونها لحكوماتهم وأقل مما يدفعه المسلمون زكاةً؛ ولذا كانت هذه الشعوب تغتبط بالحكم الإسلامي.
▪️بعد عرض هذه الأمور الثلاثة:
📌 الإسلام
📌أو الجزية
📌 أو المنابذة؛
فإن رفض القوم الإسلام أو الجزية قاتل الجيش الإسلامي الجيش الفارسي والجيش الرومي ولا علاقة له في الحرب بمن لا يحارب، لا يقاتل الفلاحين، ولا من يعبد الله في محرابه أو في كنيسته أو في صومعته أو حتى في معبد النار، لكنه يقاتل من يقفون أمام نشر دين الله I، حتى إذا خلَّى بين الناس وبين الاختيار، ترك لهم المسلمون حرية العقيدة، يعبدون ما شاءوا أن يعبدوا بعد توضيح الإسلام لهم، فإن رضوه دينًا كان بها، وإن لم يرضوه أقرُّوهم على ديانتهم، رغم أن الدولة الفارسية تعبد النار وليسوا أهل كتاب، ومع دفعهم الجزية يتركهم المسلمون يعبدون النار، وفي مقابل الجزية يمنعهم المسلمون ويدافعون عنهم، ولم يكن غرض المسلمين من الفتوحات التكالب على الدنيا، بل أوقف سيدنا عمر بن الخطاب الحروب خشية كثرة الغنائم على نفوس المسلمين، فهل هناك قائد أي جيش فاتح يوقف الحروب؛ لأنه يخاف على أتباعه من كثرة الغنائم؟!
▪️ولم تحمل الرسائل التي بعثها سيدنا عمر بن الخطاب بين طياتها أي غرض من أغراض الدنيا بل كان جُلُّ همه الآخرة وترك الدنيا، ولو وضعوا أعينهم على الآخرة لربحوا الدنيا والآخرة، وإذا وضعوا أعينهم على الدنيا خسروهما معًا، وهذا هدف نبيل من أهداف الفتوحات الإسلامية، ولا نخجل من ذكر انتشار الإسلام في هذه البلاد بهذه الحروب، بل الإسلام أعطى الفرصة لهؤلاء الناس ليتعرفوا عليه، تاركًا لهم حرية الاختيار.
▪️ونتساءل: هل سيأتي اليوم الذي نفرح فيه عندما نرى انتشار الإسلام في أوربا وأمريكا وروسيا وكل ربوع الأرض؟ نعم، سيأتي هذا اليوم لكن بجدٍّ واجتهاد من المسلمين في تعريف البشرية بديننا الحنيف، وقد وعد الله بتحقق ذلك، ونحن نؤمن بموعود الله وأن دين الله سيعمُّ كُلَّ الأرض، ويعز الإسلام كما كان من قبل ويَذِلُّ الشرك، ولكن الفكرة تكمن فينا، وهل سيكون لنا دور في ذلك أم نتولى؛ فيحق علينا قول الله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]؟ فبداية الهَلَكَة كما وضحها ملك الصين: يحلُّوا حرامهم ويحرِّموا حلالهم. ولا بد أن يستشعر كل إنسان أن النصر يتأخر بمعصيته وذنبه، فالزوج الذي يترك زوجته تخرج إلى الشارع بدون حجاب، وكذلك الأب الذي يترك ابنته بدون حجاب هذا الأمر يؤخر النصر، رغم أن هذا شيء فردي وخاصٌّ به إلا أنه يحرم حلالاً ويحل حرامًا، ويؤخر النصر, كذلك من يتعامل بالربا، ومن يتعامل في الخمر، والغيبة والكذب، وكل من يقوم بشيء مخالفٍ يحرم فيه حلالاً ويحل حرامًا.


هدف الفتوحات الإسلامية مع قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]؟


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع