مدونة مسعد عامر سيدون المهري


خصائص اللغة العربية.. البنية الصوتية والدلالية

مسعد عامر سيدون المهري | Musaad Amer Saidoon Almahry


20/12/2022 القراءات: 1670  



..
بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية، والذي مر من يومين، يسرني أن اقدم لكم بعض الخصائص التعريفية التي تميزت بها هذه اللغة الشريفة، وقد حصرها العلماء في :- الخصائص الصوتية ، والترادف ، والاشتقاق ، والإعراب، وطرق تعلمها، وغيرها .
وبالنظر إلى الخاصية الأولى ندرك بجلاء دور العلماء في الكشف عن هذه الخاصية ، منذ الخليل بن أحمد الفراهيدي، وسيبويه والكسائي والأخفش وابن جني، وعلماء المعاجم اللغوية ، وعلماء التجويد والقراءت ، فضلا عن علماء النحو والصرف والعروض والبلاغة ..


وقد نظر أولئك العلماء إلى أصوات اللغة ، وبينوا مخارحها وما تتصف به من صفات كالجهر والهمس ، والشدة والتوسط والرخاوة، والاستعلاء والاستفال، والاطباق، والإصمات، والتفشي والتكرار، والغنة وغيرها .


وذلك من أجل نقل صورة صحيحة للأداء اللغوي العربي ، والتوصل إلى القراءة الصحيحة للكتاب العزيز ، كما أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وقد أثر عنهم (القراءة سنة متبعة ) ..


أما من حيث المخرج فقد قسمت الاصوات العربية الى :- شفوية الباء والميم ، والواو، واصوات أسنانية ( الثاء، والذال، والظاء، والتاء ، والدال، والطاء) كما توجد في اللغة الأصوات اللثوية ( الصاد، واللام ، والراء) والصوت اللثوي الإنفي (النون) والصوتان الانفجاريان اللهويان - نسبة الى اللهاة- ( الكاف ، والقاف) والصوتان اللهويان الاحتكاكيان ( الخاء ، والغين) والصوتان الحلقيان الاحتكاكيان ( الحاء، والعين) ، والصوتان الحنجريان: الاحتكاكي ( الهاء) ، والانفجاري ( الهمزة ) .
والى جانب تلك الصوامت ، توجد في العربية صوائت أو ما عرف بالحركات، وهي:- الفتحة ، والضمة، والكسرة وتسمى الاصوات القصيرة ، تمييزا لها عن الاصوات الطويلة وهي : حروف المد ؛ المد بالالف ، والواو، والياء.


إن هذا الثراء الصوتي لا يقتصر أثره فيما ذكرناه من التلقي الصحيح للغة العربية، والتوصل الى الأداء الصحيح أثناء التلاوة فحسب، بل امتد أثره إلى التحليل الشعري والخطابي، وقد اهتمت المدارس النقدية الحديثة بالبنية الصوتية ، واعتبرتها من اهم المناحي الأسلوبية والبنيوية التي تدخل في تحليل الخطاب الابداعي شعرا ونثرا ، كما وسعت من دائرة تلمس هذا الأثر الصوتي الى الاصوات المركبة كالمقاطع والنبر والتنغيم، وكل هذه الخصائص اللغوية الأسلوبية مبثوثة في كتب العلماء السابقين ، حاول الدارسون المعاصرون استخراجها ومقارنتها بالمدارس اللغوية الحديثة فاثبتوا بما لا يدعو مجالا الى الشك عظمة العربية وعلى كعبها في هذه الخصائص الصوتية ، وغناها أسلوبيا وجماليا في مدونتها الأدبية بدء من القرآن الكريم ، والحديث النبوية الشريف ومرورا بكلام العرب شعره ونثره، وانتهاء بالتأليف الإبداعي على مستوى الخاطرة ، والقصة القصيرة، والرواية والشعر العربي المعاصر بمدارسه المتنوعة .

أما الخاصية الثانية وهي الترادف؛ ويراد بها وجود أكثر من لفظة تعبر عن معنى واحد . وقد تختلف أراء اللغويين فيه ، فمنهم من يرى أن المعنى الواحد قد يعبر عنه بغير لفظه، وقد تتجاوز هذه الألفاظ المئة لفظة .. بينما يرى آخرون أنه لا يعبر عن المعنى الواحد إلا لفظة واحدة، وبقية الألفاظ متقاربة ، ولكنها لا تعبر بدقة عن هذا المعنى ، وهناك فروق بينها وبين اللفظة المعبرك عن هذا المعنى؛ فألفاظ النعاس، والنوم والرقاد .. قد تبدو مترادفة ، لكن المدقق جد فرقا ، فالنعاس أول النوم، وهو النوم الخفيف، والتهجاع النوم الثقيل والرقاد النوم الطويل.
وقد ذكر أصحاب المعاجم (القاموس المحيط ) تحديدا أن للسيف أكثر من ألف اسم، وللجمل وشئونه أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربعة وأربعين اسما .

لذا لاعجب أن يرى محبو لغتهم العربية في هذه الخاصية ثراء لغويا تتميز به العربية ، فهي كما يرى علماء اللغة والمعاجم ثرية بمفرداتها ، فربما توجد أكثر من لفظة تعبر عن معنى واحد ، لكن لفظة واحدة من بين هذه الألفاظ هي أكثر دقة من الاخرى في التعبير عن هذا المعنى خصوصا إذا وجدت في سياق ما. فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ، كلمات ( عام ، وسنة ، وحجة، وحول ) وردت في الكتاب العزيز ، وكلها تعني اثني عشر شهرا ، بيد أن كلا منها أتت لتضيف معنى يختلف عن الكلمات الاخريات ، فعلى لسان يوسف عليه السلام ورد ( ثم ياتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) أما السنة فتعبر عن اثني عشر سأشهرا تتسم بالقحط والحديث والشدة ، فقال تعالى ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقصا من الثمرات..) أما لفظة ( حجة) فتستخدم عندما يكون التعاقد بين شخصين أو فريقين ، قال تعالى على لسان شعيب مخاطبا موسى عليه السلام في سورة القصص ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج .. ) اما عندما ياتي السياق متحدثا عن العلاقات الأسرية والنسب فيذكر لفظة ( حول ) ، وذلك شائع في النكاح والزواج والرضاع.. قال تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ..)

فخلاصة ما سبق تميزت اللغة العربية بخصائص عدة ، وتوقفنا في ما سبق عند نقطتين هما:- الخصائص الصوتية والتراداف ، وتبين لنا التكامل اللغوي في العربية في مختلف وحداتها الصوتية والدلالية ، فاللفظة الواحدة تتشكل من وحدات صوتية صغرى ، ثم ما تلبث أن تتضمخ دلاليا وتتسع معنويا ، فترد الألفاظ والمعاني متكاملة متحدة مع السياق الذي يشكل لها الإطار الذي تتحرك فيه، وبذلك تمنح المنشيء حرية الاختيار والتوزيع وفق المبدأ الشعوري والنفسي..




العربية، خصائص ، اللغات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع