مدونة خالد حمادي


اليقظة الرقمية في عصر فوضى منصات الميديا الجديدة.

خالد حمادي | Khaled Hammadi


04/04/2022 القراءات: 1333  


إذا فكرت يوماً في أن هاتفك يهتز ولكنه لم يكن كذلك، فقد تعاني من متلازمة الاهتزاز الوهمية، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة Computers In Human Behavior. ويعني هذا أن جهازك العصبي شديد الحساسية ويعطي رد فعل حتى عندما لا يهتز هاتفك، وهو شكل من أشكال اليقظة المفرطة.
مثل معظم الأشياء التي تستمتع بها، فإن الاستخدام المعتدل لوسائل التواصل الاجتماعي مفيد. ومع ذلك، من المهم عدم المبالغة في ذلك إذا كنت تريد تجنب أن تصبح عضواً في قطيع المصابين بالاهتزاز الوهمي، وهي ثقافة فرعية للأشخاص الذين يعانون من اليقظة المفرطة والأرق وقلة التركيز.
ينشط قضاء الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي من عقلية القطيع. يعني هذا أنك قد تفقد قدرتك على التفكير باستقلالية وتشكيل آرائك الخاصة، ومن المحتمل أن تتوافق مع الأمور الأكثر شيوعاً، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة .Information Systems Frontiers.
دخلنا هذه العوالم بإرادتنا، ونعيش فيها بإرادتنا لكنها بدأت أيضاً تسلبنا حياتنا، هدوءنا وراحة بالنا أيضاً بكامل قوانا العقلية والنفسية، الحالمة واليقظة. وبكامل إرادتنا المسلوبة اليوم تحت سيطرة هذه الوسائل، نصارع أنفسنا قبل أن ندخل في صراعات الآخرين، نصارع الوقت، النفس والحياة التي بدأت تنزلق من أيدينا بالساعات والأيام والسنوات اليوم وهي فقط حصيلة «تركيزنا في الشاشة الصغيرة» وحركة يدنا التي تعبت وأرهقت، وعيوننا التي أزهق نورها. ننام ونصحو فقط في صراع، هل يستحق ما تبقى من حياتنا أن ينتهي دون أن نعلم حتى ماذا كنا نريد نحن قبل أن نعيش حياة الآخرين من خلال الشاشات؟ ما الذي خرجنا منه بعد كل أنواع الصراعات؟وما المجدي اليوم إن كنا فقدنا إحساسنا بالحياة وبمن حولنا، وما حولنا من جمال في كل شيء؟ فقط نبقى وسنستمر في صراع، ولا أحد معصوماً أو خارجاً من هذه الدائرة بسلام. هل يستحق؟
رَبَطَ بحثٌ نُشر في عدد 2018 من مجلة علم النفس الاجتماعي والسريري استخدامَ وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة الشعور بالاكتئاب والشعور بالوحدة. يقول عالم النفس ميليسا هانت، مؤلف الدراسة، إن شعور الناس بالتعاسة عندما يقضون الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط إلى حدٍّ كبير بالمقارنة الاجتماعية.
عندما تنظر إلى حياة الآخرين، لاسيما على Instagram، يكون من السهل أن نستنتج أن حياة أي شخص آخر أمتع وأفضل من حياتك، ووفقاً لنظرية المقارنة الاجتماعية، يبني الناس قيمتهم بأنفسهم بناء على أفضليتهم عن الآخرين.
تقول دكتورة فيرجسون إن الأخبار السيئة جزء من الحياة، لكن عندما تبدو العناوين لا نهائية، فقد يكون لها بالتأكيد خسائر، يمكن أن يؤثر ذلك على الجميع، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الضعف
مثل الإجهاد اللاحق للصدمة أو تاريخ من مشاكل الصحة العقلية أو القلق، يمكن أن يُمثل هذا التعرض المُبالغ فيه للأخبار السيئة خطراً ويصبح مشكلة حقيقية.
يقول سلافوي جيجك "حسابنا على فيسبوك يريحنا من عبء المسؤولية المباشرة، إنه يشبه الضحك المسجل في مسلسلات (ست كوم) القصيرة أو النائحات اللواتي يؤجرن في الجنازات، فهم يضحكون ويبكون بالنيابة عنا، بالتالي فإن الحساب الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي هي نسخة نريدها لأنفسنا.. فيسبوك يغذي الأنا لدينا ويزيد من درجة النرجسية، لأنه يتيح للمستخدم الآليات التي يمكن بها أن يصنع صورة جديدة أو بديلة لنفسه"
المبالغة في تضخيم الدور الريادي لمواقع التواصل الاجتماعي يضعنا في حالة انسداد، واعتماد شبه كلي على هذه المواقع لبنائنا الفكري وهذا ما وقع فيه الكثير من الأشخاص، واعتمادهم شبه الكلي على ردود الأفعال الإيجابية لنشاطاتهم من قبل الجمهور الافتراضي. ذلك أن هذا الجمهور لا يتعدى حدود العالم الافتراضي، ذلك أن هذه الحشود المتواجدة ففيه لم تترجم حماسها إلى رؤية واقعية، وهو جمهور في أحسن حالاته مادة غنية للتعارف وللصداقات الفعلية في الواقع، لكن حتى هذا التعارف، ينتهي أمره في العالم الافتراضي، ويتحول جزء ضئيل منه إلى صداقات حقيقية. فمن وجهة نظري، أن هذه المواقع لا تتعدى حالات التعارف وتبادل المعلومات بشكل عام، وما عدا ذلك هو أمنيات وإسقاطات يجبرنا الواقع المأساوي على تصديقها والتعامل معها كحقائق لا يجوز التشكيك فيها، فبعد أن يتشوه الواقع ويتحول إلى كابوس، فلا مهرب منه سوى الأحلام، وهذه الأخيرة تتوفر بشكل خصب في مواقع التواصل الاجتماعي.
كافة وسائل التواصل الاجتماعي تفاقم من شعور الإنسان أن الآخرين يستمتعون بحياتهم ويعشيون حياة أفضل منه ، لذا فدائماً ما يراود فكر الشخص أنه لابد من الإطلاع المستمر والدائم لآخر الأخبار وما يستجد فيها حتى يستمتع هو الآخر .. وهنا نجد ظاهرة تفقد التليفون المحمول كل دقيقة لرؤية آخر المستجدات وهذا نوع آخر من أنواع الضغوط التي تصيب الإنسان من شعوره بعدم تقدير ذاته وتحفيز القلق لديه بل ويدفع كل ذلك الشخص إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي أكثر وأكثر ، حيث يقوم بالرد على كافة الرسائل والتعليقات ، بل ويصل الأمر إلى أن الشخص يحرص على التواصل أثناء القيادة وخلال فترات النوم حيث يستيقظ منه للرد بل وعدم اكتراثه للمشاركة في التفاعلات الاجتماعية الفعلية من أجل التفرغ لمعرفة آخر المستجدات .
فوسائل التواصل الاجتماعي ليست عدواً للإنسان .. ولكن الأمر يرجع لشخصية كل واحد على حدة وإلى طريقة تفكيره فكيف يستقبل الأخبار وكيف تؤثر على حياته ، والشخص الذكي هو الذي يستفيد من المواقف والخبرات التي يمر بها ويأخذ منها ما هو مهم.
المراجع:
1-https://daraj.com/5732/
2- مريم البلوشي، صراع السوشيال ميديا، رابط المقال
https://2u.pw/iine7
3-نيرة عبد الرزاق، عربي بوست، رابط المقال
https://2u.pw/phhab
4- رعد أطياف، عراق ultra, الرابط
https://2u.pw/DC0Lj
5-بوابة فيدو، على الرابط
https://www.feedo.net/QualityOfLife/Stress/SocialMediaStress.htm


-اليقظة الرقمية - الفوضى الرقمية - الميديا الجديدة - اليقظة الذهنية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


موضوع علمي مشتق من اليقظة الذهنية حيث حاولنا رابط هذا المفهوم بما تفعله وسائط الميديا الجديدة اليوم في عقول والذهنيات البشرية ومع الزخم الهائل لهذه المنصات وتأثيرها في التوجهات والاراء وهذا بالاعتماد على عدة مراجع ودراسات علمية.