مدونة حسين سالم مرجين


رحلتي من الصمت والهروب إلى استعادة الثقة والانخراط في البحث العلمي

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


13/01/2024 القراءات: 470  


شاركت في فعالية ورشة عمل بجامعة طرابلس في القطاع (ب) يوم الخميس الموافق 4 يناير 2023م، حول أخلاقيات البحث العلمي في العلوم الإنسانية. شاركت في هذه الفعالية بعد انقطاع عن الكلية الآداب لمدة أربع سنوات، حيث رفضت خلالها المشاركة في أي فعالية بسبب مواقف وممارسات عدم التقدير التي واجهتها، فالشعور بالظلم جعلني ألجأ للسكوت والانعزال والصمت والهروب إلى خارج الجامعة.
عمومًا، قد تكون بعض الممارسات خلال فترة عملي في الهيئة الليبية للبحث العلمي قد تلاشت من ذاكرتي. شاركت في هذه الفعالية من خلال مداخلة علمية بعنوان "ميثاق أخلاقي في العلوم الاجتماعية والإنسانية: نحو تعزيز الأخلاقيات البحثية وحماية حقوق الباحثين والمشاركين في الدراسات والبحوث الاجتماعية والإنسانية". وبعد انتهاء المداخلة، طُرحت عدة تساؤلات لا تتعلق بمضمون المداخلة، بل تتعلق ببعض التفسيرات، مثل أن العلوم الإنسانية والاجتماعية هي واحدة وليست كما أشرت في مداخلتي. وهكذا كانت جل المداخلات.
في الحقيقة، لفت انتباهي أثناء محاولتي الإجابة على التساؤلات أن الأساتذة الذين طرحوا تلك التساؤلات غادروا الفعالية قبل أن أتمكن من الإجابة، وهذا جعلني أقول إن من الأخلاقيات المعتادة أن ننتظر صاحب التساؤل للحصول على الإجابة، ولكن بوضوح، فإن أولئك الأساتذة كانوا مهتمين فقط بطرح التساؤلات.
عمومًا، في هذه المقالة أود رصد بعض الملاحظات التي لاحظتها وعايشتها خلال هذه الفعالية، وذلك بناءً على الحس الاستشرافي دون التقليل من أهمية الفعالية التي ذكرتها. فالكتابة بالنسبة لي أصبحت نافذة للحرية لتجاوز القيود قليلاً من أجل الإيمان بالأمل. وسأكتفي في هذا السياق بالتنويه واختصار بعض النقاط:
• لم ألاحظ أي تغيير في تفكير بعض أساتذة الكلية. لا يزالوا على ما هم عليه، كما كانوا قبل سنوات، على الرغم من وجود تغييرات في المباني والمنشآت في القطاع (ب). لا يزال هناك رفض للآخر بدلاً من البحث عن النقاط المشتركة التي تجمع بين الأساتذة بدلاً من التفرق. وهذا يعني ببساطة أن تلك العقول لا تزال تعيد إنتاج نفسها دون أن تكون قادرة على إحداث التغيير أو تجاوزه.
• لا يزال بعض أعضاء هيئة التدريس يتحدثون عن الحاجة إلى توفير دورات المياه في القطاع (ب)، على الرغم من الألوان الزاهية التي رأيتها في مباني الكلية. وهنا يطرح السؤال: هل تؤثر المباني ذات الألوان الزاهية على تشكيل العقول؟
• لا يزال بعض الأساتذة يسعون، على نحو منفرد، إلى تغيير مسار الكلية. وهي قد تكون معلومة مقتضبة ولكنها أقرب للواقع المسكوت عنه.
• جلس بعضهم لبضع دقائق ثم خرج، وقد لا يدرك أهداف الفعالية، وكأنه يريد القول بأنه موجود فقط.
• والأهم من كل ذلك هو موضوع الجودة وضمانها. لم ألاحظ أي تغيير في الأفكار التي تتضمنها الجودة. وهو التحدي الكبير. فالأفكار، عندما يؤمن بها المجتمع الأكاديمي، وخاصة أساتذة الجامعة، تتحول إلى قوة دافعة نحو الاتجاه الذي يرغب فيه المسؤولون. وهذا يعني ببساطة أن تأصيل وتطبيق الجودة وضمانها لم يؤثر في أفكار وممارسات بعض الأساتذة. وهنا أكاد أجزم بأن الكل لا يزال ينتظر التغيير أن يأتي من الوزارة أو رئاسة الجامعة أو عمادة الكلية، دون أن يقوموا بأي تغيير. وعلى الرغم من أننا نعلم بأن مدمن قرع الأبواب سيلج في النهاية.
• من المهم أن تدرك الجامعة والكلية بأنه عندما تقوم بتطبيق مشروع الجودة وضمانها باستخدام بعض السياسات والإجراءات التي تتعارض مع عواطف ومطالب الأساتذة، فإنها ستدفع أولئك الأساتذة إلى البحث عن طرق أخرى لمقاومة هذا المشروع.
• أظهرت المناقشات الحاجة إلى أهمية الخروج من عباءة الباحث الحكومي والبحث عن روح المغامرة وروح الصحفي الذي لا يعترف بالقيود والشروط.
وخلاصة ما سبق هو أن الواقع في الكلية لا يزال عالقًا في العرف والتقاليد القديمة. على الرغم من التغييرات الظاهرة في بعض المباني والبنية التحتية، إلا أنه هناك تمسك بالأفكار والمعتقدات القديمة. بالرغم من أنه لا يمكن تجاهل حاجة الكلية إلى التغيير والتطور. وعلى أي حال وسواء قبل البعض أو لم يقبل بوجهة النظر هذه فإنه من المؤكد بالنسبة لي أنه لا يمكن تجاهل حاجة الكلية إلى التغيير والتطور، حيث يمكن تحديد عدد من المسارات المهمة للتحسين منها :
• أن يتحلى أعضاء هيئة التدريس بالروح الابتكارية والشغف لمواكبة التحولات في مجال التعليم العالي. يجب أن يكون هناك انفتاح على الأفكار الجديدة والمنهجيات الحديثة التي تعزز التفاعل والتعلم النشط.
• إن البحث العلمي الذي يتسم بروح المغامرة يشجع على الابتعاد عن التسليم والانقياد نحو الموضوعات المحددة والمألوفة. يتطلب ذلك الجرأة والقدرة على تحمل المخاطر، حيث يمكن أن يكون هناك عدم اليقين وعدم وضوح النتائج في بداية البحث. ومع ذلك، فإن هذا النهج المغامر يمكن أن يفتح أبوابًا لاحتمالات جديدة واكتشافات مثيرة.
• علاوة على ذلك، يجب أن يتعامل الجميع مع قضية الجودة وضمانها بجدية. يجب أن يكون هناك التزام بتطبيق الممارسات الأفضل وتحسين العملية التعليمية وتقييم النتائج بشكل منتظم. هذا يتطلب تعاونًا وتفاعلاً حقيقيًا بين أعضاء هيئة التدريس وإدارة الكلية والطلبة وأصحاب المصلحة الأخرى.
• من الضروري أن يكون هناك قيادة فعالة ورؤية استراتيجية واضحة للكلية، تدعم التغيير وتشجع على الابتكار وتضع خططًا قابلة للتنفيذ لتحقيق التطور المستدام.
• على الجميع أن يُدرك أن التغيير ليس مسؤولية الآخرين فحسب، بل هو مسؤولية الجميع. إذا كنا نرغب في رؤية تحول حقيقي في الكلية، فلا بد من أن نتحمل المسؤولية ونعمل معًا لتحقيقه. القوة لتغيير الكلية وتطورها موجودة داخلنا جميعًا، ويجب أن نستثمرها بشكل إيجابي لبناء مستقبل أفضل للكلية.
وختاما، نأمل أن تتحرك الكلية نحو التغيير والتحسين المستمر، وأن تصبح مؤسسة تعليمية رائدة تلبي احتياجات طلابها والمجتمع المحيط. ويعني ذلك أهمية وجود


البحث العلمي - جامعة طرابلس - الهيئة الليبية للبحث العلمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع