مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 صلح الحديبية

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


13/03/2023 القراءات: 233  


سلسلة السيرة النبوية

🔻 صلح الحديبية

استقبل المسلمون السنة السادسة للهجرة وهم علي أحسن حال من العزة والقوة وقد شجعهم هذا على أن يقوموا بعدة غزوات وسرايا في هذه السنة لتأديب القبائل التي ارتكبت جرائم في حق المسلمين ولإظهار قوة المسلمين وسلطانهم ولمنع التجمعات ضد المسلمين ، وبهذا انتقل للمسلمين زمام المبادأة و أمسوا مرهوبي الجانب يحسب لهم العدو ألف حساب قبل أن يفكر في الاعتداء عليهم

وكانت قريش قد آلت على نفسها منذ هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه إلى المدينة ، أن يصدوهم عن المسجد الحرام وأن يحولوا بينهم وبين سائر العرب ، وقد كاد العام السادس الهجري أن ينتهي ولم يرى المهاجرون فيها مكة

وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد رأى في المنام وهو بالمدينة ، أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام ، وطافوا واعتمروا ، وحلق بعضهم وقصر بعضهم ، وذلك في غير تحديد للزمان وتعيين للشهر والعام

فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك وهو بالمدينة فاستبشروا به وزاد شوقهم لزيارة البيت واعتقدوا أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، وأنهم داخلوا مكة عامهم ذلك ، واخبر عليه الصلاة والسلام أصحابه أنه معتمر فتجهزوا للسفر

وفضل النبي صلى الله عليه وسلم الذهاب في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم حتى لا تتوجس قريش وتصده عن مكة ، واستنفر من حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه ، فأبطأ كثير من الأعراب ، وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة في ذي القعدة من السنة السادسة معتمراً لا يريد حرباً، إلى الحديبية وكان عدد المسلمين ألفا و أربعمائة علي ارجح الروايات ، وخرجت معه زوجته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها

وخرج معه الصحابة رضوان الله عليهم ، خرجوا في ثياب الإحرام البيض وساقوا معهم الهدي وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس انه خرج زائر للبيت معظماً له و حتى لا تفكر قريش في صده عن مكة وكانوا عزلا من السلاح إلا ما يحمله كل مسافر وهو سيف في قرابة. وركب الرسول صلى الله عليه وسلم ناقته القصواء و أصحابه من خلفه

فلما بلغوا ذي الحليفة ميقات أهل المدينة قلد الرسول الهدي ، بأن علق في عنقه شيئا وهو نعل ليعلم انه هدي، و أشعره أي لطخه بالدم، وأحرم الجميع ودوى صوتهم بالتلبية إعلانا عن عمرتهم. وكان ذلك حقا لهم فإن زيارة البيت من حق العرب جميعاً وليس لقريش بحكم العرف العام أن تصد أحدا حتى ولو كان عدوا متى رعت حرمه البيت الحرام أحرم الرسول صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة ، وأحرم معه أصحابه ، توجهوا لأداء العمرة ، مسالمين ليس معهم سلاح ، لا يبغون إلا أداء العمرة وزيارة البيت الحرام ، لكن قريشا بمجرد علمها أن المسلمين يقصدون مكة أخذت في الاستعداد للحرب ولم يصدقوا أن هدف الرسول صلى الله عليه وسلم العمرة ، وعقدوا النية علي صد النبي صلى الله عليه وسلم عن مكة مهما كلفهم الأمر وهكذا كان هذا الموقف من قريش دليلا علي عنادها وصلفها وتماديها في الاعتداء على المسلمين ومصادرة حرياتهم و انتهاك حقوقهم

ومضي ركب الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق مكة حتى بلغ عسفان (علي بعد يومين من مكة) ، وهناك لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام و آخرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد سالفتي ( أي أموت ) "

وبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أن خالد بن الوليد خرج في خيل لقريش بلغت مائتا فارس طليعة لجيش قريش ، وقد حاول خالد صد المسلمين، فقام بفرسانه إزاءهم يتراءي الجيشان‏.‏ ورأي خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون، فقال‏:‏ لقد كانوا على غرة، لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منهم، ثم قرر أن يميل على المسلمين ـ وهم في صلاة العصر ـ ميلة واحدة، ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف، ففاتت الفرصة خالداً‏.‏

ولكي يتجنب الرسول صلى الله عليه وسلم الاصطدام بقريش ومضياً مع الرغبة عن القتال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من رجل يخرج بنا عن طريق غير طريقهم التي هم بها؟"
فسلك بهم رجل من أسلم طريقا وعراً غير الطريق المعهود حتى وصل إلى الحديبية علي طرف حدود أراضي مكة، وهناك بركت ناقته صلى الله عليه وسلم
فقال الناس : خلأت ( بركت ) القصواء
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة" ثم قال :
" والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"
البخاري
ثم زجرها فوثبت به

ثم عدل عن دخول مكة إلى أقصى الحديبية فنزل على بئر قليلة الماء فاشتكى المسلمون العطش، فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيها فمازال يجيش بالري حتى صدروا عنه (رجعوا منه) فكان تكثير الماء من معجزاته عليه الصلاة والسلام
وعلم الجيش القرشي بنزول النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية فأسرع إلى مكة لحمايتها وليحولوا بين المسلمين وبين دخولها وعسكرت قريش بقواتها علي جميع مداخلها


سلسلة السيرة النبوية 🔻 صلح الحديبية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع