مدونة رائد محمد حلس


السياسات الاقتصادية لتطوير القطاع الصناعي والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني

د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles


23/04/2022 القراءات: 2703  


يعتبر القطاع الصناعي من أكثر القطاعات الاقتصادية التي تضررت بسبب إجراءات الاحتلال الاسرائيلي، أبرزها الحصار الإسرائيلي الذي أدى بالفعل إلى وقف عمليات الإنتاج على نطاق واسع وإلى فقدان فرص العمل بسبب توقف العديد من المصانع وورش العمل، وألحق دماراً هائلاً بالاقتصاد المحلي وبالموارد الإنتاجية والبنية التحتية وأثَر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على العديد من المرافق الصناعية بجانب الندرة الحادة في المدخلات اللازمة للتصنيع (الكهرباء والوقود).
كما أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يشكل العائق الأكبر أمام تحقيق عملية التنمية الصناعية في فلسطين، من خلال استمرار سياسة الحصار والإغلاق، إذ يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 62% من أراضي الضفة الغربية المنطقة "ج" وهي المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والمعادن التي توفر الأساس الاقتصادي للنمو في القطاع الصناعي، والتي دونها لا يمكن أن يتحقق أي نوع من أنواع التنمية الصناعية التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي من خلال سياساته وإجراءاته إلى إفشالها وعدم تحقيقها.
وبالإضافة إلى ذلك لا يزال الاحتلال الإسرائيلي أيضًا يُمعن في ممارسته وإجراءاته القمعية من خلال سيطرته على مقدرات الشعب الفلسطيني وموارده الطبيعية، وحرمان الاقتصاد الفلسطيني من الانتفاع من مورد استراتيجي هام هو البحر الميت وما يحتويه من أملاح ومعادن ذات قيمة عالية تستولي عليها، حيث تقدر الخسائر السنوية للاقتصاد الفلسطيني لعدم استغلال موارد البحر الميت بنحو 1.1 مليار دولار أي ما يعادل 13.6 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى الرغم من هذه المعيقات بالإمكان تبني سياسات اقتصادية قابلة للتنفيذ لتطوير القطاع الصناعي والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتحقيق التنمية المستدامة، مع مراعاة خصوصية الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية وما يحتويه من مشكلات تتعلق بضعف البنية بسبب صغر مساحته وقلة موارده وتأثره بشدة بالعوامل الخارجية، إضافة إلى ضعف الإمكانيات الذاتية للقطاعات الإنتاجية بسبب الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها القطاعات الإنتاجية، والناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي، كذلك المشكلات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني كالفقر والبطالة، والتي تشكل دافعاً أكبر للبحث عن حلول لهذه المشكلات، نستعرضها فيما يلي:
أولًا: إعادة هيكلة الصناعات الواعدة القادرة على المنافسة بقيمة مضافة مرتفعة، من خلال إنشاء هيئة للتصنيع الوطني للمتابعة والإشراف على السياسة الصناعية، وربطها بالسياسة الاقتصادية الكلية، بالإضافة إلى منح المنشآت الصناعية أسعار تشجيعية للكهرباء والمياه للأغراض الصناعية، كذلك تقديم حوافز وتسهيلات مصرفية للاستيراد المباشر للمعدات والآلات التصنيعية، كذلك استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وإدخال منتجات جديدة الأمر الذي يعزز من قدرة الصناعات الفلسطينية على المنافسة وتحقيق قيمة مضافة مرتفعة وزيادة قدرتها التنافسية.
ثانيًا: تطوير البنية التحتية للصناعات الفلسطينية، ورفع إنتاجية القطاعات الإنتاجية الوطنية، من خلال تطوير أنظمة المواصفات والمقاييس وآليات تطبيقها وتفعيل دورها في تطوير البنية التحتية للصناعات الفلسطينية ورفع إنتاجية القطاعات الإنتاجية الوطنية وحمايتها وتعزيز قدرتها التنافسية لتحل محل المنتجات المستوردة، وهذا يحتاج أيضاً خلق ولاءات للمنتجات الوطنية ذات الجودة العالية والسعر المناسب من قبل المواطن الفلسطيني، لدعم صمود القطاع الصناعي الفلسطيني وتطويره.
ثالثًا: حماية الصناعات الناشئة القادرة على إحلال الواردات، ودعم المنتجات الوطنية، كونها سياسة قابلة للتطبيق في الوقت الراهن وتعزز من مقومات الصمود للاقتصاد الفلسطيني، وفي ذات الوقت توفر الحماية اللازمة المستهلك من تدفق السلع المستوردة الرخيصة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس الفلسطينية، كذلك دعم المنتجات الوطنية التي تتميز بالجودة والسعر المناسب وقدرتها العالية على المنافسة.


السياسات الاقتصادية - القطاع الصناعي - الاقتصاد الفلسطيني


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع