مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


في الْمعاشرةِ والْحِلْمِ وآثارِهِ(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


03/12/2022 القراءات: 279  


في الْمعاشرةِ والْحِلْمِ وآثارِهِ
والأسْبابِ الْباعِثةِ على ضبْطِ النفْسِ

ومِنْ الأمْثِلةِ لِذلِك أن الْمربي إِذا كان حلِيما فإِنه إِذا أراد الله أنْتج أحْسن النتائِجِ ويؤدي لأمتِهِ أجل الْخِدمِ وأفْضلها لأنه يسْتطِيع بِحِلْمِهِ أنْ يتبين موْضِع الضعْفِ مِنْ نفْسِ الْقائِمِ على ترْبِيتِهِ فيعالِجه بِما يناسِب حاله حتى يشِب صالِحا نافِعا إِذا كان قائِما بِتلْقِينِهِ الْعِلْم فإِن ملقن الْعِلْمِ إذا لمْ يكنْ حلِيما فإِنه يضِيع على منْ يعلمه أحْسن الْفرصِ فِي حياته لأنه يمْنعه مِنْ مناقشةِ الْحقائِقِ الْعِلْمِيةِ التِي يتمكن بِها مِنْ معرْفِة ِالْخطأِ مِنْ الصوابِ والْحق مِن الْباطِلِ ويتدرب بِها على الْمناظرةِ الْمفِيدةِ لِلْفِكْرِ .
ومع ذلِك فإِن الْمربي الأحْمق يضِيف إلى ذلِك أثرا سيئا فِي نفْسِ الْمربي لأن الطباع كسابة فيتأثر مِنْه ويسْرِي إِليْهِ مِنْ أسْتاذِهِ مِنْ ما بِهِ مِنْ أمْراض أخْلاقِية غالِبا ويكون شرا متعديا على نفْسِهِ وعلى غيْرِهِ .
ومِنْ الأمْثِلةِ لذلِك الزوْج مع زوْجتِهِ فإِذا كان كل مِنْهما حلِيما فإِنهما يعِيشانِ عيْشة مرْضِية إِذا كان كل مِنْهما يغْضِي عنْ هفواتِ الآخرِ ويرْفوها فلا يثِيرانِ نِزاعا لأيْسرِ الأمورِ وأحْقرِ الأسْبابِ وأتْفهِها وإِنْ وقع نادِرا عالجاه بِلطْف وحِرصا على كتْمِهِ عنْ الأوْلادِ لِعِلْمِهِما بِما يترتب على إِظْهارِهِ مِنْ الضرر الْعظِيم خصوصا ِإذا كان الأبْناء فِي حد قابِل لانْطِباعِ الأخْلاقِ فِيهِمْ وانْتِقالِ الصفاتِ إِليْهِمْ فإِن الْحِلْم فِي هذِهِ الْحالةِ موْقِعه عظِيم وضرر الْحماقةِ شدِيد جِدا لِما يصِيب الأبْناء مِنْ ضررِ عدمِ الْحِلْمِ فالْحِلْم فِي الْحقِيقةِ سعادة عاجِلة وخيْر لِلأسْرةِ بِتمامِها .
شِعْرا :
رجعْت على السفِيهِ بِفضْلِ حِلْمِي فكان الْحِلم عنْه له لِجاما

وظن بِي السفاه فلمْ يجِدْنِي أسافِهه وقلْت له سلاما

فقام يجر رِجْليْهِ ذلِيلا وقدْ كسب الْمذلة والْملاما
وفضْل الْحِلْمِ أبْلغ فِي سفِيه وأحْرى أنْ تنال بِهِ انْتِقاما

ومِنْ الأمْثِلةِ لِذلِك التاجِر فإِنه إِذا كان حلِيما تروج تِجارته ويقْبل الْمعامِلون عليْهِ لأن حِلْمه يرغب فِي معاملتِهِ أما إِذا كان حمقِيا غضوبا لأهْون الأشْياءِ وأيْسرِ الأمورِ فتجِده مع الناسِ فِي لِجاج وخِصام لا يمكن غضبه أحدا مِنْ مفاهمتِهِ فِيما يرِيد أنْ يبِيعه أوْ يشْترِيهِ وربما أدى بِهِ غضبه وعدم حِلْمِهِ إلى إتْلافِ السلْعةِ التِي يرِيد بيْعها أوْ إلى الأيْمانِ أنه لا يبِيعها مِنْ الْمساوِمِ له أوْ غيْرِ ذلِك مِما يفْعله كثِير مِنْ الْحمْقى الْجاهِلِين فإِنه مِنْ أعْظمِ الأسْبابِ لِكسادِ تِجارةِ هؤلاءِ وانْصِرافِ الناسِ عنْهمْ ونفْرتِهِمْ مِنْ معاملتِهِمْ . وقدْ يفضلون معاملة الْحلِيمِ حتى ولوْ كانتْ سِلْعته أقل جودة مِنْ سِلْعةِ ذلِك الأحْمق .
ومِثْل ذلِك أهْل الصنائِع إِذا كانوا حمقاء فإِن الناس لا يعامِلونهمْ خوْفا مِنْ ألْسِنتِهِمْ ويذْهبون عنْهمْ إلى منْ كان حلِيما لأنه يكون محببا إلى النفوسِ يسْترِيح معه الناس .


في الْمعاشرةِ والْحِلْمِ وآثارِهِ(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع