مدونة محمد كريم الساعدي


القصديتان (الدينية والفلسفية) وثنائيات المنظومة الغربية / الجزء الأول

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


22/07/2023 القراءات: 755  


إنّ الفكر الغربي بمرجعيتيه الدينية والفلسفية أسهم في تشكيل صور الاساءة والتشويه لشخصية الرسول الكريم محمد(ص) والقرآن الكريم ، وتأتي هذه القصدية من رغبة في تشكيل الصور في الذهنية الغربية . قامتا هاتان القصديتان (الدينية والفلسفية) لغاية معينة ،هي من أجل أنّ تكون هذه الصور غير قابلة للتكذيب في المجتمعات الغربية ، لاسيما بعد دعمها بحجج قائمة على نظام متعالي يجعل من الشعوب الأخرى مخالفة وعدوة لها في أشياء كثيرة منها :(العقلية الفلسفية) و(أفضلية الديانة الغربية) على سائر ديانات العالم سواء أكانت منها الوضعية ،أو السماوية ، ومن ثم فإن رسم هذه الظاهرة التشويهية رافقتها ظاهرة تخويفية من الآخر ،وخصوصاً المسلم ،إذ جعلت من هاتين القصديتين ركيزتين في الوعي الغربي السلطوي الذي تأزر مع كل من الدين والفكر الفلسفي في جوانب مهمة في محاربة الأخر ثقافياً ، لذا نرى أنّ ظاهرة الثنائيات التي كانت في البدء (متحضر وهمجي) هي نظرة أتت من الفكر اليوناني لتتحول الى ظاهرة (المؤمن والكافر) ،التي أتت من الفكر الديني في القرون الوسطى والحروب الصليبية ، وبعد ذلك تتحول الى ظاهرة (المتحضر والمتخلف) في الفكر التنوير ، نلاحظ أنّ هذه الثنائيات شكلت حلقات وصل مهمة في بناء ظاهرة التشويه والقصدية في داخل البناء الفكري والديني الغربي .
إنَّ الرغبة في تشكيل الصور المتقصدة هي كانت مبنية على أساس الرغبة في تشكيل وعي جمعي غربي يحكمه الخوف من الآخر المسلم وخصوصاً الصفات التي حاول البعض لصقها بالرسول الكريم (ص)، على أعتبار هو من أوجد الإسلام ودولته ،وهو من يتحمل مسؤولية هذه الدولة ، التي أخذت من صفاته الكثير ، وهذه الصفات التي ساقها الفكر والدين في الغرب ماهي إلا صفات الغرض منها صناعة شكل المسلم في العقلية الغربية .
ربما سائل يسأل ويقول ؛ أنّ الفكر الديني المسيحي المؤدلج في الغرب ضد الإسلام هو من تقع عليه المسؤولية، أو على بعض من رجالاته مسؤولية التشويه فما دخل الفلسفة اليونانية وغيرها في هذه المشكلة بين الديانتين ؟ ، وهنا نود أنّ نؤكد أنّ الصراع بين الشرق والغرب وتشكيل صورة الأخر في الذهنية الغربية هي لم تأتي فقط من فترة القرون الوسطى ،وما بعدها من الحروب الصليبية وغيرها ، بل أنّ تشكيل صورة الآخر ووصفه بأوصاف دونية استندت عليها فيما بعد العقلية الدينية الغربية في أكمال الثنائيات في داخل المنظومة العقلية الغربية السلطوية على مستوى الخاص ، والمنظومة العقلية لدى الجمهور الغربي على المستوى العام .
أما الغاية الأخرى المهمة أيضاً ،هي تدمير الذات الشرقية المسلمة من خلال تشوية وتدمير الشخصية الشرقية المتمثلة بشخصية الرسول(ص)، بمعنى أنّ الأوصاف التي أنتجها الفكر الغربي - وخصوصاً كما ذكرنا في بداية هذا الفصل- أصبحت قاعدة لدى البعض ممن تأثروا بهذه الأوصاف فيما بعد في إكمال هذه الصور المشوهة ، ضد شخصية الرسول (ص) ، وإنَّ عملية التوصيف هي امتداد طبيعي لأوصاف الشرقي ما قبل الإسلام ، فهذه الشخصية الشرقية المستبدة الغارقة في الشهوانية والمغيبة للعقل في فترة ما قبل الإسلام ، هي من إبداع الفكر اليوناني وما بعده ، انسحبت على شخصية الرسول (ص) كجزء من ظاهرة التدمير للذات الثقافية الشرقية ، فعند استهدافها سوف تنعكس سلباً على البناء السلوكي لدى أبناء الديانة الإسلامية التي تغطي معظم مناطق الشرق الاوسط والادنى .


الدين ، الفلسفة ، الغرب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع