مدونة عبدالحكيم الأنيس


الأستاذ أحمد شوقي بنبين

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


31/07/2022 القراءات: 976  


(ألقيتُ هذه الكلمة بعد محاضرته: "من الكتاب المخطوط إلى الكتاب المطبوع في التراث العربي" التي أقامها مركز روافد في المغرب)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد: فإذا كانت المداخلات تتناول القائلَ والمقولَ، فاسمحوا لي أنْ أتولى الجانب الأول.
أقول: يفكرُ الإنسانُ أحيانًا أنْ لو عاش في غير عصره وزمنه، كأن يكونَ قد أدرك العلماءَ المجتهدين والمجدِّدين والمتميزين، ثم إذا رجعَ إلى نفسه وبحثَ عن علماء عصره علمَ أنَّ في كل زمن رجالًا يُفخر بمعاصرتهم، ويَزداد الفخرُ إذا رَبط بينه وبينهم رابطٌ مِن معرفةٍ وقربٍ ولقاءٍ وودٍّ، بعد روابط العلم التي تنشرُها مقالاتُهم وبحوثُهم ومؤلفاتُهم ومحققاتُهم.
وهذا لسانُ حالي مع الأخ الكبير الأستاذ أحمد شوقي.
وأنا سعيدٌ الليلة أني أستمعُ إليه كما سعدتُّ بالاستماع إليه ولقائه مرات متعددة.
والحقُّ أن التعليق على محاضرته بله علمه وشخصه وخُلقه ليس من السهل، وأستعير هنا كلمة قالها أخي الأستاذُ فيصل الحفيان في مقاله عن كتابه "تاريخ خزائن الكتب في المغرب": "والحقُّ أنَّ قراءة كتاب د. بنين والجولة في عقل الرجل أشبهُ بمغامرةٍ على خشبة ألقيتْ في بحر هائج في يوم عاصف" .
وقال فيه أيضًا: "د. بنبين واحدٌ مِن نفرٍ قليلٍ مهمومٌ بالكتاب مشغولٌ به".
***
لقيتُ د. أحمد في مؤتمر القاضي عبدالوهاب البغدادي المالكي في دبي عام (2003)، ثم في الإسكندرية عام (2005)، وعام (2006)، ومِن ذلك التاريخ نشأتْ بيننا صلةٌ علميةٌ وروحيةٌ دعتنا إلى اللقاء في القاهرة، وحلب، والرباط، ومراكش، وفاس، وإسطنبول، وأبوظبي.
ودعتني تلك الصلةُ إلى أنْ أقرأ له وعنه، وأتمعن في نتاج قلمٍ لا يُكرر ما تخطه الأقلام، وكان أنْ قرأت:
كلمته باسم المشاركين في ندوة (قضايا المخطوطات) في معهد المخطوطات العربية في القاهرة عام (1998).
وبحثيه فيها: "علاقة الفهرسة بعلم المخطوطات"، و"نظام التعقيبة".
وبحثه: "ما المخطوط" في العدد الثالث من مجلة "تراثيات" عام (2004).
وبحثه: "النسخة الأصلية والنسخة الأم" في مؤتمر المخطوطات الموقعة في الإسكندرية في أبريل عام (2005).
وبحثه: "ما الكتاب" في العدد الثامن من مجلة "تراثيات" أيضًا عام (2006).
وبحثه: "نقل فهرس مخطوطات الأسكوريال إلى اللغة العربية" في العددين السادس والسابع من جامعة ابن يوسف عام (2008) (ص: 73-81).
وبحثيه: "أصول التحقيق العلمي"، و"الانتقال من ثقافة النسخ إلى ثقافة الطبع" في الدورة التدريبية في المغرب عام (2013) .
وبحثه: "كشف الظنون والبيبلوغرافيا العالمية" في إسطنبول عام (2015) وفي مجلة "مرآة التراث" عام (2017).
والحقيقة: أنَّ المُنتج العلمي للأستاذ أحمد في منزلة الضرورة لكل باحثٍ يريد التخصص في التراث الإسلامي، ولاسيما كتاباه:
"معجم مصطلحات المخطوط العربي" في طبعته الخامسة.
و"دراسات في علم المخطوطات والبحث الببلوغرافي" في طبعته الثالثة.
وأتمنى عليه أن يقوم بجمع مقدماته لفهارس مخطوطات الخزانة، ومقدماته لكتب الباحثين التي قدَّم لها، وفيها ما لا يَستغني عنه قارئٌ مهتمٌّ يبحثُ عن التعمق والدراية الحقة.
ومن ذلك تقديمه لـ:
"منتخبات من نوادر المخطوطات" للأستاذ محمد بن عبدالهادي المنوني، عام (2004).
و"دُور الكتب في ماضي المغرب" للأستاذ المنوني، عام (2005).
و"كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية"، عام (2007).
و"ابن النديم وكتابه الفهرست" للشيخ عبدالحي الكتاني، بعناية أيوب بولسعاد، عام (2012).
و"فهرس مخطوطات التصوف [في الخزانة الحسنية]"، عام (2010).
و"فهرس الكتب المخطوطة في علم أصول الفقه المحفوظة في الخزانة الحسنية" تأليف خالد زهري وعبدالمجيد بوكاري، عام (2014).
و"فهرس الكتب المخطوطة في علوم القرآن والتفسير المحفوظة بالخزانة الحسنية" إنجاز محمد سعيد حنشي وعبدالعالي لمدبر، عام (20017).
وأستعيرُ كلمةً قالها الأستاذ أحمد في تقديمه لـ "فهرس قسم التاريخ والرحلات والإجازات" عام (2000) عن الخزانة الحسنية (ص: ج): بأنها "كعبة الباحثين من جميع الأصقاع، ومفخرة من مفاخر المغرب الحديث".
وأقول: إنَّ هذا الوصفَ يُعبِّرُ تمامًا عن مديرها حفظه الله.
ومَن قرأ مقدمات كثيرٍ من الكتب ذات الصلة رأى كيف يلهجُ المحققون والباحثون بشكره، لما قدَّم لهم من عون، ومِن ذلك شكره في:
"العنوان: حقيقته وتحقيقه في الكتاب العربي المخطوط" للدكتور عباس أحمد أرحيلة.
و"تاريخ المكتبة الكتانية" للأخ البحانة خالد السباعي.
و"التذكرة" للحميدي الأندلسي، تحقيق: د. نور الدين الحميدي.
قال الدكتور عباس أرحيلة (ص: 12) -على سبيل المثال-: "شكري الجزيل للدكتور أحمد شوقي بنبين مدير الخزانة الملكية بالرباط على تشجيعه لي على مواصلة البحث في هذا الموضوع، وعلى كل ما أمدَّني به من مراجع، وما أثاره حول الموضوع مِنْ أسئلةٍ أغنت البحث وفتحتْ فيه آفاقًا للنظر".
وقال السباعي (1/23): "والشكر موصول لفضيلة الدكتور أحمد...على أياديه البيضاء على العلم وأهله، وخدمته للباحثين والمؤلفين، في خلقٍ كريمٍ، ودعمٍ منقطع النظير، وقد تفضل عليَّ بعشرات المصادر من المكتبة الملكية وغيرها، فله أوفر الشكر".
ومثل هذا مقدمات مَنْ قدَّم لبعض أعماله الأدبية، كعمله في ضبط ديوان شاعر الحمراء محمد بن إبراهيم: "روض الزيتون" وتنسيقه والتعليق عليه، وقد قدَّم له عالمان علمان هما الأستاذ أحمد التوفيق محافظ الخزانة العامة للكتب والوثائق آنذاك، والأستاذ عباس الجراري عضو أكاديمية المملكة المغربية.
وإني اعتزازًا به وبعلمه وصداقته خصصتُ لأعماله رفًا حتى ضاق عنها.
وأقترح أن يتناولها الباحثون في أطاريحهم العلمية.
والأستاذ أحمد إلى هذا إنسانٌ أرجو أنْ يكون ممن قال فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل الجنة قومٌ أفئدتُهم مثلُ أفئدة الطير"، أي رقةً ورهافةَ شعور. ولهذا حديث آخر.
وشكرًا على هذه المحاضرة الذي أضافتْ إليَّ الكثيرَ عما قرأتُه في "المسارعة" للأديب جميل العظم من تاريخ الطباعة والطباعين.


أعلام العصر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع