مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


12/01/2023 القراءات: 756  


ذكر نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد في الدعوة إلى الله
فأول ذلك في تحمل أبي بكر
أخرج الحافظ أبو الحسن الأطرابلسي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما اجتمع أصحاب النبي  - وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألح أبو بكر على رسول الله  في الظهور فقال : « يا أبا بكر إنا قليل » . فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله  وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته . وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله  جالس فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله  ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضربوا في نواحي المسجد ضربا شديدا ، ووطأ أبو بكر وضرب ضربا

شديدا ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ، ويحرفهما لوجهه ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه .
وجاء بنو تميم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر وحملت بنو تميم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ، ثم رجعت بنو تميم فدخلوا المسجد وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنوا تميم يكلمون أبا بكر حتى أجاب فتكلم آخر النهار فقال : ما فعل رسول الله  فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لأمه أم الخير : انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه .
فلما خلت به ألحت عليه ، وجعل يقول : ما فعل رسول الله  ؟ فقالت : ما لي علم بصاحبك . فقال : إذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب ، فاسأليها فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله .
فقالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك ؟ قالت : نعم . فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنقا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح ، وقالت : والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر ، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم .
قال : فما فعل رسول الله  ؟ قالت : هذه أمك تسمع . قال : فلا شيء عليك منها . قالت : سالم صالح .
قال : أين هو ؟ قالت : في دار ابن الأرقم . قال : فإن لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي برسول الله  فأمهلنا حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ عليهما حتى ادخلناه على رسول الله  ، قال : فأكب عليه رسول الله  فقبله وأكب عليه المسلمون ورق له رسول الله  رقة شديدة .

فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ليس بي بأس إن ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بارة بولدها وأنت مبارك فأدعها إلى الله ، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار . قال : فدعا لها رسول الله  ، ودعاها إلى الله فأسلمت وأقاموا مع رسول الله في الدار شهرا وهم تسعة وثلاثون رجلا . وقد كان حمزة رضي الله عنه أسلم يوم ضرب أبو بكر رضي الله عنه .
ودعا رسول الله  لعمر بن الخطاب أو لأبي جهل بن هشام فأصبح عمر وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس . فكبر رسول الله وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلا مكة .
وخرج أبو الأرقم وهو أعمى كافر وهو يقول : اللهم اغفر لبني عبيد الأرقم فإنه كفر . فقام عمر فقال : يا رسول الله علام تخفي ديننا ونحن على الحق ويظهروا دينهم وهم على الباطل ؟ قال : يا عمر إنا قليل قد رأينا ما لقينا .
فقال عمر : فوالذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان . ثم خرج وطاف بالبيت .
ثم مر بقريش وهي تنتظره فقال أبو جهل بن هشام : يزعم فلان أنك صبوت ؟
فقال عمر : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فوثب المشركون إليه ووثب على عتبة وبرك عليه وجعل يضربه ، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس ، فقام عمر حتى أعجز الناس واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الإيمان .
ثم انصرف إلى النبي  وهو ظاهر عليهم ، قال : ما عليك بأبي وأمي

والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان غير هياب ولا خائف .
فخرج رسول الله  وخرج عمر أمامه وحمزة بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت ، وصلى الظهر مؤمنا ، ثم انصرف إلى دار الأرقم ومعه عمر ، ثم انصرف عمر وحده ، ثم انصرف النبي  .
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا رسول الله  طرفي النهار بكرة وعشيا ، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال : أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي . قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ؛ إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ارجع واعبد ربك في بلدك .


نماذج من صبر الصحابة على الأذى والشدائد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع