مدونة عبدالحكيم الأنيس


أخطاء المحققين في تراجم الأعلام في مؤلفات السيوطي (1)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


12/12/2022 القراءات: 1081  


هذه جملةٌ من مؤلفات السيوطي، وقع فيها للمحققين أخطاء في تراجم الأعلام:
***
1. البرق الوامض في شرح يائية ابن الفارض، تحقيق: د. هشام الشويكي، مراجعة جوزيني سكاتولين، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، ط1(1432-2011).
قال المؤلف (ص: 23) في ترجمة ابن الفارض (576-632): "حدَّث عن القاسم بن عساكر". وعرف به المحقق فوضع ترجمة الحافظ ابن عساكر: علي بن الحسن المتوفى سنة (571). أي كان لابن الفارض سنة واحدة! والصواب معروف.
2. تشنيف السمع بتعديد السبع، تحقيق: أنس محمد تدمري، دار المقتبس، بيروت، ط1(1435-2014).
جاء ص (38): "ألف غير واحد من العلماء في أعداد الشريعة وأسرارها، منهم الإمام ابن سراقة من كبار أصحابنا الشافعيين، ألف كتاب إعجاز القرآن من حيث الأعداد، ذكر فيه من واحد إلى ألوف".
وعرف المحقق بابن سراقة على أنه الصوفي محيي الدين ابن عربي!
وهذا خطأ شديد! وترجمة ابن سراقة في «الأعلام للزركلي» (7/ 136): «‌‌ابن ‌سُرَاقَة (000 - نحو 410 هـ = 000 - نحو 1020 م) محمد بن يحيى بن ‌سراقة العامري، أبو الحسن: فقيه فرضي. من أهل البصرة. صنف كتبا في فقه الشافعية والفرائض ورجال الحديث. ووقف ابن الصلاح على (كتاب الأعداد) له، ونقل عنه فوائد. كان حيًّا سنة 400 هـ قال السبكي: وأراه توفي في حدود سنة 410 قلتُ [القائل الزركلي]: ورأيت له رسالة في ورقة واحدة، في مجموع بالفاتيكان (1020. A) سماها (التفاحة في مقدمات المساحة)».
وقال السيوطي في "الإعلام بحكم عيسى عليه السلام" ضمن «الحاوي للفتاوي» (2/ 196): «وقد ‌قال ‌ابن ‌سراقة مِن أئمتنا وهو قبل الأربع مئة: لبيت المال سنين كثيرة ما استقام».
3. تقرير الاستناد في تفسير الاجتهاد، تحقيق: فؤاد عبدالمنعم أحمد، دار الدعوة، الإسكندرية، ط1(1403-1983).
جاء فيه (ص: 55): "قال ابن السبكي في "الترشيح": قال [لي] الشيخ شهاب الدين [ابن] النقيب صاحب مختصر الكفاية".
وترجم له المحققُ على أنه المفسر جمال الدين ابن النقيب (611-698).
وهذا توفي قبل ولادة تاج الدين ابن السبكي بـ (29) سنة. وشهاب الدين ابن النقيب فقيه معروف. وهو كما في "الأعلام" (1/200): أحمد بن لؤلؤ بن عبدالله الرومي، أبو العباس، شهاب الدين ابن النقيب: فقيه شافعي مصري مولده ووفاته بالقاهرة (702 - 769).
وذكر المؤلف (ص: 65) "ولي الدين العراقي"، فوضع له المحقق ترجمة أبيه زين الدين العراقي.
وقال المؤلف (ص: 69): "شنع مشنع علي دعوى الاجتهاد... ونظير هذا التشنيع ما حكى لي بعضُ الثقات عن القاضي سراج الدين الحمصي...".
وسراج الدين الحمصي هذا هو عمر بن موسى بن الحسن، وُلد في حمص، وتُوفي في بيت المقدس (777-861). ترجمتُه في "الضوء اللامع" (6/139-142). وهو مِنْ شيوخ المؤلِّف، انظر "المنجم" ص 162-163.
وقد اشتبهتْ معرفتُه على المحقق الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد وظنَّه مِنْ أهل القرن الرابع الهجري! قال ص 69: "هو عبدالصمد بن سعيد، من العلماء بالحديث، واشتغل قاضيًا لحمص ... توفي سنة 324".
وتبعه الأستاذُ سعد غراب، وبنى على ذلك رأيًا هو أنَّ فكرة انسداد باب الاجتهاد بدأتْ منذ ذلك الحين! انظر كلامَه في بحثه "السيوطي والاجتهاد" ضمن (الإمام جلال الدين السيوطي: الاحتفاء بذكرى مرور خمسة قرون على وفاته)، (2/590-591).
وتتضح من هذا المثال خطورة الأخطاء في تراجم الأعلام المقصودين في الكلام.
4. التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مئة، تحقيق: عبدالرحيم الكردي، ضمن مجلة تراثيات، العدد الثالث، (ذو القعدة 1424-يناير 2004).
قال المؤلف (ص: 101): "ذكره الدارمي في الاستدراك وابن كج في التجريد في الوصية". وقال المحقق: "هو أبو مسلم إبراهيم بن عبدالله بن مسلم بن ماعز بن كج البصري، كان ثقة عالمًا بالحديث توفي ببغداد سنة 292. طبقات الحفاظ للسيوطي".
والصواب أنه المترجم في وفيات الأعيان وغيره، قال في "وفيات الأعيان" (7/ 65): "‌‌أبو القاسم ابن ‌كجّ: القاضي أبو القاسم يوسف بن أحمد بن يوسف بن ‌كج الكجي الدينوري؛ كان أحد أئمة الشافعية، صحب أبا الحسين ابن القطان، وحضر مجلس أبي القاسم عبدالعزيز الداركي، وجمع بين رياسة العلم والدنيا، وارتحل الناس إليه من الآفاق للاشتغال عليه بالدينور رغبة في علمه وجودة نظره، وله وجه في مذهب الشافعي رضي الله عنه، وصنف كتبًا كثيرة انتفع بها الفقهاء. قال أبو سعد ابن السمعاني: لما انصرف أبو علي الحسين بن شعيب السنجي من عند الشيخ أبي حامد الإسفرايني اجتاز به فرأى علمه وفضله، فقال له: يا أستاذ، الاسم لأبي حامد والعلم لك، فقال: ذاك رفعته بغداد وحطتني الدينور. وتولى القضاء ببلده، وكانت له نعمة كثيرة. وقتله العيّارون بالدينور في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وأربع مئة، رحمه الله تعالى. وكج: بكاف مفتوحة وجيم مشددة... والكجي: نسبة إلى جده المذكور".
5. الرد على مَن أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض، تحقيق: فؤاد عبدالمنعم أحمد، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية (1984).
ذكر السيوطي (ص: 61): "ولي الدين العراقي". فوضع المحقق له ترجمة أبيه الحافظ زين الدين العراقي.
وقال المؤلف (ص: 160): "قال الشيخُ تاجُ الدين ابنُ السبكي في "الترشيح": «قال لي الشيخُ شهابُ الدينُ ابنُ النقيب صاحبُ "مختصر الكفاية" وغيرِها من المُصنَّفات...". فقال المحققُ مترجمًا له غير الترجمة التي وضعها في "تقرير الاستناد": "هو أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالرحيم، ويكنى أبا العباس البعلبكي، المعروف شهاب الدين بن النقيب، قال عنه ابن كثير: له في الفقه وغيره... توفي في شهر رمضان سنة 764...".
وهذا خطأ أيضًا، وإنما هو أحمد بن لؤلؤ كما مرَّ.
***


أخطاء المحققين. تراجم الأعلام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع