مدونة سيف بن سعيد العزري


آداب طلب العلم، الإخلاص، والعمل بالعلم

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


21/12/2022 القراءات: 876  


الدرس الثالث: آداب طالب العلم:
الأدب الأول: الإخلاص:
الإخلاص واجبٌ في كلّ العبادات: يقول الله تعالى:
{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة} [سورة البينة:5].
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [سورة الكهف:110].
وفي طلب العلم الإخلاص واجبٌ، يقول الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -:
"من تعلم العلم لله عزّ وجلّ وعمل به حشره الله يوم القيامة آمناً، ويرزق الورود على الحوض".
فالنية الخالصة في طلب العلم أن ينوي الطالب أنّه يتعلم العلم:
1- ليعبد الله على علم، 2- وأن ينفع به الناس.
فلا يتعلم لأمورٍ دنيويّةٍ مثل:
1- مباهاة العلماء ومماراة السفهاء:
يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -:
"من تعلم العلمَ ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء لقي الله يوم القيامة وهو خائب من الحسنات".
2- العظمة والرفعة بين الناس في الدنيا:
" يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -:
من تعلم العلم للعظمة والرفعة أوقفه الله موقف الذل والصّغار يوم القيامة، وجعله الله عليه حسرة وندامة حين يكون العلم لأهله زيناً".
3- للشهادات والوظائف فقط من غير نيّةٍ خالصةٍ لله تعالى:
يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجُل اسْتُشْهِدَ، فأُتي به، فعرَّفه نِعمته، فعرَفَها، قال: فما عَمِلت فيها؟ قال: قَاتَلْتُ فيك حتى اسْتُشْهِدْتُ. قال: كَذبْتَ، ولكنك قَاتَلْتَ لأن يقال: جَرِيء! فقد قيل، ثم أُمِرَ به فَسُحِب على وجهه حتى أُلقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نِعَمه فعرَفَها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كَذَبْتَ، ولكنك تعلمت ليقال: عالم! وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ؛ فقد قيل، ثم أُمِر به فَسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وَسَّعَ الله عليه، وأعطاه من أصناف المال، فأُتي به فعرَّفه نِعَمه، فعرَفَها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تُحِبُّ أن يُنْفَقَ فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كَذَبْتَ، ولكنك فعلت ليقال: جواد! فقد قيل، ثم أُمِر به فَسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار".

الأدب الثاني: العمل بما يعلم:
يجب على طالب العلم أن يعملَ بما علمَ من العلمِ، يقول الرسول – صلّى الله عليه وسلّم -: "من تعلّم العلم للهِ عزّ وجلّ حشره الله يومَ القيامة آمناً، ويُرزق الورود على الحوض"، ويقول: "ويل لمن لم يعلمْ مرّةً، وويلٌ لمن يعلمُ ولم يعملْ مرّتين".
يقولُ الإمام نور الدين السالمي:
وعالمٌ بعلمِه لم يعملا أشدُّ في التعذيب ممّن جهِلا
فما فائدةُ علمِ مَنْ:
علمَ حكمَ وجوبِ الزكاةِ ثم لم يخرج الزكاة؟!.
أو علمَ حكمَ حرمةِ الربا ثم هو يتعامل بالربا؟!.
أو علمَ حكمَ حرمةِ الكذبِ ثم هو يكذبُ؟!.
أو علمَ حكمَ حُرمةِ السرقةِ ثم هو يسرق؟!.
أو علمَ حكمَ حرمةِ الاستماعِ للموسيقى ثم هو يسمع الموسيقى؟!.
أو علم الترغيبَ في أداء السنن كسنّة الفجر وسنّة الظهر والمغرب والعشاء والوتر ثم لم يواظبْ على أدائها؟.

قصة:
يُحكى أنّ الإمام سالم بن راشد الخروصي كان يمشي بين البيوت قاصد بيته وكانت بيده عصا (خيزران) ويلوّح بها وفجأة ضرب بالعصا جدار بيت، والجدار مبنيٌّ من الطين، وسقطت قطعة صغيرةٌ من التراب في الأرض، فأخذها بيده، ودقّ باب البيت، فخرج صاحب البيت وبعدما انتهوا من التحية لبعضهم، قال لصاحب البيت: كنت أمشي وألوّح بعصاي ودون قصد ضربت الجدار وسقطت هذه القطعة من التراب، وأردت أن أخبرك وسوف أصلحها، فاندهش صاحب البيت من أمانته، وقال اذهب، فأنا مسامحنّك، فقال الإمام سالم سوف أصلح الجدار؛ فلو كلّ شخص مرّ وضرب الجدار لسقط ولم يبقَ.
هذا مثال للعمل بما يعلم، فلمّا علمَ حرمة أموال الناس وعدم جواز الاعتداء عليها، حرص على إيصال الحق لصاحب البيتِ.

منّ الله عليّ بإلفاء هذه المقدمة في درس علميٍّ تمَ رفعه على هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=4_P6k5umQeo&list=PL2YdupdaaAOoqLJvQa0Ryezgz5GfPmRnz&index=4


درس علمي، آداب طلب العلم، الإخلاص، العمل بالعلم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع