مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


السرايا بعد غزوة أحد - بئر معونة

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


09/03/2023 القراءات: 228  


✍️بئر معونة

في الشهر نفسه الذي وقعت فيه مأساة الرَّجِيع وقعت مأساة أخري أشد وأفظع من الأولي، وهي التي تعرف بوقعة بئر معونة‏.‏

فقد قدم أبو براء عامر بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد(ولم يرفض الإسلام) ، فقال ‏:‏ يا رسول الله، لو بعثت أصحابك إلى أهل نَجْد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم، فقال‏:‏ ‌‏(‏إني أخاف عليهم أهل نجد‏)‏، فقال أبو بََرَاء ‏:‏ أنا جَارٌ لهم فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك

فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معه سبعين رجلا من القراء ،وأمر عليهم المنذر بن عمرو رضي الله عنه ، وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم، فكانوا يحتطبون بالنهار، و يشترون به الطعام لأهل الصفة(فقراء المسلمين) ويتدارسون القرآن ويصلون بالليل

فساروا حتى نزلوا بئر معونة ( شرقي المدينة ) فنزلوا هناك، ثم بعثوا حرام بن مِلْحَان رضي الله عنه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطُّفَيْل، فلم ينظر فيه، وأمر رجلاً فطعنه بالحربة من خلفه، فلما أنفذها فيه ورأى الدم، قال حرام ‏:‏ الله أكبر، فُزْتُ ورب الكعبة‏.‏

ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين، فلم يجيبوه ، فاستنفر قبائل من بني سليم(قبائل عصية ،ورعل ،وذكران ) فأجابته ، فجاءوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار رضي الله عنه ، فإنهم تركوه وبه رمق فعاش حتى قتل يوم الخندق‏ شهيدا

وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر رضي الله عنهما حاجة لهما ،فلما رجعا رأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر رضي الله عنه ، فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وأسر عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه ، فلما أخبرهم أنه من (مُضَر) تركه عامر

ورجع عمرو بن أمية الضمري إلى النبي صلى الله عليه وسلم حاملاً معه أنباء المصاب الفادح، مصرع سبعين من أفاضل المسلمين، تذكر نكبتهم الكبيرة بنكبة أحد ؛ إلا أن هؤلاء ذهبوا في قتال واضح ؛ وأولئك ذهبوا في غدرة شائنة‏.‏

ولما كان عمرو بن أمية رضي عنه في الطريق ، نزل في ظل شجرة، وجاء رجلان من بني عامر فنزلا معه، فلما ناما فتك بهما (قتلهما ) عمرو، وهو يري أنه قد أصاب ثأر أصحابه، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو رضي الله عنه ، فلما وصل المدينة أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حدث ، فبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى دفع ديتهما

وقد تألم النبي صلى الله عليه وسلم لأجل هذه المأساة، ولأجل مأساة الرجيع اللتين وقعتا خلال أيام معدودة ، تألما شديداً، وحزن عليهم حزنا شديدا ،حتى أنه صلى الله عليه وسلم ظل يدعو على الغادرين بعد كل صلاة شهرا كاملا

‏ففي الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال ‏:‏ "دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحاً، يدعو في صلاة الفجر على رِعْل وذَكْوَان ولَحْيَان وعُصَية، ويقول‏:‌‌‏(‏عُصَية عَصَتْ الله ورسوله‏)‏" ، فأنزل الله تعالى على نبيه قرآناً قرأناه حتى نسخ بعد ذلك ‏:‏ ‌‏(‏بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه‏)‏ فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قُنُوتَه ‏


السرايا بعد غزوة أحد - بئر معونة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع