مدوّنة الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب القباطي
العلوم النّقليّة والعقليّة في تراثنا الإسلاميّ (1)
الأستاذ المشارك الدّكتور منير علي عبد الرّب | Associate Professor Dr. Muneer Ali Abdul Rab
26/04/2022 القراءات: 558
أوّلًا: لفظ "العلم" في القرآن والسّنّة
لقد تكرّر لفظ "العلم" في القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة كثيرًا، من ذلك قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ ((Al-Quran 96:3,4,5، وقوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ ((Al-Quran 55:4، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ ((Al-Quran 27:15,16، وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ ((Al-Quran 21:80، وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ ((Al-Quran 18:65، وقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ ((Al-Quran 12:22، وغيرها من الآيات الكريمة.
وفي السّنّة النّبويّة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « ... وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ... » ((Muslim, n.d, 2699، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ((Abu Daood, 2009، وغيرها من الأدلّة.
فلفظ "العلم" في الأدلّة السّابقة، يشمل العلم الشّرعيّ، وغيره من العلوم. قال الإمام ابن جرير الطّبري في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾ ((Al-Quran 27:15: "وذلك علم كلام الطّير والدّوابّ، وغير ذلك ممّا خصّهم الله بعلمه" ((At Tabari, 1420، وقال -أيضًا- في قوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ ((Al-Quran 55:4: "أنّ الله علَّم الإنسان ما به الحاجة إليه من أمر دينه ودنياه من الحلال والحرام، والمعايش والمنطق، وغير ذلك ممّا به الحاجة إليه؛ لأنّ الله -جلّ ثناؤه- لم يخصّص بخبره ذلك، أنّه علَّمه من البيان بعضًا دون بعض، بل عمّ فقال: علَّمه البيان، فهو كما عمّ جلّ ثناؤه" ((At Tabari, 1420. وقال الإمام القرطبي في قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ ((Al-Quran 21:80: أي علّمناه صنعة كلّ ما يلبس من ثياب ودرع ((Al Qurtubi, 1384.
فورد لفظ (العلم) في القرآن والسّنّة واسع المعنى والمفهوم؛ فهو شامل لكلّ ما يُنتفع به من العلوم، سواء أكانت متعلّقة بأمر الدّين أم بأمر الدّنيا؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ((An Nasaei, 1986، فخصّ النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- العلم بأن ينتفع به، فكلّ علم مباح مفيد لصاحبه أو لغيره، مرغّب في طلبه وتعلّمه، ويرفع الله به صاحبه درجات إذا قصد به مرضاته.
تراثنا، العلوم النّقليّة، العلوم العقليّة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة