مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (3)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


26/02/2023 القراءات: 437  


و دارت معركة بدر في صبيحة يوم الجمعة 17 من رمضان من السنة الثانية للهجرة، وفي بدايتها عدل الرسول صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان إن شاء الله، فما تعدى أحد منهم موضع إشارته

ثم نظر إلى قريش فقال:" اللهم هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها تحاربك وتكذب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم (أهلكهم) الغداة"
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر :"إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا "

وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوف المسلمين، وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب، فقد كان في يديه قِدْح يعدل به، وكان سَوَاد بن غَزِيَّة رضي الله عنه مُسْتَنْصِلًا من الصف، فطعن في بطنه بالقدح، وقال‏:‏ ‌‏"‏استو يا سواد‏" ، فقال سواد‏:‏ يا رسول الله، أوجعتنى فأقدنى، فكشف عن بطنه وقال‏:‏ ‌‏"‏استقد‏"
فاعتنقه سواد وقبل بطنه، فقال‏:‏ ‌‏"ما حملك على هذا يا سواد‏؟‌‏"
قال‏:‏ يا رسول الله، قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدى جلدك‏.‏ فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير‏.‏

وبعد أن قوم الرسول صلى الله عليه وسلم الصفوف وتفقد الرجال وأسدى النصائح والتوجيهات وحث على الثبات والإقدام، رجع إلى العريش الذي بني له فدخله ومعه أبو بكر رضي الله عنه ليس معه فيه غيره، وقام سعد بن معاذ رضي الله عنه بكتيبة الحراسة على باب العريش

ويحكي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء يوم بدر فيقول : (لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه "اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك
فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} " فأمده الله بالملائكة) مسلم
وقد خرج من العريش وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)
البخاري

وتزاحف الجمعان، وبدأ الهجوم من قبل المشركين؛ فقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق، فقال: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه، فتصدى له حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فلما التقيا ضربه حمزة ضربة أطاحت بساقه فسقط إلى ظهره تشخب رجله دمًا، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ،يريد أن تبر يمينه ، لكن حمزة رضي الله عنه ضربه ضربة أخرى قضت عليه وهو داخل الحوض وما أن سقط الأسود حتى خرج عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عتبة، فلما توسطوا بين الصفين طلبوا المبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة فتية من الأنصار هم عوف ومعوذ ابنا الحارث ورجل آخر يقال هو عبد الله بن رواح رضي الله عنهم
فقالوا: من أنتم؟ قالوا رهط من الأنصار
قالوا: أكفاء كرام ،مالنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة وقم يا علي"، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ فذكر كل منهم اسمه، قالوا: نعم، أكفاء كرام

فبارز عبيدة رضي الله عنه، وكان أسن القوم، عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة رضي الله عنه شيبة بن ربيعة، وبارز علي رضي الله عنه الوليد بن عتبة؛ فأما حمزة وعلي رضي الله عنهما فلم يمهلا خصمهما أن قتلاهما، واختلف عبيدة رضي الله عنه وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه (أي جرحه جراحة بالغة) وكر حمزة وعلي رضي الله عنهما بأسيافهما على عتبة فأجهزا عليه واحتملا عبيدة رضي الله عنه وهو جريح ومات شهيدَا بعد خمسة أيام من وقعة بدر
وكان على رضي الله عنه يقسم أن هذه الآية نزلت فيهم
(هذا خصمان اختصموا في ربهم)الحج 19 استشاط المشركين غضبا لمقتل قادتهم ،وكروا على المسلمين كرة رجل واحد ،فتلقى المسلمون هذه الهجمات وهم مرابطون في مواقعهم ،وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة ،وهم يقولون : أحد أحد

ولما اقترب المشركون من المسلمين قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه". فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض"
مسلم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة بدر الكبرى (3)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع