مدونة د. سعد عبد اللطيف خلف الاعظمي


بين بوتين كييف ...و نيرون روما التاريخ يعيد نفسه

د.سعد عبد اللطيف خلف الاعظمي | Dr. Saad Abdulateef Khalaf AlAdhami


11/03/2022 القراءات: 884  


يعد نيرون واحدًا من أكثر الرجال سيئي السمعة عبر التاريخ، ففي فترة حكمه قتل والدته أغريبينا الصغرى وزوجته الأولى أوكتافيا ويُزعَم أنه قتل زوجته الثانية بوبايا سابينا، وإضافةً إلى ذلك يدعي الكتاب القدماء أن نِيرون هو من أشعل حريق روما الكبير عام 64 م لكي يعيد بناء مركز المدينة.
تعد جريمة حرق نيرون لروما من أعظم جرائم نيرون و أكثرها بشاعة إذ صور له خياله المريض بأنه من الأفضل أن يقوم بإحراق روما من أجل بناءها من جديد بشكل أفضل وبالفعل قام نيرون بإشعال النيران بشكل مبدئي في قاعدة السيرك الخشبية بالمدينة لتنتشر بعدها السنة النيران في كل أرجاء روما ، حيث يقال أن الحريق نظراً لقوته قد أستمر حوالي أسبوعاً كاملاً مشتعلاً ، حيث دمر عدد عشرة أحياء كاملة من روما بشكل كامل من مجموع أربعة عشر حياً في لمدينة ومات الآف الأشخاص حرقاً كنتيجة لذلك والغريب أن نيرون كان يترقب مشهد الحريق في حالة من الهدوء الشديد ، و ذلك كان من خلال اعتلائه لبرجاً عالياً في المدينة إلا أن من نتائج الحريق السلبية والتي انعكست على نيرون كان زيادة الرفض الشعبي لحكمه وزيادة الكراهية له بين أوساط شعبه فألهمه عقله المريض بضرورة أن يقوم بالهرب من المسئولية عن الحريق بتقديمه طرفا أخر كبش فداء لشعبه ففكر في الطائفة اليهودية في روما إلا أنه تراجع عن تلك الفكرة نظراً لأن اليهود كانوا تحت حماية إحدى زوجاته إلا أن ألهمه عقله باتهام المسيحيين بالمسئولية عن حريق روما وبالفعل أصدر أوامره بقتل المسيحيين وتقديمهم إلى الوحوش المفترسة وهم أحياء أمام أهل وسكان روما والغريب في تلك الفترة الزمنية القديمة كان استمرار تعذيب المسيحيين وقتلهم لمدة أربعة أعوام كاملة إلا أن استمرار سياسات نيرون الفاشلة والغير حكيمة بالحكم أوصلت الجميع من شعبه إلى السخط الشديد عليه والرغبة في التخلص منه الأمر الذي أخاف نيرون كثيراً ودفعه الخوف في النهاية إلى الانتحار مخلفاً ورائه فوضى عارمة في كل شئون الامبراطورية الرومانية وظلت من وقتها شخصية نيرون من أغرب تلك الشخصيات الغير سوية على الإطلاق في التاريخ البشري .
بوتين
أصبحت روسيا، في الأعوام الأخيرة لاعبا محوريا في السياسة الدولية، فهي صانعة الحدث في شرق أوروبا والشرق الأوسط وفي أكثر من رقعة جغرافية في إفريقيا، حتى شاع بين المراقبين أن البوتينية تقترب من استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، في غفلة من الولايات المتحدة الأمريكية المنشغلة بوقف الزحف الصيني نحو قمرة قيادة العالم.
يكتشف المتأمل في السياسة الروسية الجديدة أن أفقها يتجاوز إحياء المشروع السوفياتي، نحو صياغة هوية جديدة للدولة الروسية الحديثة. بعد أعوام التسعينيات التي مثلت ما يشبه مرحلة الضياع والشعور بالانكسار لدى السلاف، عادت روسيا بقوة، مطلع الألفية الثالثة إلى الساحة الدولية بهوية جيوسياسية جديدة، قوامها سياسة واقعية، تأخذ في الحسبان المصالح الاستراتيجية والأمن القومي الروسي.


ارتبطت أيديولوجية الدولة الروسية لما بعد الشيوعية، لدى كثيرين، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحديدا مع نهاية ولايته الثانية، لحظة شروعه في إثارة القلاقل بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بتبني سياسات توسعية في الفضاء الروسي، انطلقت مع حرب أوسيتيا الجنوبية، في آب (أغسطس) 2008، لكن واقع الحال غير ذلك تماما، فالرجل مجرد منفذ لنظرية سياسية مكتملة الأركان، تروم التأسيس الرابع للدولة الروسية القوية، بعد روسيا ال 1991.

يعد ألكسندر دوجين في الأوساط الروسية بمنزلة العقل المنظر للرئيس فلاديمير بوتين، فأفكار الفيلسوف وآراء السياسي الروسي بدأت في الانتشار بقوة منتصف عقد التسعينيات، حتى أضحت مصدر إلهام لصناع القرار في الجيش والاستخبارات، لدرجة أن المؤسسة العسكرية الروسية أقرت مؤلفاته، ضمن برامج الدراسة والتكوين في كليات الدفاع الروسية.

حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا تعيد التذكير بمسار بسمارك أكثر من مسار هتلر. بسمارك كان مصرّاً على توحيد ألمانيا بـ"الحديد والنار". بعدما تقادم نظام "التوازن" الذي نظمه مستشار النمسا مترنيخ في أعقاب حروب نابليون. وثالثها، كما لاحظ الجنرال ديغول، هو "عبقريته في معرفة متى يوقف الحرب".
الرئيس الروسي اختار على طريقة بسمارك "الحديد والنار" لتحقيق أهدافه. أما الدروس الأخرى، فإنها لا تزال موضع أسئلة. فما فعله بوتين هو استخدام قوة كبيرة، ولكن من أجل أهداف لا محدودة في أوكرانيا وأوروبا واللعبة مع الولايات المتحدة الأميركية.
ذلك أن بوتين حاول تطبيق المبدأ الاستراتيجي الصيني القديم: "أعلى فنون الحرب إخضاع العدو من دون قتال".
غير أن كييف لم ترضخ للتهديد وحشد القوات على حدودها، وشجعتها عواصم الغرب على الرفض. ومن الصعب القول في هذه المرحلة إن جنرالاته طبّقوا قولاً آخر لسن تزو: "المحاربون المنتصرون يربحون الحرب أولاً ثم يذهبون إلى القتال، والمحاربون المهزومون يذهبون إلى الحرب ثم يبحثون عن الربح". حتى في موسكو، فإن سيرغي فوروبيوف، الأستاذ في الجامعة الروسية الرسمية، كتب أن "استخدام القوة اتخذ طابعاً مفرطاً، وهذا سوء تقدير خطير من جانب الاستراتيجيين في الكرملين".ومن المبكر، بالطبع، معرفة الدروس التي يتعلمها العالم من غزو أوكرانيا بعد أن تنتهي الحرب. لكن كل دولة تقريباً تعلمت درساً من بداية الغزو.
بوتين رجل مخابرات لا قلب له ولا رحمة وهو يريد ان بخطو على خطى ستالين وبعيد بناء الاتحاد السوفيتي هيبته ونرى الان الاعلام الحمراء على دبابات الروسية في أوكرانيا .
فهل نهاية بوتين كنهاية نيرون الأيام ستثبت ذلك ولا بد للتاريخ ان يعيد نفسه







بوتين نيرون روما كييف حريق ألكسندر دوجين بسمارك


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع