مدونة د. نكتل يوسف محسن


التوظيف الأمثل للموارد البشرية في العصر الراشدي

د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen


24/06/2022 القراءات: 1022  



تمثل الموارد البشرية أحد ابرز العناصر التي يُرتكز عليها في البناء والحضارة ؛ لان الانسان هو محور البناء والعمران على هذه الأرض وعليه تقع هذه المسؤولية في هذا قال الله تعالى : ﴿ هو الذي انشأكم في الارض واستعمركم فيها ﴾ ، لذا فوجود الانسان مهم في التفاعلات الحضارية بينه وبين الطبيعة التي يسخرها لخدمة بني جنسه ومنافعهم .
لقد علم الخلفاء الراشدين هذه الحقيقة ووظفوا كل طاقة بشرية بما يتلائم مع امكانته وظروفه ، لانهم على علم ان عدم توظيف هذه الطاقات سيؤدي الى فقدان لبِنة اساسية في البناء الحضاري ، ويؤدي الي نتائج سلبية تضر بالمجتمع وبعده الأمني والاخلاقي، وينطق واقعنا العربي والإسلامي بهذه الحقيقة للدرجة التي لا تجعلنا نحتاج لأدلة كثيرة لإثبات هذا الأمر ، إذ كم طاقة عظيمة فقدناها بسبب الاهمال وسوء التوظيف والتعمد والتحاسد وأختلاف الرأي وغياب الوعي الديني والحضاري والنظرة المستقبلية ... إلخ .
لقد وعى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) هذا الامر وجعل الرجل المناسب في المكان المناسب ، فمهما قلت امكانته ومواهبه يبقى في النهاية عنصر اساسي في خدمة المجتمع وجزءاً أصيل منه ، والامثلة عن هذا كثيرة لا يتسع لها مقال متواضع كهذا ، ولكنني سأذكر مثالاً واحداً عن هذا ، ذكر محمد بن زياد قال: كان جدي مولى لعثمان بن مظعون، وكان يلي أرضاً لعثمان فيها بقل وقثاء، فربما أتاني عمر بن الخطاب نصف النهار واضعا ثوبه على رأسه، يتعاهد الحمى ألا يعضد شجره ولا يخبط، فيجلس إلي فيحدثني وأطعمه من القثاء والبقل، فقال لي يوما : (( أراك لا تخرج من هاهنا، قلت: أجل، قال: " إني أستعملك على ما هاهنا، فمن رأيت يعضد شجرا أو يخبطه فخذ فأسه وحبله )) .
رجلاً في فلاة من أرض يزرع بعضها ملازم لها على الدوام ، لاحظ الفاروق هذا من خلال زيارته المتكررة للحمى فارد ان يجعله حارساً للحمى يفيد منه ويستفيد ، ويكون أقرب من أمير المؤمنين للموقع وأكثر تفرغاً منه وأسرع في المحاسبة فجعله على الحمى ، هذا هو التوظيف الامثل للموارد البشرية الذي يستهدف بناء الارض وعمرانها، فما بالك بمن عظمت أمكانته وتعددت وضيعها من تولى أمره.


عمر بن الخطاب، الموارد البشرية، توظيف، البناء والحضارة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع