مدونة مسعد عامر سيدون المهري


المكان في الرواية بين لذة التلقي وموازاة الواقع

مسعد عامر سيدون المهري | Musaad Amer Saidoon Almahry


15/06/2022 القراءات: 1222  


الرواية عالم جميل مواز للواقع يخلقه المؤلف ،
و تسير أحداثه في فضاء ممتد في ذهن القارئ وصفحات الكتاب. وقد حظي الفضاء أو المكان في الرواية باهتمام الدارسين في الدراسات النقدية، بوصفه بؤرة تتمحور حولها الرواية، فالمكان في الرواية مثله في الواقع مناط تقدم الأحداث وصراع الشخصيات، ولأنه يتحول في بعض الروايات إلى فضاء يضم مختلف العناصر الروائية، بما فيها من علاقات بين أجزاء الرواية كالحوادث والشخصيات، الأمر الذي يجعل المكان عاملا مساعدا في تطوير بنية الرواية، والقائم بتفسير رؤية البطل ،،لذا فالمكان في الرواية ليس عنصرا فضلة وزائدا بل قد يكون كما يذهب بعض النقاد هو الهدف من وجود العمل كله.
يعرف المكان في الرواية على أنه المكان اللفظي المتخيل ، أي المكان الذي صنعته اللغة انصياعا لأغراض التخييل الروائي وحاجاته ..
وذلك أن النص المقرؤ في الرواية يتشكل بواسطة الكلمات والجمل ، وهو يخلق بذلك مكانا خياليا له مقوماته وإبعاده الخاصة القائمة في خيال المتلقي وحسه ووجدانه ، يتفاعل مع الأحداث المتلوة في الرواية ، ويستمتع بالوصف الجميل للمكان ، وينصت للحوار بين الشخصيات ، وبذلك يعتبر "مكان تستثيرهةاللغة ، من خلال قدرتها على الإيحاء".
لذلك ترى سيزا قاسم أنه إذا كانت نقطة انطلاق الروائي في التقاليد من الواقع، فإن نقطة الوصول ليست هي العودة إلى عالم الواقع ، أنها تخلق عالم مستقل له خصائصه الفنية التي تميزه عن غيره.
فعندما يستعين الروائي كما يذهب الدكتور احمد زياد محبك بوصف المكان أو تسميته ، فهو لا يسعى إلى تصوير المكان الخارجي ، إنما يسعى إلى تصوير المكان الروائي، واي مطابقة بينهما عدهي مطابقة غير صحيحة ، وما استعانة الروائي بالتشكيلة أو الوصف الا لإثارة خيال المتلقي.
يمكننا استخلاص وظيفة المكان في الرواية بالنظر إلى الرواية نفسها، ففي الحين الذي يظهر فيه المكان في الروايات التقليدية مجرد خلفية تتحرك الشخصيات أمامها ، وتدفع بالحوادث وأطلق على هذا النوع من المكان المكان الهندسي، نرى الرواية الرومانسي مثلا أن المكان يبرز معبرا عن نفسية الشخصيات بحيث يبدو المكان-كما يقول سيد بحراوي-خزانا حقيقيا للأفكار والمشاعر . لذلك يميز بعض النقاد في الرواية بين ثلاثة أنواع للمكان بحسب علاقة الرواية به، وهي : ١-المكان المجازي وهو الذي يتشكل في رواية الأحداث، فهو محض ساحة لوقوع الأحداث ، ٢-والمكان الهندسي وهو الذي تقدمه الرواية بدقة محايدة، تنقل أبعاده البصرية، فتعيش مسافاته وتنقل جزئياته، ٣-والمكان بوصفه تجربة تحمل معاناة الشخصيات وأفكارها ورؤيتها .


المكان ، الرواية ، النقاد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع