مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


فقه الطهارة: 6- نواقض الوضوء(3)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


14/08/2023 القراءات: 817  



مَسُّ حَلْقَةِ الدُبُرٍ :عند الشافعي مَسُّ حَلْقَةِ الدُبُرٍ من النواقض لأنَّه داخل في عموم مسِّ الفَرْج، والدُّبُر فَرْجٌ ،لأنه منفرجٌ عن الجوف، ويخرج منه ما يخرج، وعلى هذا فإنه ينتقضُ الوضوءُ بمسِّ حلْقة الدبر.
والجمهور على أنه لا ينقض لأن الدبر لا يسمى فرجا ولا يصح القياس على الذكر لعدم العلة الجامعة بين مس الدبر والذكر ، فإن قيل : كلاهما مخرج للنجاسة فالجواب :أن مس النجاسة لا ينقض الوضوء ،ومن المعلوم أن المخرج يطهر بالاستنجاء .

الناقض الخامس للوضوء : لمس المرأة بدون حائل:

وفيه أقوال للعلماء :

القول الأول: ـ وهو مذهبُ أحمد ومالك أن مسَّ المرأة بشهوة ينقض الوُضُوء، أما بغير شهوة فلا ينقض واستدلُّوا:
بقوله تعالى: (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ)المائدة: 6 وفي قراءة: «أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ» والمسُّ واللمس معناهما واحد، وهو الجسُّ باليد أو بغيرها، فيكون مسُّ المرأة ناقضاً للوُضُوء.
فإن قيل الآية ليس فيها قيدُ الشَّهوة، إذ لم يقل الله «أو لامستم النساء بشهوة »، فالجواب: أن مظنَّةَ الحدث هو اللمس بشهوة، فوجب حمل الآية عليها، ويؤيد ذلك حديث عائشةُ (كنت أنام بين يدي النبيَّ ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي ) وهذا الحديث في الصحيحين .
وروى مسلم عن عائشة (فقدت النبي ذات ليلة فجعلت أطلبه فوقعت يداي على قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد يقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ) فلو كان مجردُ اللَّمس ناقضاً لانتقض وضوءُ النبيِّ واستأنفَ الصَّلاة.
القول الثَّاني : أنه ينقضُ مطلقاً، ولو بغير شهوة، أو قصد وهو قول الشافعية واستدلُّوا: بعموم الآية.
وأجابوا عن حديث عائشة: بأنه يحتمل أن الرَّسول كان يمسُّها بظُفره، والظُّفر في حكم المنفصل، أو بحائل، والدَّليل إِذا دخله الاحتمال بطل الاستدلال به، وفي هذا الجواب تكلف.
القول الثَّالث :قول أبي حنيفة : لا ينقض مسُّ المرأة مطلقاً، ولو بشهوة إذ أن المقصود من قوله تعالى (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ) .بأن المُراد بالملامسة الجماع لما يلي:
1- أن ذلك صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال الله حيي كريم يكني بما يشاء عما يشاء إنما هو الجماع .
2- أنَّ في الآية دليلاً على ذلك فالسياق فيه بيان ما يبيح التيمم فعبر عن الحدث الأصغر بقوله (أو جاء أحد منكم من الغائط ) ثم عبر عن الحدث الأكبر بقوله (أو لا مستم النساء)
فالرَّاجح: أن مسَّ المرأة، لا ينقضُ الوُضُوءَ مطلقاً إِلا إِذا خرج منه شيءٌ فيكون النَّقضُ بذلك الخارج.

الناقض السادس للوضوء : خروج الدم من غير المخرج المعتاد:

سواء كان بجرح أو حجامة أو رعاف، وسواء كان قليلا أو كثيرا: للفقهاء ثلاثة أقوال :
1/ النقض مطلقا وهم الحنفية .
2/ عدم النقض مطلقا وهم المالكية والشافعية .
3/ ينقض الكثير منها ، وهو قول الحنابلة .

والراجح الثاني لأن نقض الوضوء أمر تعبدي لا يثبت إلا بالدليل ، ولا دليل هنا على النقض ، ولعل حادثة غزوة ذات الرقاع ، وصلاة المسلمين في جراحاتهم في المعارك تثبت صحة هذا القول . قال الحسن رضي الله عنه: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) رواه البخاري، وقال: وعصر ابن عمر رضي الله عنهما بثرة وخرج منها الدم فلم يتوضأ. وبصق ابن أبي أوقى دما ومضى في صلاته، وصلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دما أي يجري.

وقد أصيب عباد بن بشر بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته، رواه أبو داود وابن خزيمة والبخاري تعليقا.

الناقض السابع للوضوء : القئ:

قال الحنفية وأحمد إنه ينقض الوضوء إذا كان ملء الفم بأن لم يقدر على إمساكه والجمهور على استحباب الوضوء من القئ لا وجوبه

الناقض الثامن للوضوء : أكل لحم الإبل:

اختلف العلماء في الوضوء من لحم الجزور على قولين :

الأول : يجب منه الوضوء، وهو المشهور من مذهب أحمد ، واستدلوا بما رواه مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ، قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، فتوضأ من لحوم الإبل.

الثاني : قول الجمهور: إنه لا ينقض وقالوا أن الأمر بالوضوء منها منسوخ بما رواه أبو داود عن جابر (كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار )
وقول ابن عباس الوضوء مما خرج ، وليس مما دخل .

وحجتهم في ذلك أن (ما) في الحديث للعموم أي من كل ما مسته النار سواء كان لحم إبل أم غيره ، ومن أبرز الدلائل أن هذا هو قول الخلفاء الراشدين جميعا ، وقول جماهير الصحابة ، ولا يعقل أن يكون أكل لحم الإبل ينقض الوضوء ويخفى على هؤلاء وهم ألصق الناس برسول الله وأقربهم إليه وأعرفهم بسنته ، وكيف عاشوا ثلاثين بعد وفاته ولم يعرفوا هذا الحكم المتكرر في حياتهم .

تنبيه : البعض يخترع قصة مفادها أن صحابيا أحدث في وليمة أكلوا فيها لحم جزور فأراد النبي رفع الحرج عنه فقال (من أكل لحم جزور فليتوضأ ) فهذه قصة باطلة لا أساس لها من الصحة .

الناقض التاسع للوضوء : شك المتوضئ في الحدث:

إذا توضأ، ثم شك هل أحدث، فهل ينتقض وضوؤه ؟ قولان :

الأول : لا ينتقض، بل يبني على اليقين مطلقاً، سواء كان في صلاة أم في غيرها، وهو مذهب الجمهور، ورواية ابن نافع، عن مالك.
وقيل: ينقض مطلقاً، وهو رواية ابن القاسم عن مالك.

الثاني : الشك ينقض الوضوء خارج الصلاة، ولا ينقض داخلها، وهو المشهور من مذهب المالكية .
الناقض العاشر للوضوء : القهقهة في الصلاة

قال بذلك الحنفية واستدلوا بما ورد عن جابر، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عيه وسلم “من ضحك منكم في صلاته فليتوضأ، ثم ليعد الصلاة “رواه الدار قطني وفيه ضعف ونكارة
والجمهور على أن القهقهة لا تنقض الوضوء، لعدم صحة ما ورد في ذلك ، وإذا كانت القهقهة خارج الصلاة لا تنقض الطهارة، لم تنقض الطهارة داخل الصلاة ، وأيضا الكلام ممنوع في الصلاة،


فقه الطهارة: 6- نواقض الوضوء(3)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع