مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي


( فضائل شهر رمضان واحكامه )

د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a


30/04/2022 القراءات: 1630  


الحمد والشكر والثناء لله ان امتن علينا بمواسم تكثر فيها الخيرات وتتضاعف فيهاالحسنات وتمحى عنا السيئات وتُرفع بها الدرجات وتتوجه فيها نفوس العباد إلى رب المخلوقات الذي خلق الخلق لعبادته فقال سبحانه(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)الذاريات/56 ومن أعظم هذه العبادات الصيام الذي يعد من اركان الاسلام ومبانيه فرضه الله على العباد ورغبهم فيه فقال(وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)البقرة/184فهو فرض على كل مكلف قادر فوجب صيامه على كل مسلم بالغ عاقل مقيم قادر سالم من الموانع كالحيض والنفاس لذا فقد اجتمعت الامة على ان حكم صومه فرض عين والدليل من الكتاب قوله تعالى(ياأيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)البقرة/183ومن السنة قول الرسول"بني الإسلام على خمس وذكر منها صوم رمضان"رواه البخاري
ومدلول الصيام اللغوي الامساك المطلق عن اي شيء كان واما المدلول الشرعي فهو الامساك عن اشياء مخصوصة كالأكل والشرب والجماع وكل المفطرات نهارا مع النية بشرائط مخصوصة فهو امساك عن اشياء معلومة هي المفطرات في وقت معلوم من عبد معلوم فمن كان مريضا مرضا لا يرجى زواله او كبيرا لا يستطيع الصيام بالكلية اطعم عن كل يوم مسكينا لقوله سبحانه(فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)البقرة/184
ومن كان مريضا مرضا يرجى زواله او مسافرا فله الفطر في رمضان ويقضي بعدده اياما اخر ويجب الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس بالنية وهي الاكل والشرب والجماع ومقدماته والحجامة والقيء عمدا وما شابهها كالتبرع بالدم وغسل الكلى وما سوى ذلك فلا دليل على الفطر به كالاكتحال ونحوه ويتأكد في حق الصائم ترك جميع المحرمات من اقوال وافعال وفي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال"من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه"فالجهل هنا شامل لجميع المحرمات واذا سابه احد او شاتمه فليقل له زاجرا له ولنفسه اني امرؤ صائم وينبغي للصائم الاشتغال بأنواع العبادات وان يؤخر السحور ويقدم الفطور على رطب فان عدم فتمر فان تعذر فماء ويدعو في صيامه وعند فطره لهذا فلا عجب أن تقبل قلوب المؤمنين على هذا الشهر الذي أُنزل فيه القرآن وفيه ليلة خير من ألف شهر تفتح فيه ابواب الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم"اذا دخل رمضان فتحت ابواب الجنة وغلقت ابواب جهنم وسلسلت الشياطين"رواه البخاري
لذا وجب فيه التحري عن ليلة القدر وقد سميت بذلك لما فيها من الشرف العظيم فإنها ليلة عظيمة العبادة فيها خير من العبادة من الف شهر ولأنه فيها يفرق كل امر حكيم فتقدر المقادير وتتأكد في اوتار العشر من رمضان ففي الصحيحين من حديث ابي سهيل عن ابيه عن عائشة ان النبي قال"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر من رمضان"فمن صام رمضان او قامه وقام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه والمقصود هنا ثلاثة اعمال لها شرط وجزاء فالأعمال هي صيام رمضان وقيامه بصلاة الليل منه وقيام ليلة القدر بالصلاة وما يتعلق بالصلاة كالدعاء وقراءة القرآن فإنها الاعمال التي تخص بالإقبال عليها في تلك الليالي واما الشرط الذي علقت به فهو ايمانا اي تصديقا بأمر الله وامتثالا له واحتسابا اي رجاء الثواب والاجر على الله تحقق له الجزاء وهو مغفرة ما تقدم من ذنبه يعني ما سبق من الذنوب لما ثبت من حديث ابي هريرة في الصحيحين"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"رواه الشيخان
ولما كان قدر هذه العبادة عظيما كان لابدّ من معرفة احكامها ليعرف المسلم ما له من واجب فيفعله ومحرم فيجتنبه ومباح فلا يضيّق على نفسه بالامتناع عنه لذلك جاءت رسالتنا هذه تتضمن قراءات لاهم فضائل شهر رمضان وأحكامه كتبتها باختصار عسى الله أن ينفعني والمسلمين بها وان يكون هذا العمل في ميزان حسناتنا وان يكون لنا صدقة جارية إلى يوم القيامة
فينبغي ان يتحرى العبد على معرفة احكام الصيام وان يعيد قراءتها ودراستها مرة بعد مرة لان قيامها في القلب يعين على قيامها في العمل واما خفاؤها عن القلب فانه يوقع العبد في نقص عمله فالذي لا يعلم احكام الصيام يأثم بما يقترف من المخالفات ولو كان جاهلا لأنه ترك علما واجبا معلقا في ذمته فلا يكفي ان يتعلم طالب العلم بل عامة الناس هذه الاحكام قبل رمضان وان يتفقهوا فيها وان يتعرفوا اليها ليقع صيامهم كاملا وان ينوي الخير نية بالغة ولو لم يقدرعليه فانه يثاب بهذه النية قال الامام احمد لابنه عبدالله"يا بني انوي الخير فانك تثاب عليه ولو لم تفعله"يعني ان الانسان اذا نوى الخير ثم لم يقدر عليه فان نيته له خير فيثاب عليهاويسن الاعتكاف في عشر رمضان الاخيرة والمراد به لزوم المسجد للعبادة على صفة معلومة ليتجرد لعبادة الله وهو ان يتخلى العبد عن الخلق ليقبل على عبادة الله عز وجل ومن هنا قال ابو الفرج ابن رجب"الاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق"وهنا ينبغي التنويه الى ان لزوم البقعة على غير هذه الحال لا يسمى اعتكافا فالذي يلزم المسجد وهو مشتغل بالكلام مع الناس والحديث والتواصل معهم والخروج والدخول والعبث واللعب وغير ذلك لا يسمى هذا اعتكافا بل يسمى اقامة اما الاعتكاف فهو التجرد للعبادة الخالصة لله تعالى
وبهذا يمكننا ان نسجل من قراءاتنا المتواضعة دعواتنا الى ضرورة معرفة وفهم والالمام بالحكم الالهية للصيام بما يتضمن جهاد النفس وانتصارها على هواها باكتسابها صفة التقوى والطاقة الروحية الايجابية والتي تمنعه من الانجراف نحو كل سلوك ضار بالفرد والمجتمع والامة
اسال الله ان يوفقنا جميعا لإدراك شهر رمضان وان يرزقنا فيه الصيام والقيام وان يجعلنا فيه جميعا من المتقبلين وان يجعلنا من عتقائه من النيران والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه اجمعين والحمدلله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات


(فضائل شهر رمضان واحكامه)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع