مدونة خالد حمادي


الخطاب الإعلامي من الأحادية الإعلامية إلى التعددية الميدياتيكية...أي نمذجة في صياغ الميديا الجديدة؟

خالد حمادي | Khaled Hammadi


19/03/2022 القراءات: 2124  


يشهد العالم اليوم، تطورات رهيبة، وتجاذبات في شتى الميادين، مما أثر على حياة الأفراد والمجتمعات، وخلق نمذجة جديدة في صياغ المنافسة، والتطوير، والإستحداث، ومواكبة مختلف التكنولوجيات، وكل هذا من أجل بناء فضاء جديد، يسمح بنقل المعلومات، ومختلف الأراء والتوجهات، وجعل لغة الخطابات تصاغ في إطار موحد، ومنظم، وفق الصياغ الذي يفرضه الزمان والمكان، والتفاعل داخل الإطار الاجتماعي، مع مختلف المنظومات السياسية، والإقتصادية، والإعلامية، وذلك لتحقيق التوازن بين هذه البناءات.
لقد ساهمت الميديا الجديدة، في تغيير لغة الخطابات، وتنويع المحتوى، وصنع نموذج جديد، تمزج فيه وسائط إعلامية جديدة متنوعة ، ومجتمع إفتراضي، متعدد الثقافات والأراء، هذا الأمرأنتج صراعات إعلامية رقمية، حول كيفية الاستخدام، ودور هذه التكنولوجيات، في بناء واقع جديد مغاير تماما، عن العالم الحقيقي، ما يلبي الرغبات، وتحقيق الذات، وتوحيد لغة الخطابات، مهما إختلفت البيئة والأدوات، التي تمارس فيها هذه الثقافات، وفي ظل وسائل الإعلام الحديثة، التي تسعى إلى إثبات وجودها، وهيمنتها، رغم الزخم المعلوماتي، والكم الهائل الذي تنتجه هذه الوسائط، إلا أنها تحاول إيجاد البدائل الكفيلة بتحقيق الوصول إلى خطابات، تجذب الجمهور، وتقنعه بقبول هذه الآراء، وهذا طبعا يختلف حسب كل مؤسسة وبيئتها.
إن لغة الخطاب الإعلامي، في وجود تكنولوجيا رقمية جديدة، أصبحت مسألة بحث ونقاش كبير، بين الباحثين والخبراء، وذلك نظرا لتعدد هذه الوسائل، وما تفرضه على جماهيرها، من مساحات واسعة للنشر، والتحليل، والنقد، من بيئة إلى بيئة أخرى، تختلف عنها تماما، هذا الأمر أنتج مفاهيم جديدة وإشكالات عديدة ،عن هوية ونوع هذا الخطاب الذي يسير وفقه الإعلام، في مقابل وجود تفاعلية وصراع ميدياتيكي متسارع، ومختلف الإتجاهات ، تحكمه بيئة جديدة وأفراد إفتراضيون لكل منهم صياغته الخاصة في نقل المحتوى هذا الإعلامي.
إن حديثنا على الخطاب الإعلامي في ظل الميديا الجديدة، يقودنا إلى ضرورة فهم الصياغ الذي جاءت منه هذه الأدوات، والوسائط، وضرورة الوقوف على أهم خصائصها، ومكنوناتها، وذلك لوضع الإطار الذي يسهم في الصياغة الفعالة للرسالة والمحتوى الإعلامي، وتنظيمها في قوالب وإستراتجيات تقود الجمهور العام للسير في إطارها، ومحاولة توحيد جوانبها، والتفاعل الإيجابي في بناء المضمون الهادف، الذي يساهم في التطوير في شتى المجالات ، ومن جهة أخرى لابد من مواجهة الدعايات المغرضة، والهدامة التي تمثل العائق والإشكال والتحدي في صناعة الخطاب ،في ظل وجود أطراف خفية وغير واضحة المعالم في هذا العالم الرقمي والتكنولوجي الكبير.
إن المفاهيم والسياقات التي فرضتها الميديا الجديدة على الخطاب الإعلامي، مكنت من تغيير الإطار الذي يصاغ ضمنه الخطاب، وذلك بوسائط إعلامية مستحدثة، ذات ايقونات ومميزات تسهل من عملية التواصل، وتمنح مساحة للتعبير، ذات خصائص متعددة ، رغم أن هذه المفاهيم عادة ما تصطدم بالواقع الإفتراضي، والكم الهائل من المعلومات، الذي قد يخالف البيئة والعادات للمجتمعات، ويضعها في صراع قد يؤثر بشكل كبير على العلاقات الاجتماعية، وحتى بين الدول.
من الإشكالات التي يوجهها الخطاب الإعلامي، في ظل تنوع محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، هي عدم السيطرة على لغة خطاب موحدة للرأي العام، لأن هذا الخطاب خرج من زمن الأحادية الإعلامية وتوجه نحو التعددية الإعلامية، والمنصات الإجتماعية الجماهيرية، وهذا الامر بحد ذاته تحدي كبير للفرد، والجمهور، والمنظمات، والمؤسسات، والنظم الحاكمة، في أن تضع اطر تنظيمية، وقواعد قانونية لهذه الخطابات، التي أصبحت في زمن الميدياتكي المتسارع وذو إتجاهات غير واضحة.
إن مستقبل الخطاب الإعلامي، يحتاج إلى وجود ركائز، ودعائم، ومحاولة التقارب بين مختلف أطراف العملية التواصلية، سواء من طرف الجمهور، او الوسائط، والمنصات الإعلامية، وكذا الفاعلين في المجالات المجتمعية، وذلك محاولة لتقليص الفجوات، والمشاكل التي تسببها هذه الأدوات الجديدة، رغم ماتقدمه من فعالية للمجتمعات.
واقع الخطاب الإعلامي في عصر الميديا الجديدة أصبح يمتاز بتعدد المفاهيم، والمصطلحات، والإتجاهات، والأدوات، والوسائل التي تتناول كل جوانبه، وتحاول إبراز دوره في العملية التواصلية ، كما أن هذه الوسائط أتاحت أبعاد أخرى للتواصل، ومنحته صفة التنوع المعلوماتي، والبياناتي، وعدم القدرة على الاستقرار ضمن خطاب موحد ،كما ان هذا الخطاب الإعلامي، أصبحت تعترضه بعض التشوهات، والأخبار المغلوطة، من أطراف غير محددة المعالم، وهذا مايؤثر على المعنى الحقيقي للخطاب.
أبحاث الميديا الجديدة، أفرزت عن هوة كبيرة في التنظير للخطاب الإعلامي في ظل عدم إستقرار المستخدمين، والجمهور على وسيلة واحدة، في التواصل وهذا الأمر قد ينتج عنه عدم ضبط مفهوم للخطاب، وتوحيد رؤيته، في مقابل أنه يتيح لدراسات جديدة تساهم في التعرف على الأفراد بصورة أوضح عن إهتماماتهم وتوجهاتهم.
لقدمنحت الميديا الجديدة، فرص مستحدثة لإنتاج خطاب إعلامي ذو أبعاد مختلفة، وبمحتوى مختلف تماما عما تنتجه الوسائل الإعلامية التقليدية، وبهذا نقول إن توجه العالم المستقبلي هو الإعتماد على الذكاء الإصطناعي والواقع المعزز في صناعة المحتوى والمضمون الإعلامي، رغم أنها قد لا تكون بمستوى الإنتاج الفعلي للمستخدمين لهذه الوسائط الإعلامية.
المرجع:
ملخص مقالي ضمن الملتقى الوطني الميديا الجديدة "بين إشكالية التنظير وقوة التغيير" ،قسم علوم الاعلام والاتصال جامعة الجيلالي اليابس سيدي بلعباس، الجزائر يوم 23 أكتوبر 2021
عنوان المداخلة:الخطاب الإعلامي في عصر الميديا الجديدة – المفاهيم والإشكالات -


الخطاب الإعلامي - الأحادية الإعلامية - التعددية الميدياتيكية - الميديا الجديدة - اللغة الاعلامية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


مقال يطرح اشكالات مهمة فمسألة منابر الاعلام مسالة مهمة و تحتاج الى ارساء مناهج بحث بخصوصها