مدونة سعد رفعت سرحت


ضمير الشأن حين يلخّص العالم(الحكاية وما فيها(

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


05/04/2022 القراءات: 1010  




ضمير الشأن من المسائل التي قد يشكل استيعابها في النحو العربي ومن ثمّ في نظرية النصّ،لأنه ضمير لا يدل على المتكلم و لا على المخاطب و لا على الغائب، و إنما يدل على الشأن أو القصة ، فهو يحيل على العالم أو الواقع الخارجي،وإلّا فهو حكاية عن الواقع الذي يحيط بمقام الكلام .


أطلق النحاة على هذا الضمير:(ضمير الشأن -ضمير القصة -ضمير الحكاية -ضمير غير شخصي )و لكي يتحدّد الأمر أكثر نقول:إذا كان الضمير مذكرًا سمّي ب(ضمير الشأن )وإذا كان مؤنثًا سمي ب(ضمير القصة).


وعلى كلّ حال،فإنّ الضمائر في العربية نوعان :الأول ضمير شخصي يدل على الذات متكلما أو مخاطبا أو غائبا. والثاني ضمير يدل على الحال و الشأن وعندئذٍ يمكن ترجمته بهذه العبارات:( الحكاية وما فيها_كلّ ما في الأمر_على العموم _ أقصى ما في الأمر).


تكمن بلاغة ضمير الشأن في أنّه يلخّص مضمون فكرة عظيمة تجول في النفس عن واقعة ما أو عن العالم أو عن الحياة مجملًا ،ومن ثمّ يريد المتكلم ترجمة هذه الفكرة بكلمات، فيأتي بضمير الغائب للتنبيه(هو_هي) قبل التعبير عن فكرته بجملة موجزة تلخّص نظرته الاجمالية عن الواقع أو ما يدور في نفسه.و عند هذا يقع على المتكلم أن ينبّه ب(ضمير الشأن)ثمّ يخبر،لأنّ الإخبار بعد التنبيه يجري مجرى التأكيد،فالشيء إذا أضمر ثمّ فُسِّر كان أفخم وآكد من أن يذكر من غير تنبيه،على ما أشار إلى ذلك الجرجاني في دلائل الإعجاز.


وهكذا عندما تسمع رجلًا يقول لصاحبه بحرقة :(هي الدنيا خلصانه ) فإنه يريد ب(هي)تلخيص كلّ ما دار بينهما،وما يجول في خلدهما عن هذا الواقع المزري،وكأنك به يريد أن يقول:(الحكاية وما فيها_ومن الآخر_ الدنيا خلصانه).


في قوله تعالى:(فإنها لا تعمى الأبصار) تعقيب و تلخيص لمضمون قوله تعالى(أفلم يسيروا.....)فجاء بضمير الشأن(ها) للتنبيه،ثم جاء بجملة(لا تعمى الأبصار)وهي تفسير ل(هي)، ويكون التقدير:(كلّ ما في هذا الشأن_ومن الآخر_لا تعمى الأبصار).


كذلك في قوله تعالى:(قلْ هو الله أحد)يكون(هو)ضمير شأن في مضمون توحيد الله تعالى،على تقدير (كلّ ما في الأمر الله أحد).


وبهذا يحقّق ضمير الشأن إحالتين:إحالة داخلية نصيّة وإحالة خارجية مقامية،نعم قد تكون الإحالة الداخلية قصيرة المدى نظرّا لكونها بعديّة على خلاف الضمائر التي تحيل إحالات قبلية فتطول مداها في فضاء النص ،ولكنه في المقابل يحيل إحالة بعيدة الغور على مستوى المضمون ليكون عنصرَ اقتصاد لغويّ خطير،و ذلك أنّه يلخّص العالم!.







ضمير الشأن_الحكاية وما فيها_الإحالة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


شكرا على هذا المقال النافع و المهم


سلمت استاذ محمد