مدونة د. غازي الحيدري


إضاءة تربوية.. د. غازي الحيدري

د.غازي الحيدري | Dr.Ghazi haidri


31/07/2022 القراءات: 2132  



أن تكون مربياً يعني أن تمتلك أفقاً واسعاً ونفَساً طويلاً ومعرفة عميقة، فالتربية لاتؤتي أُكُلها بعشية وضحاها ولابـ سنة او سنتين، وإنما تحتاج وقتاً طويلاً يمتد مع امتداد مراحل العمر لمن تُربيهم، ولكل مرحلة من هذه المراحل طبيعتها الخاصة بها، تنشئة وتنمية وترقية.

وتختلف التربية بطبيعة الحال عن الرعاية، فالرعاية تهتم بتوفير متطلبات الجسد من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، أما التربية فتهتم بمتطلبات بقية جوانب الشخصية والتي تتمثل بالجانب المعرفي والروحي والنفسي والاجتماعي، فالمربي الناجح هو من فَطِن لتلك الجوانب، وتثقف واستزاد علماً ومعرفة للتعامل معها كي لايذهب جهده ادراج الرياح.

وعليه فإن مهمة المعلمين بدرجة أساسية هي مهمة تربوية قبل أن تكون تعليمية، وقد أجاد وأفاد من سمى الوزارة الخاصة بتلك المهمة بوزارة التربية والتعليم، فالتربية هي الأساس.
ويجدر بكل معلم ومعلمة ـ ونحن على عتبة عام دراسي جديد ـ أن لايكتفي بما يحمله من شهادات علمية، في مجاله واختصاصه، بل لابد وأن يزيد من رصيده المعرفي بالقراءة والاطلاع على بقيةالجوانب المتعلقة بهذه المهنة المهمة، كعلم النفس وعلم الاجتماع التربوي وغيرها من المجالات.

فتَمكُّنُه في تخصّصه الدقيق لايعفيه من ذلك، كون المستهدف في هذه العملية ليس فكر الطالب فحسب وإنما فكره وروحه ونفسيته ومهاراته وسلوكه وعلاقاته، ونجاح المعلم يكون في تغذية هذه الجوانب مجتمعة تغذية متوازنة هو النجاح الحقيقي الذي يحسب له في نهاية المطاف، فينبغي أخذ ذلك بعين الاعتبار لكل من رشّح نفسه لتلك المهنة المهمة، ولكل من ولي أمرَ محاضن ومدارس ومعاهد التربية.

ولكي نؤصّل لما قلناه هنا، فقد لفت انتباهي قول ربنا سبحانه واصفاً معلم البشرية الخاتم عليه الصلاة والسلام حين قال:(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) ولك عزيزي القارئ الكريم أن تلاحظ تلك المواصفات هنا (يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) ما الذي تلاحظه ياترى؟

وقبل إجابتك فإنني أكاد أجزم ـ إن كنت معلماً بالطبع ـ بأنك لاحظت الأهداف السلوكية التي تدوُّنها في كراسة الإعداد اليومي للدروس ماثلةً أمامك.
نعم..
هاهي جلية وواضحة بالفعل، الهدف المعرفي والهدف المهاري والهدف الوجداني.
فقوله سبحانه (يتلو عليهم آياته) توحي بالهدف المهاري حيث الإصغاء للتلاوة إحدى المهارات ، وقوله تعالى (ويزكيهم) يتحقق من خلالها الهدف الوجداني، فالتزكية هي التطهير للنفوس، وأما قوله سبحانه(ويعلمهم الكتاب والحكمة) ففيها يتجلى الهدف المعرفي وذلك من خلال تعليمهم الأحكام الواردة في الكتاب والحكمة الواردة من وراء ذلك.

ومن هنا أستطيع القول أن البعض قد يتفق معي في هذا الإسقاط وقد يختلف البعض الآخر، ولكلٍ رؤيته وفهمه، وعليه فإن ماينبغي التأكيد عليه هو ضرورة إلمام المعلم بمجاله التخصصي اولاً، واتساع أُفُقه في تعامله، واستحضار مختلف مجالات الاهداف في أدائه ثانياً ، وبذلك نستطيع القيام بمهمة تعليم وتربية أجيالنا تربيةً سويةً متكاملةً متوازنة.
وبالله التوفيق

د. غازي الحيدري


التربية والتعليم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


كن مربياً صديقي المعلم


شكرا دكتور فعلا التربية قبل التعليم ، التعليم متاح للجميع وخاصة اليوم الا من ابى،اما التربية فهي العمود الفقري للتعليم من دونه لا يستقيم.وفقكم الله


شكرا لك استاذة حورية على مرورك، كم نحن بحاجة أن يكون معلمونا تربويين بمستوى عالٍ