مدونة الدكتور محمد محمود كالو


كيف نكتسب مكارم الأخلاق؟ (2)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


30/03/2022 القراءات: 817  


ومن وسائل اكتساب الأخلاق أيضاً:

6- القدوة والأسوة والمعلم: وقدوتنا وأسوتنا ومعلمنا حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما الفرق بين القدوة والأسوة؟
القدوة من التقدم، فالاقتداء هو طلب موافقة الغير في فعله، قال تعالى: ﴿أُولَـٰىِٕكَ ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقتَدِه﴾ [الأنعام:90].
لكن التأسي يجعل معنى الالتزام بشكل أقوى؛ لذلك جاءت الأسوة مع نبينا صلى الله عليه وسلم باعتباره أفضل الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب:21].
أما القدوة فقد جاءت مع غيره من الأنبياء والصالحين من الصحابة وغيرهم، ﴿أُولَـٰىِٕكَ ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقتَدِه﴾ [الأنعام:90].
وقيل: القدوة تكون بالمعنى، والأسوة بالأشخاص.
ومن القدوات أيضاً، السلف الصالح أعلام الهدى، ومصابيح الدجى، وهم الذين ورثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه، وسمته، وخلقه، فالنظر في سيرهم، والاطلاع على أحوالهم يبعث على التأسي بهم، والاقتداء بهديهم.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إنَّ التشبه بالكرام فلاح

وسئل الحسنُ البصري عن عمرو بن عبيد فقال: "لقد سألتَ عن رجل؛ كأن الملائكة أدَّبَتْهُ، وكأنَّ الأنبياءَ رَبَّتْهُ، إنْ أمَرَ بشيء كانَ ألْزَمَ الناسِ لَهُ، وإنْ نَهَى عَنْ شيءٍ كانَ أتْرَكَ النَّاس لَه"، فحريٌّ بنا، وجديرٌ بمن لازم العلماء والفضلاء أن يتصف بصفاتهم الكريمة.

7- من وسائل اكتساب مكارم الأخلاق مصاحبة الأخيار، من العلماء والفضلاء والدعاة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119], كونوا مع مَن؟ مع الصادقين، في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، لأن الصاحب ساحب، يقول محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير: والأمر بـ ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ أبلغ في التخلُّق بالصدق من نحو: اصدقوا، ونظيره: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ‎﴾ [البقرة: 43]، قال الناظم:
أنـت فـي الناس تقاس بـالذي اخـترت خليلا
فاصحب الأخيار تعلو وتـنـل ذكـراً جـمـيـلا

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) [رواه مسلم].
قال العلماء: إنما سمي الصديق صديقًا لصدقه، والعدو عدوًّا لعَدْوهِ عليك.


نكتسب، الأخلاق، منكرات، الخلق الحسن، الصحبة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع