مدونة يوسف الحزيمري


تقرير مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء في الخطاب القرآني

يوسف الحزيمري | Youssef El hzimri


26/03/2022 القراءات: 1859  


يتوجه الخطاب في القرآن الكريم إلى المؤمنين بقوله: {يا أيها الذين آمنوا} أو: {قل للمؤمنين}، ومن ثم "فمن النّاس من يرى القرآن ظالما بتركيز خطابه للذكور و جعل الأنثى تبعا للذكر في الخطاب ومتضمن فيه"[1] ، وهذا من الشبه التي يوردها الطاعنون في القرآن الكريم من المستشرقين وبني جلدتنا ممن يدور في فلك شبهاتهم، ويسمونها بـ"النزعة الذكورية في القرآن" وهذه الشبه لا تصدر إلا ممن - وصفهم ابن العربي في أحكامه: "جاهل بالقرآن غافل عن مأخذ الشريعة، متلاعب بالدين، متهافت في النظر"[2].
يقول الدكتور خالص جلبي: "لم يكن أمام النص النبوي والقرآني إلا أن يخاطبا الإنسان من خلال اللغة، وهي هنا اللغة العربية، وهذه مربوطة بإحداثيات لغوية تاريخية ثقافية تمسك مفاصلها"[3].
ومن هذه الاحداثيات"نظرية التغليب في اللغة العربية"، و"التغليبُ: تَرْجِيح أحد المعلومين على الآخر، وَإِطْلَاق لَفظه عَلَيْهِمَا"[4] ، كقولنا: "الأبوين"؛ "يعني الأب أو الأم هذا يسمى باب التغليب يكون اثنان مختلفا اللفظ يثنيان على لفظ أحدهما تارة لشرفه وتارة لشهرته وتارة لخفته وتارة لغير ذلك"[5].
يقول أبو البقاء الكفوي: "ومدار التغليب على جعل بعض المفهومات تابعا لبعض، داخلا تحت حكمه في التعبير عنهما بعبارة مخصوصة للمغلب، بحسب الوضع الشخصي أو النوعي، ولا عبرة في الوحدة والتعدد لا في جانب الغالب، ولا في جانب المغلوب"[6].
وقد عد الزركشي التغليب من أساليب القرآن وفنونه البليغة، وقسمه إلى عشرة أنواع منها: "تغليب المذكر، كقوله تعالى: {وكانت من القانتين}، وقوله: {إلا امرأته كانت من الغابرين} والأصل: من القانتات والغابرات، فعدت الأنثى من المذكر بحكم التغليب"[7].
ومن ثم نجد في مدونات التفسير في خطابات القرآن قولهم: "والتذكير للتغليب" "وجمع بجمع الذكور للتغليب"، والعربية تفهم دخولها في الخطاب في قوله تعالى: {قل للمؤمنين} يقول القرطبي رحمه الله: "{قل للمؤمنين} يكفي، لأنه قول عام يتناول الذكر والأنثى من المؤمنين، حسب كل خطاب عام في القرآن"[8].
ودخول النساء في الخطاب الموجه للذكور دلَّ عليه الاستقراء، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد عهدنا من الشارع في خطابه أنه يعم القسمين ويدخل النساء بطريق التغليب، وحاصله أن هذه الجموع تستعملها العرب تارة في الذكور المجردين، وتارة في الذكور والإناث، وقد عهدنا من الشارع أن خطابه المطلق يجري على النمط الثاني، وقولنا: المطلق احتراز من المقيد مثل قوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} [التوبة: 69]"[9].
ومن ثم فإن "المتفق عليه أن كل خطاب بصيغة الجمع المخاطب المذكور للمؤمنين في القرآن يشمل المؤمنين والمؤمنات حقا، إذا لم يكن فيه قرينة مخصصة وهذا حق وصواب"[10].
...واعتبار المرأة مخاطبة في القرآن كالرجل سواء بسواء بكل التكاليف التعبدية والأخلاقية وأهلا لكل ما يترتب على ذلك كالرجل سواء بسواء.
وقد قرر القرآن مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء، في العمل الذي كلف الله تعالى به النساء والرجال معاً، وأما ما خص به الرجال أو النساء فهو على خصوصيته، {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32]"[11]
وذلك في قوله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} فيقرر بذلك: "أن الجنسين: الذكر والأنثى. متساويان في قاعدة العمل والجزاء، وفي صلتهما بالله، وفي جزائهما عند الله"[12].
وفي قوله تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: 195]، "{فاستجاب لهم ربهم} فقد التفت من الغيبة إلى التكلم لإظهار كمال الاعتناء بصدد الاستجابة وتشريف الداعين وتسوية الرجال والنساء وشركة النساء مع الرجال في العمل والجزاء عليه، بعد أن كانت المرأة مغموطة الحق في الجاهلية"[13]
ثم سوّى الله تعالى في عشر صفات بين الرجل والمرأة وهي قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]
هذه الآية وإن نزلت جواباً عن تساؤل بعض أزواج النبي ﷺ إذ قلن للنبي ﷺ: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال، فأنزل الله تعالى هذه الآية المباركة، {إن المسلمين والمسلمات}،...فذكر تعالى أن المسلمين والمسلمات الذين انقادوا لأمر الله ورسوله وأسلموا وجوههم لله فلا يلتفتون إلى غيره، كالمؤمنين والمؤمنات بالله رباً وإلهاً ومحمداً نبياً ورسولاً والإسلام ديناً وشرعا، كالقانتين أي المطيعين لله ورسوله والمطيعات في السراء والضراء والمنشط والمكره في حدود الطاقة البشرية، كالصادقين في أقوالهم وأفعالهم والصادقات كالصابرين أي الحابسين نفوسهم على الطاعات فعلا، وعن المحرمات تركا، وعلى البلاء رضاً وتسليماً والصابرات كالخاشعين في صلاتهم وسائر طاعاتهم والخاشعات لله تعالى كالمتصدقين بأداء زكاة أموالهم وبفضولها عند الحاجة إليها والمتصدقات كالصائمين رمضان والنوافل كعاشوراء والصائمات، كالحافظين فروجهم عما حرم الله عليهم من المناكح وعن كشفها لغير الأزواج والحافظات، كالذاكرين الله كثيراً بالليل والنهار ذكر القلب واللسان والذاكرات الكل الجميع أعد الله تعالى لهم مغفرة لذنوبهم إذ كانت لهم ذنوب، وأجراً عظيماً أي جزاء عظيماً على طاعاتهم بعد إيمانهم وهو الجنة دار السلام جعلنا الله منهم و


مبدأ التساوي بين الرجال والنساء - الخطاب القرآني- العمل - الجزاء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


تحية و بعد : القرءان واضح في هذه المسألة و كل الاشكالات التي تطرح بخصوصها سببها التلقي المتسرع و الغير مدقق للنص فالقرءان يخاطب الانسان او البشر و هو زوجين اي ذكر و انثى و لكل منهما خصائصه و مميزاته لكن كلاهما انسان او بشر