إن مسألة انعدام الوعي بماهية الخطاب الاعلامي ومقاصده هي من الأسباب التى تقف وراء أزمة الثقة الراهنة التى يعانيها الاعلام العربي بصورة عامة والجزائري بصفه خاصة وهى أزمه تصل الى قمتها التعبيرية باتجاه المتلقي العربى الى الاشاعات الأجنبية الموجهة والصحافة الاجنبية ليس لمتابعه ما يحدث داخل بلده نفسها، فهو يثق فيما تورده من تفسيرات وتعليلات وتعليقات، ويجد فيها وفرة فى المعلومات وثراء فى التفاصيل وهو الامر الذى يفتقده فى اجهزة إعلامه المحلية ولعل من الاشياء التى يتفق عليها العرب فى جميع مجتمعاتهم انهم يستخدمون عبارة (كلام جرايد) لوصف الحديث غير الواقعى الذي يجنح للخيال. وهذا الرأي السلبي هو مؤشر لوجود خلل فى بنيه الخطاب الذى تقدمه أجهزة الاعلام العربية للمتلقين. وهذه الاشكالية المتعلقة بغياب المفهوم الحقيقي للنص الاعلامى قد تعود فى جزء منها الى طبيعة العقل العربى الذى (يتحيز للكلمات أكثر من الافكار وللأفكار اكثر من الحقائق) وقد تعود الى أسباب تاريخية متعلقة بنشـأة أجهزة الاعلام العربية بصورة عامة والصحافة بصورة خاصة فقد نشأت معظمها على أيدى أدباء وأهل بيان، أو إلى أسباب سياسية دفعت بالناشرين ومعدي البرامج الاذاعية والتلفزيونية إلى الأدب والدراما والموسيقى هروبا من معالجه القضايا الواقعية للمجتمع والناس التى قد تؤدي إلى المساءلة القانونيه او لسحب الترخيص، وقد يعود لأسباب أكاديمية متعلقة بنشأة أقسام ومعاهد وكليات الصحافة العربية نشأت داخل كليات الآداب واللغة العربية فتأثروا بمنطقها وانعكس ذلك على المناهج التى اتخذوها للتدريس، وقد يعود السبب جزئيا الى احتكارية المعرفة والتى تجعل من الحصول على المعلومة هما يوميا فهو يعانى فى الوصول الى مصادر المعلومة بشرية كانت أو وثائقية وتوضع أمامه عشرات العراقيل الأمنية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية فلا يجد الاعلامي أمامه من سبيل لإكمال تقريره.أو خبره،أو تعليقه، أو تحقيقه، إلا بالاستعانة بالخيال والمناورة باللغة رمزا وتورية وجناسا وألفاظا متعددة الدلاله غير قاطعه المعانى. وبالتالي فالمشرف على قيادة البعد المعرفي للخطاب الصحفي أن يكون على وعي بالتفاعل بين الذات الصحافية واللغة والوسائطية وأوضاع الأحداث ومن خلال هذا الطرح الإبستمولوجي نطرح الإشكال التالي: إلى أي مدى القيادة الإعلامية واعية بسياق البعد المعرفي للخطاب الصحفي ؟
عبد الله ثاني محمد النذير | ABDALLAH TANI MOHAMMED EL NADIR | 3200