عنوان المقالة:التسامح في الاسلام
أ.م.د. احمد حميد عبود العلواني | ahmed hameed | 9387
نوع النشر
كتاب
المؤلفون بالعربي
احمد , حميد , العلواني
الملخص العربي
إن الفطرة البشرية التي فطرنا الله عليها تؤكد ضعفنا في كل الاحوال، ولا بد للأنسان أن يدرك أنه يبقى في مراحل النقص لان الكمال لله سبحانه وتعالى وحده، وإن الإنسان معرض للخطأ في كل أحواله لذلك يقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) {سنن ابن ماجه 2/1420} ولم يستثني بذلك القول أي انسان فكلهم معرضون للخطا والنسيان وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم :(كل ابن أدم خطاء إلا مارحم الله) {أخرجه البيهقي في شعب الايمان 1/254}. ولا شك في أن وعينا بأننا خطاؤون يواكبه في الوقت ذاته وعينا بمسؤوليتنا التي ترتكز عليها كرامتنا الإنسانية، الأمر الذي يمكننا من السلوك القويم المتسامح حيال الآخرين الذين يشاركوننا في الإنسانية، والذين ينبغي أن يربطنا بهم رباط الإنسانية المشترك. والتسامح يقوم على الاعتراف بحرية كل إنسان وكرامته. ونحن مطالبون أخلاقياً ودينياً أن نكون متسامحين مع كل البشر بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والثقافية والدينية بما لا يخالف الاسلام. مع تمسكنا بثوابت الدين والعقيدة، ولا يكتفي الإسلام بتعليم أتباعه هذا التسامح الشامل بوصفه شرطاً من شروط السلام الضروري للمجتمع الإنساني، بل يطلب منهم أيضاً الالتزام بالسلوك العادل الذي لا يقبل بالآخر فحسب، بل يحترم ثقافته وعقيدته وخصوصياته الحضارية. وخير وصف يمكن أن نطلقه على هذا التسامح أنه تسامح إيجابي وليس تسامحاً حيادياً. وفي هذا يقول القرآن الكريم: (لاينهاكُمُ اللهُ عن الذينَ لم يُقاتلوكُم في الدينِ ولم يُخرجُوكُم مِن ديارِكُم أن تبرُّوهُم وتُقسِطوا إليهم إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقسِطينَ) {سورة الممتحنة، الآية: 8}. وقال الزمخشري: وتقضوا إليهم بالقسط ولا تظلموهم، وناهيك بتوصية الله المؤمنين أن يستعملوا القسط مع المشركين به، (إن الاسلام دين سلام وتسامح وعقيدة حب تستهدف أن تظلل العالم كله، وأن يجمع الناس تحت لواء الله سبحانه وتعالى أخوة متعارفين ومتحابين، ولقد وقع بعد نزول هذه الآيات السابقة من سورة الممتحنة بوقت قصير أن فتحت مكة وأسلمت قريش ووقف الجمع تحت لواء واحد وقد طويت الثارات والمواجع) لقد رفع الله الحرج عن المسلمين في أن يبروا غيرهم، وأن يتحروا العدل في معاملاتهم فلا يبخسونهم من حقوقهم شيئاً، هذا هو التسامح في معناه الواسع وهذا أساس شريعة الإسلام، التي تجعل حالة السلم بينه وبين الناس جميعاً هي الحالة الثانية ويتخللها كثير من مبادئ التسامح والعفو رجاء إسلامهم، ولا يغير هذه القاعدة إلا وقوع الإعتداء الحربي وضرورة ردّه، أو الوقوف بالقوة في وجه حرية الدعوة وحرية الاعتقاد، وفيما عدا هذا فهو السلم والمودة.tasamoh-face.jpg إن القرآن الكريم لم يستخدم أسلوب الأمر بطريق مباشر وإنما استخدم أسلوب التنبيه والتوجيه الذي يتطلب استخدام العقل الإنساني. ومن عادة القرآن أن يعالج المشكلات بطريقة متدرجة تتفق مع ثقافة كل فرد. والإسلام لا يريد أن يقول للناس كلاماً ليحفظوه ويعملوا به بطريقة آلية، وإنما يريد تربية النفس وتحقيق الذات والعمل عن اقتناع ويقين. وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَشَجِّ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: (إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ) ، إن هذا الحديث لهو دعوة صريحة إلى التسامح بين البشر جميعاً فإن الحلم عنوان التسامح، وألاناة: الرفق في الأمر كله قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ). صحيح مسلم، برقم: 2592. التسامح والتعدّدية: إن الاسلام أقر التعددية وجعل التسامح فيها من أولوياتها وجاء قي مقال التفاهم في الاسلام : ( وإنه لا يجوز أن ينظر إلى اختلاف الجماعات البشرية في أعراقها وألوانها ومعتقداتها ولغاتها على أنها تمثل حائلاً يعوق التقارب والتسامح والتعايش السلمي بين الشعوب. فقد خلق الله الناس مختلفين ( ولا يزالون مختلفين*إلا مَن رحم ربُك ) سورة هود، الآية: 118-119. ولكن هذا الاختلاف بين الناس في أجناسهم ولغاتهم وعقائدهم، لا ينبغي أن يكون منطلقاً أو مبرراً للنزاع والشقاق بين الأمم والشعوب، بل الأحرى أن يكون هذا الاختلاف والتنوع دافعاً إلى التعارف والتعاون والتآلف بين الناس، من أجل تحقيق ما يصبون إليه من تبادل للمنافع وتعاون على تحصيل المعايش وإثراء للحياة والنهوض بها. ومن هنا يقول القرآن الكريم: (وَجعلناكم شعوبً وقبائل لتعارفوآ) سورة الحجرات، الآية: 13. والتعارف هو الخطوة الأولى نحو التآلف والتعاون والتسامح في جميع المجالات، ولا سيما في إشاعة أجواء
تاريخ النشر
15/08/2013
الناشر
دار المعرفة
رابط الملف
تحميل (327 مرات التحميل)
رابط خارجي
http://www.marefah.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8
الكلمات المفتاحية
التسامح , الاسلام , المحبة
رجوع