العدد السابع مقالات

الدرسات العليا في العراق مشكلة تبحث عن حلول " آلاف الدولارات تهدر على شهادات الخارج بسبب قلة مقاعد الدراسة" / مقالات

17/02/2021


تولي الشعوب المتقدمة اهتماماً كبيراً لقطاع التعليم في مراحله المختلفة انتهاء بالدراسات، والبحوث، والتأليف، والدوائر العلمية، وابتداء من الروضة والابتدائية، وبدون التعليم تفقدم الامم اسس النهضة والرقي والتقدم وتعيش في ظلام حالك يسوده الفوضى والتراجع والجريمة، وكما هو الحال في العراق  الذي ما زال واقع التعليم فيه بتراجع مستمرتيجة القرارات غير المدروسة وفي بعض الاحيان الاجتهاد التي دمرت المؤسسة وجعهلتها على المحك فضلا عن غياب الخطط سواء اكانت للمراحل الاولية أو الدراسات العليا التي تشهد هي الأخرى اهمالا واضحا ومتعمدا من المعنيين، ويستغرب باحثون ومختصون من عدم وجود استراتيجية واضحة للقبول في الدرسات العليا، وإصرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق على عدم توسعة المقاعد، بحجج غير مقنعة، وأن ذلك يخل بجودة ورصانة التعليم وسمعة العراق بين مصاف الدول، في حين أن الوزارة ذاتها تعادل مئات الشهادات التي تأتي من الخارج، واقترح المختصون إعادة النظر بالتوسعة، ولا سيما قناة النفقة الخاصة التي بمكن من خلالها استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة الذين يرغبون في الحصول على الشهادة العليا  في خطوة تساعد الحفاظ على العملة الصعبة وعدم هدرها  خارج البلاد.

وتعد الدراسات العليا بوصفها برنامجاً محدداً لتحقيق بناء الدولة، تهدف إلى تحقيق التطور العلمي والثقافي لخدمة المجتمع وبنائه الحضاري ورقيه على الصعد كافة، إلا في العراق فإنها وجاهة اجتماعية أكثر من حاجة علمية، بحسب مختصون يرون غياب أهم شرط القبول في التقدم للدراسات العليا هو الاختصاص الفعلي الذي يطمح المتقدم إلى تطوير إمكاناته الميدانية، وصقلها من أجل توظيفها بالشكل الإنسب، ولاشك أن أغلب الموظفين يسعون إلى الحصول على الشهادة بغية زيادة الراتب الشهري، في وقت يُقصى فيه أصحاب الاختصاصات ممن يمتلكون تجارب من  توظيف المهارات التي اكتسبوها، ويمكن أن تصقل بشكل أكاديمي بعد نيل الشهادة العليا. وبالرغم من المناشدات والمطالبات المستمرة لحل هذه الملف أو المشكلة التي تتفاقم إثر اجتهادات وسياسات متسرعة غير المدروسة بشكل جيد في الإدارات المتعاقبة في التعليم العالي، والبحث العلمي، وخضوع الوزارة شأنها شأن الوزارات الأخرى إلى الضغوط السياسية من المتنفذين في الدولة، وممارسات الأحزاب المشاركة في السلطة تلك الممارسات، التي أقل ما يقال عنها، إنها ممارسات غير مسؤولة وغير منصفة بحق العراق والتعليم العالي، مما دفع بعض المتقدمين للدراسات العليا ممن لم يحصل على فرصة داخل بلده إلى السفر خارج البلاد للحصول على الشهادة، وسط تساؤلات يطرحها خبراء (إذا كانت الوزارة تعترف بالشهادات العليا التي يحصل عليها الطالب من الخارج، فلماذا لا يتم توسعة المقاعد داخل البلاد والاستفادة من الأموال التي تنفق على الإقامة وغيرها، في وقت نعاني من ضائقة مالية خانقة؟).

وبحسب الاحصاءات المسجلة في منظومة التقديم، فإن أعداد المتقدمين وصلت إلى أكثر من 40 ألف متقدم ومتقدمة، تنافسوا على حجز (11 الف) مقعد دراسي للعام الدراسي 2021-2020، كما تقدم من موظفي وزارة التربية (5300)، وعدد المتقدمين من أصحاب الامتياز المشمولين بقانوني السجناء السياسيين والشهداء وقانون ذوي الاحتياجات الخاصة بلغ (6480). وقياسا بعدد المقاعد المعلنة في السنة الماضية تكون قليلة بعض الشيء، فقد بلغ  (11535) مقعدا دراسيا في الدراسات العليا لسنة 2019 – 2020، بمختلف التخصصات الانسانية والعلمية، توزعت بواقع 1683 مقعدا للدبلوم العالي، 6954 للماجستير، و2898 مقعدا للدكتوراه، فيما بلغ عدد المقبولين بالدراسات العليا 2018 - 2019، (10400)، ومن التراكمات السلبية المبنية على القرارات غير المدروسة هو قرار وزير التعليم العالي السابق قصي السهيل والموافقة بتوسعة خطة القبول للدراسات العليا للعام 2018 – 2019، بواقع مقعد واحد لقناة القبول العام ومقعد واحد لقناة النفقة الخاصة لكل التخصصات والشهادات، وتم تأجيلهم للعام الدراسي المقبل ٢٠١٩-٢٠٢٠، وهذه الزيادة والنقصان في اعداد الطلبة لم تكون وفق خطة دراسية ناجعة مما أدى الى مشاكل كثيرة تحمل وزرها خريجي الدراسات العليا، بحسب محللين. وأعلن عبد الرزاق العيسى وزير التعليم الأسبق في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، بناء على مسودة القانون المعدل التي قدمتها الوزارة التي صوت عليها مجلس النواب عام 2016 السماح للكليات الاهلية بافتتاح الدراسات العليا فيها بناء على أسس علمية لا تختلف عن

نظيراتها الحكومية، وأبرزها توفير المختبرات والمستلزمات الدراسية والعلمية، وكذلك الملاك التدريسي المتخصص متمثلا بالألقاب العلمية للتدريسيين والمشرفين، إلى جانب حاجة البلاد لكل تخصص، ولا سيما تلك المرتبطة بسوق العمل.

وبالرغم من ذلك، فما يزال القانون معطلا بسبب زج التعليم لأهواء ورغبات تسييس العملية التعليمية وانعكست هذه المعضلة بشكل واضح في فشل المخرجات معيقة بذلك عجلة البناء والتنمية بعد أن تسلسلت إلى المسار المقدس لصرح العملية التعليمية بشكل يساعد في إنتاج أجيال تتمترس خلف ترسانة كبيرة من أسباب الخلاف والصراع السياسي والعقدي، لكن البرلمان فاجىء الجميع بإقرار أسس معادلة الشهادات العليا الصادرة من خارج العراق، حيث واجه التشريع حملات رفض وانتقادات واسعة بين الأكاديميين في الجامعات العراقية، والجمعيات التربوية المختصة بالشؤون الاكاديمية ورؤساء الجامعات، وعده بعضهم خروجاً عن التقاليد العلمية، التي يتمتع بها العراق بما يملكه من سمعة دولية ورصانة علمية، جعلته من الدول  التي تملك مواقع متقدمة في التصنيف الخاص بالجامعات العالمية، فلماذا اتخذ هذا القرار الآن، وما سر اعتراض وزارة التعليم العالي والأكاديميين عليه، ومن المستفيد منه؟

وذكَرَ المشرعون، في الأسباب الموجبة لتشريع أسس معادلة الشهادات، تشجيعاً للبحث العلمي للأغراض السلمية، بما يخدم الانسانية، ورعاية المتفوقين والمبدعين والمبتكرين، والحث على الحصول على الشهادات العليا، والحفاظ على الرصانة العلمية، وتبسيط اجراءات معادلة الشهادات وتقييمها، لذلك، شُرِّع هذا القانون. ويبدو أن هذا التصويت أدى إلى انقسام الوسط الأكاديمي في العراق إلى قسمين: أحدهما معارض، والآخر موافق، فقد وصل حد الاتهامات المتبادلة بينهم إلى الشتائم .. وكل يغني على ليلاه.

العدد السابع الدرسات العليا ، شهادات ، المقاعد الدراسية ، التعليم

مواضيع ذات صلة