10 مقالات

نجح فى العلوم الشرعية ورسب فى القلة / مقالات

08/05/2021

د. محمود الجزار

كثيرا ما نسمع أعمل بقولي وما عليك من فعلي! وخذ من الشجر الثمار واترك الحطب للنار! وما قولنا في قول‏ ربنا: ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون)!

كان يحلم دائما بمستقبل باهر مشرق يجمع فيه بين المال، والجاه، والسلطة، وقد وجد الطريق إليهم جميعا في‏ العلم فأقبل عليه ينهم حتى وصل إلى قمة الهرم العلمي، بحصوله على الإجازة العالمية (الدكتوراه)فى العلوم‏ الشرعية وتخصص فى فرع دقيق منها، وهو الفقه المقارن، لكن شيئا من آماله لم يتحقق بعد. ‏

و ذات يوم أحس أن حلمه قد بزع فجره و أوشك أن يتحقق شىء منه، بعدما قرأ إعلانا فى إحدى الصحف‏ المحلية يفيد أن إحدى الدول الخليجية الغنية بالنفط تطلب‏ أساتذة فى الفقه المقارن تنطبق شروطها عليه تماماً، وكأنها تعنيه هو.

 ‏لبس الأستاذ أبهى حلة لديه، وانطلق مسرعاً إلى السفارة متفائلاً ومبتهجاً بقربه من تحقيق حلمه، وفى السفارة أدخلوه على اللجنة العلمية التى شكلتها الجامعة من أكبر علمائها لاختيار اللائقين من المتقدمين للوظائف المطلوبة الذين استقبلوه بحفاوة شديدة، ورحبوا به أبلغ ترحيب.

قدم لهم أوراق ترشحه وسيرته الذاتية والعلمية التي انبهروا بها وجعلتهم يعظمون من شأنه، وبدأوا معه الأسئلة الشفهية، والمناقشات العلمية وكانت إجاباته‏ دقيقة بليغة، وردوده موفقة بارعة زادتهم إنبهاراً بعلمه،‏ وفقهه، وإعجابا بذكائه وفطنته، وقد حصل على الدرجة‏ النهائية فى جميع الفروع (القرآن والحديث والفقه) بإجماع اللجنة العلمية.

و بدأ فى تلقى التهنئة بالنجاح والقبول من أعضاء اللجنة، والحاضرين معه، غير أن الأستاذ أحس بالعطش الشديد، ‏ بعد هذه المناقشات الحامية فطلب ماء، فأشار له أحد‏ أعضاء اللجنة إلى (قلة ماء) موضوعة على الشباك، فانطلق نحوها فشرب منها ثم عاد إلى رئيس اللجنة يسأله:

- متى سيكون السفر إن شاء الله؟ ‏

- فأجابه الشيخ : لا سفر.

- اندهش الأستاذ قائلا : وكيف ذلك ؟! ألم تخبرني منذ قليل أنني نحجت و قبلت؟!

- قال : بلى .. لقد نجحت فى الاختبار النظري الشفهي لكنك رسبت فى الامتحان العملي.

- فتعجب الأستاذ وزادت دهشته، وقال: لكني لم أمتحن عمليا!

- فأجابه الشيخ : بل امتحنت عملياً ورسبت.

- قال: متى ؟! وكيف؟!

- قال الشيخ : *عندما تقدمت لتشرب الماء .. تناولت (القلة) بشمالك، و لم تسم الله، ولم تجلس لتشرب كالسنة، ولم تشرب ثلاثاً، و لم تحمد الله بعدها.

- ‏ فعلمت أنك لا تعمل بعلمك، وأنك من الذين يقولون ما لا يفعلون، فلا حاجة لنا بك، إننا نريد لأبنائنا قدوة يقتدون به فى عمله قبل أن يأخذوا عنه علمه !

فكان إذا سئل عن نتيجة المقابلة تلك قال : نجحت فى جميع العلوم الشرعية و سقطت فى (القلة)!

10 العلوم الشرعية ، الصدق ، تطبيق السنة

مواضيع ذات صلة