10 أدب وشعر

صوت تحت الأنقاض .. / أدب وشعر

08/05/2021

د. محمد توفيق عبدالرحيم

أسمع أصواتا ... إنها أصوات الأوهام التي تكبلني ...لا سبيل للنجاة وأنا تحت هذا الكم الهائل من الأنقاض ... سبعة طوابق فوق رأسي كيف سأنجو ؟ المكان ضيق خانق .. لا أستطيع الحركة .. كل ما أطمع فيه قطرات من الماء تبلل حلقي الجاف الذي أصبح كصحراء قاحلة لم يصبها الغيث منذ مئات السنين ... لا أرى شيئا ..الظلام دامس ..لا أرى سوى الموت ..لا سبيل للنجاة .. لماذا لم أمت مثل الآخرين ؟ لا أسمع لهم صوتا .. من المؤكد أنهم ماتوا جميعا .. لماذا تعذبني الأقدار هكذا ؟

أسمع أصواتا بل دقات ..ينقطع الصوت ..انها أشباح تسيطر على خيالي ..تثير في الرعب يالها من لحظات قاسية .. غير قادر على تحريك أي شيء من أعضائي ..أريد أن أموت ..لا سبيل للحصول على هذا الوسام .. ما أطول الوقت لا أنتظر سوى هذه النهاية ..ذلك الزائر الذي لم أتوقع مجيئه .. كيف سأقابل الله بهذا الوجه القبيح وذلك القلب الخرب ؟ لم أفكر أنني سألقى هذا المصير فأنا ما زلت في ريعان الشباب ...أشعر بالاختناق .. أتنفس من سم الخياط .. أنا على يقين أن كل أجهزتي قد تعطلت سوى ذلك المخ اللعين الذي يعذبني بالتفكير ..كيف السبيل إلى الموت ؟ لا أستطيع الانتحار لماذا تأتيني صورة تلك الفتاة التي سلبتها عفتها ؟ لماذا لم أرحم توسلاتها ؟ افترستها ..تركتها وهربت بكل برود ... الآن لا أستطيع أن أبعد صورتها .. وهذا الرجل الذي سرقت حافظة نقوده ..أخذ يصرخ كيف سأطعم صغاري أما أنا فعلت ضحكاتي وانصرفت ..لم يثر شفقتي ... لم تطاردني هذه الأشباح أما يكفيني ذلك المجهول الذي لم أستعد له ؟

كنت أمر على المسجد لم أفكر أن أجرب الصلاة حتى ترضية لذلك الرجل الذي ينادي ..الأصوات تقترب مني .. انها خيالات ..بل دقات قلب الفتاة ..فقد كانت شديدة الهلع .. لا أعلم كم مضى من الوقت وأنا هكذا ؟

كنت قد انتهيت من سهرة مع أصدقائي في احدى المراقص ..نمت منهكا ..قمت فزعا ..صراخ أمي وأبي واخوتي ... والبيت يتراقص كتلك الراقصة التي تركتها منذ ساعات .. بعد لحظات انقطع الصوت .. وانقطع عني كل شيء ... أصبحت وسط هذا الركام أنتظر الموت الذي أبى أن يأتيني امعانا في عقابي ...ماذا لو كتب الله لي النجاة ؟ يبدو أن هذا مستحيلا ..فلن أخرج من هنا الا إلى الحساب ..وما أدراني لعلي الان ميت ولا أدري .. الآن أشعر بوقع أقدام ..انها أقدام الملائكة جاءت تأخذ حق الفتاة وحق ذلك المسكين ...كيف سأواجه هذا المصير وحدي ؟ لم تعد لدي القدرة على الاحتمال ... لماذا لم يأت الموت ؟

أسمع دقات معاول ..إنها تتضح شيئا فشيئا ..يبدو أن الأمل أخذ يراودني ... انه الوهم مرة أخرى .. كيف سيصلون إلى وأنا في غياهب هذا القبر ؟ .. أرى شعاعا من نور أطل ثم اختفى ... انقطعت الأصوات .. أتت مرة أخرى كتيار كهربائي فيه عطب ...عادت صراخات الفتاة تدوي بداخلي ... ما أشقاني ..انها تأخذ حقها مني الآن ... صورة الرجل ..لا أستطيع الهرب منها .... الفتاة تحاول النيل مني ....  فتحت عيني فوجدت رجلا وامرأة يلبسان الملابس البيضاء ... انهما من الملائكة جاءا لأخذي إلى الحساب ... لا انهما من البشر... يتحدثان بلطف ... بكيت وبكيت .... ليس فرحا بالنجاة ولكن خوفا من المصير المجهول ....!!!

10 ادب ، خواطر ، انقاض

مواضيع ذات صلة