العدد 12 عدد خاص

(أُريد).. لأجل مجتمع علمي عربي متميز / عدد خاص

22/05/2021

أ.طارق برغاني

تعزز المشهد العلمي على شبكة الانترنت بميلاد منصة (أُريد) التي تعتبر الأولى من نوعها للناطقين بالعربية، عن طريق تقديم خدمات حصرية ومجانية، (أُريد) اختارت السبق في الفكرة و خوض التجربة، للمّ شمل الباحثين والأكاديميين والعلماء والطلبة الناطقين بالعربية من كل أرجاء العالم، وتهيئة المجال الملائم لهم أينما كان مقرهم وكيفما كان تخصصهم العلمي والمعرفي، هي إذا فرصة صارت في المتناول ليقول كل باحث ناطق بالعربية للعالم أنا حاضر وهذه إسهاماتي العلمية وبحوثي الأكاديمية، وتجاربي المهنية، وأفكاري ومشاريعي المستقبلية، وفي ذات الوقت فإن (أُريد) توفر فضاء خصبا وأرضية ممهدة للتعريف و التعارف، للتواصل والتشارك، لتبادل الخبرات وتقاسم التجارب، تقول د. نور سعادة بنتي عبد الرحمان في كلمة لها بمناسبة افتتاح منصة (أُريد): «..إن فتح الباب أمام الناطقين بالعربية ليلتقوا بهدف تبادل الأفكار والخبرات ويسهموا في تطوير العلوم والمعارف المتنوعة، من شأنه زيادة فاعلية الحركة العلمية في العالم مما سيعود بالمزيد من النفع على الإنسانية أجمع..».

وفي هذه المقالة سنتعرف على منصة (أُريد) بشكل عام وسنعطي صورة شاملة عن نشأتها وأهدافها، والسبق الذي استطاعت (أُريد) خلقه كتجربة واعدة من أجل تشكيل مجتمع علمي متميز.

منصة (أُريد) منصة عمرها خمس سنوات وهي تحاكي في خدماتها ومبدأ اشتغالها منصة أوركيد العالمية، إلا أن الفكرة تم تطويرها وإغناؤها قبل سنة على يد لجنة تأسيسية تضم ثمانين باحثا وخبيرا وعالما، انطلق افتتاح منصة (أُريد) من جامعة ملايا يوم 25 أبريل 2016، ويوجد مقرها في ماليزيا، يقول د. داتو محمد يعقوب ذو الكفل المستشار الدولي للمنصة: « ..إن تواصلي مع مؤسسي منصة «(أُريد)» ومعرفتي الدقيقة بهم تجعلني أجزم بأهمية مشروع منصة «(أُريد)» وأنه سوف يمثل نقطة انتقال بين مرحلتين من مراحل مسيرة الحركة العلمية بالنسبة للناطقين بالعربية وهو تحول سيلقي بظلاله على الحركة العلمية العالمية حتماً..»

وإيمانا منها بأهمية البحث والتطوير في شتى مجالات العلوم تهدف (أُريد) الوصول إلى 7 ملايين باحث ناطق باللغة العربية من مختلف دول العالم، وتحقيق 500 ألف مسجل حقيقي خلال العام الأول من انطلاقتها عن طريق توفير نظام متكامل لتطوير عجلة البحث العلمي، جاء في التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية: «..إن العالم العربي يحتل في مجال البحث العلمي موقعا ملاصقا لقارة إفريقيا، بمعدلات إنفاق لا تتجاوز 0,2% من إجمالي الدخل القومي العام.. فيما المعدلات العالمية للإنفاق على البحث والتطوير تجاوزت 3,73% و3,39%  و3,37%  في كل من السويد واليابان وفنلندا على التوالي».

تسعى (أُريد) من خلال خدماتها ووظائفها إلى جمع الباحثين الناطقين بالعربية عبر إسناد رقم معرف لكل باحث مع توفير صفحة شخصية لكل باحث لعرض أنشطته العلمية على غرار أعرق الأنظمة العالمية المُعتمدة، وإنشاء عالم أفضل للعلماء والخبراء والباحثين.

إضافة إلى كل ذلك فإن فريق منصة (أُريد) يهدف إلى:

• النهوض بواقع العلماء والخبراء والباحثين الناطقين بالعربية عبر تقديم خدمات واقعية حقيقية تعذر تقديمها من قبل.

• فتح آفاق التعاون العلمي المستمر ومشاركة الأفكار والقدرات والطاقات والعلاقات بغية تحقيق إنتاج علمي أعلى جودة وأكثر رصانة وإتقانا ونفعا للإنسانية.

• مد جسور واقعية فعالة لتلاقي وتعارف الثقافات العالمية المتنوعة لإثراء البحث العلمي، وترسيخ ثقافة التعايش السلمي بين الأمم والحضارات.

• البحث العلمي المستمر لتخطي الصعوبات والتحديات التي تواجه الباحث الناطق بالعربية والعمل على مواجهتها بطرق احترافية.

• خلق فضاء للتواصل البناء وتبادل الخبرات والتجارب ومناقشة الرؤى والأفكار وتسهيل الوصول إلى الملف الشخصي لكل باحث عبر محركات البحث. 

• تنظيم وهيكلة البحوث العلمية لمستخدمي المنصة قصد سهولة الوصول إليها وأخذ تصور تفصيلي عنها.

• تشجيع الباحثين الناطقين بالعربية على إبراز مهاراتهم والإسهام بإبداعاتهم العلمية في تطوير حركة البحث العلمي الدولي.

• وضع رؤية استراتيجية مبنية على أسس علمية ومبادئ منهجية مدروسة لتحقيق الاستفادة القصوى من طاقات وقدرات الباحثين.

إحداث السبق من خلال هذه التجربة تجسد في منصة (أُريد) انطلاقا من فكرة، لكنها واعدة بكل خير؛ فالبداية قد تكون متواضعة عند انطلاقتها إلا أن الإصرار والتحدي والمثابرة أساس النجاح وسبيل التفوق، كلها ميزات وخصائص اتسم بها مؤسسو المنصة والفريق المشتغل عليها، لإيمانهم الراسخ بصواب الفكرة وجدوى التجربة أولا، ثم لبعد نظرهم واستشرافهم لمستقبل واعد عميم النفع على الفرد والمجتمع، والدليل على ذلك الترتيب المشرف الذي حققته (أُريد) على موقع Alexa  المختص في تصنيف المواقع، وذلك في ظرف شهر واحد فقط عن انطلاقتها، يقول الدكتور سيف السويدي في كلمة ألقاها بمناسبة حفل افتتاح منصة (أُريد): «..إنه من دواعي سروري أن نعلن لكم أنه لدينا أكثر من 1000 باحث تسجلوا خلال العشرة أيام الأخيرة من افتتاح المنصة..».

من أجل مجتمع علمي عالمي

مع التقدم التكنولوجي المتزايد والتطور المعرفي المتسارع في عالم اليوم، صار لزاما على كل فرد أن ينخرط في مجتمع العلم والمعرفة، وأن يكتسب مهارات وكفايات جديدة بشكل مستمر ودائم حتى يساير هذا الانفجار المعرفي وهذا التدفق الهائل للمعلومات، وهو مطالب، ليس فقط بما سبق، بل عليه زيادة على ذلك اكتساب تقنيات الترويج لمهاراته وقدراته، والتسويق لخبرته وتجاربه التي راكمها لسنوات، حتى يفيد ويستفيد، تشير آخر المعطيات حسب تقرير اليونسكو ( المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم ) للعام 2010 إلى أنه: «..على الرغم من الثروة التي تتمتع بها الدول العربية، فإن هذه البلدان تفتقر إلى قاعدة متينة في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما أن كفاءة نظمها وأدائها الخاصة بالتعليم العالي لا يزال ضعيفا فيما يتعلق بشكل خاص في توليد المعرفة ... ويضيف التقرير أنه على الرغم من وجود الجامعات المرموقة في المنطقة العربية فإن الدول العربية تعد ما لا يزيد على 136 لكل مليون نسمة، علما أن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثا.. كما أن المساهمة العالمية في البحوث المنشورة في المجلات العلمية في البلدان العربية تتراوح بين ( 0،008 إلى 0،3% ) مقارنة مع الكيان الصهيوني 1،1% وألمانيا 7،9% واليابان 8،2%  والولايات المتحدة الأمريكية 30،8%. «.

نحن نتكلم اليوم عن مجتمع المعرفة مجتمع القرن الحادي والعشرين، وهذا بالضبط ما تسعى إليه منصة (أُريد) وما تطمح لتحقيقه عن طريق توظيف التقنية وشبكة الانترنت طبقا لأعلى معايير الجودة العالمية، ومن خلال فريق جاد وطموح مستعد للتطوير والارتقاء والتميز، يقول د. يوسف زيدان مؤسس شريك للمنصة، بمناسبة حفل افتتاحها: «..»(أُريد)» سوف تبرز بأذن الله جهود العلماء والمفكرين الناطقين باللغة العربية إلى العالم وسوف تكون جسرا للتواصل بين الباحثين لتبادل الآراء والأفكار ولإبرازهم الى العالم ولتقديم خدمات لهم كان من الصعب الحصول عليها سابقا..»

إن منصة «(أُريد)» بكل ما تسعى إلى تقديمه للباحثين الناطقين بالعربية، قد (أُريد) لها بذلك خلق طفرة إيجابية في الدفع بالبحث العلمي نحو الأمام على الصعيد الدولي، وفق مقاربة تشاركية تتكامل فيها مختلف الطاقات والقدرات من أجل تحقيق مستقبل أفضل للعالم، يقول الدكتور سيف السويدي مؤسس منصة (أُريد): «إن تأسيس هذه المنصة أهم العوامل التي تدفعنا للاستفادة من البيئة البحثية ووجود كم كبير من الباحثين...إضافة إلى الاهتمام بالنشر العلمي في الجامعات العربية، ويتميز المشروع بوجود كادر تقني محترف من خلال برمجة المنصة وتوفير نظام لاستضافة الملفات الأكاديمية وتقديم خدمات أخرى كالبرمجة والترجمة والتصميم والجرافيكس وغيرها..«

فكما تعلمون أن منصة «(أُريد)» انطلقت من جامعة ملايا قبل خمس سنوات وبالتحديد في يوم 25 أبريل 2016م، ثم انتشرت ليتم التعريف بها في الجامعات العربية التي ينشط بها أعضاء منصة «(أُريد)». فقد عُقِدت ندواتٌ في العشراتِ من الجامعات العربية، منها للتعريف بالمنصة، وأخرى لانطلاق خدمات مميزة لأعضاء المنصة. وفيما يأتي عرض وتوصيف للخدمات التي أطلقت خلال الربع الأول من هذا العام، وأبرزها: 

المجتمعات العلمية، مدونة عالم، المجاميع البحثية المغلقة، التعليم الالكتروني، دليل الأحداث العلمية.

أولا: المجتمعات العلمية: وهي من الخدمات الجوهرية ذات العلاقة بالعلوم مختلفة التخصصات؛ حيث يمكن للباحث من خلال المجتمعات العلمية طرح مجموعة من الأسئلة، أو الاستفسارات مما يساعده على الحصول على الإجابات من أعضاء المنصة. على سبيل المثال: تكوين مجتمع الكيمياء، سيمكن الباحث من طرح سؤال، مع إضافة عنوان، أو صورة مع الكلمات المفتاحية، بالتالي سيظهر السؤال لدى أعضاء المجتمع الذي ينتمي إليه اهتمام الباحث، وهذه الخدمة ستعطي بُعدًا واسع الأفق للباحث، إذ تمنحه فرصًا كبيرة بتقديم مقترحاته، وأسئلته المتعددة ذات العلاقة باختصاصه واهتمامه العلمي. وللباحث السائل الحق في اختيار أفضل إجابة لسؤاله مما سيمنح نقاط سمعة للباحث المساهم في الحل ونقاط السمعة تحتسب في قياس «تأثير الباحث في منصة (أُريد)» Arid Impact Factor

ثانيا: مُدونة عَالِم: وهذه الخدمة انطلقت بحفل مهيب في الجامعة المستنصرية يوم 25 فبراير الماضي، ومن خلالها يمكن للباحث أن يكتب ويقدم المقالات والتقارير العلمية؛ أي أن كلَّ باحث له إمكانية إنشاء مدونة واحدة باسمه، والكتابة فيها بإحدى الأقسام الأربعة : إصدارات، أنشطة علمية، مقالات علمية، وقائع وتوجيهات، الإنجازات العلمية.

ثالثا: المجاميع البحثية: وهي عبارة عن مجموعة مغلقة، يُنشؤها الباحثُ المهتم بتكوين مجموعة بحثية، تضم بضع باحثين من أقرانه من ذوي الاختصاص، للاجتماع معهم ومناقشتهم في عمل ما، أو مشروع بحثي مشترك.

رابعا: التعليم الإلكتروني: وهي خدمة تتيح لأعضاء المنصة صنع مساقات علمية؛ ليلتحق بها طالب العلم عن بُعد، ومنحه شهادة بعد نهاية المساق من منصة «(أُريد)». مثل دورة النشر في المجلات العلمية المحكمة، أو دورة مهارات تعامل الباحثين مع وسائل الاعلام. علما أن القاعة الإلكترونية للمنصة تتسع ل ٢٥٠ متدربا.

خامسا: دليل المؤتمرات: وهي خدمة تتيح إضافة المؤتمرات التي سيحضرها باحث ما، ويقدم الباحث عبر هذه الخدمة المعلومات الكافية عن فعالية المؤتمر لأعضاء المنصة (زمن الانعقاد، دور الباحث غي المؤتمر، رسوم المؤتمر، مكان انعقاد المؤتمر وزمانه)، كما يمكن للباحث من خلال هذه الخدمة عرض صور مشاركته في المؤتمر أثناء انعقاده أو بعده، وكذلك أبرز التوصيات والملخصات. وقد أطلقت يوم 19 مارس الماضي في جامعة البصرة.

سادسا: دليل المجلات العلمية ودور النشر: وهذه الخدمة تعمل على تذليل الصعوبات التي قد يواجهها الباحثُ أثناء بحثه عن المجلات العلمية المحكمة، وتُشكل دليلا واضحًا لتوجيه الباحث إلى أهم المجلات العلمية في مختلف التخصصات، كما تتيح للباحث إضافة مجلات علمية؛ وذلك لخلق فضاء أوسع أمام الباحث الجديد عند اختياره مجلة معينة لنشر أبحاثه فيها. 

سابعا: دليلُ المساقاتِ الهائلةِ المفتوحةِ عبر الإنترنت: وتضم أرشفة للدروات التي تعقد على عشرات المنصات العربية والأجنبية مع تفاصيل الالتحاق بها وتعد مرجعا سهلا ليطلع الباحث على أبرز الدورات والمحاضرات وورش العمل في مجال تخصصه. وقد انطلقت هذه الخدمة بحفل افتتاح في جامعة بابل يوم الرابع والعشرين من شهر مارس.

ثامنا: شبكة (دليل) المراكز البحثية التطبيقية: دليل لفهرسة أبرز المراكز البحثية في الدول العربية التي ستُمكن الباحثَ من أن يستعين بها لإجراءِ بحوثه بالتعاون معها.

تاسعا: نظام مجلات المنصة: وهو نظام إلكتروني لإدارة المجلة بجميع تفاصيلها من رفع البحث إلى تحميله إلى نشره.

العدد 12 منصة أريد ، المجتمعات العلمية ، التعليم الالكتروني، المجلات العلمية ، المؤتمرات