العدد الثالث قراءة في كتاب

صناعةُ الهوية العلمية للعلماء والخبراء والباحثين / قراءة في كتاب

04/11/2020

د.سيف السويدي ، أ.طارق برغاني

يعد هذا الكتاب واحدا من أهم المؤلفات العلمية التي تقدم خريطة طريق متكاملة للعلماء والخبراء والباحثين الناطقين بالعربية أينما كانوا في كيفية تسويق منتجهم العلمي، وجعلهم يحتلون المكانة التي يستحقونها بين أقرانهم في مختلف أرجاء المعمورة، لا سيما وان ما يقدمونه يشكل مكسبا علميا كبيرا في مختلف المجالات العلمية الانسانية والتطبيقية .. مجلة « صدى أريد « وحرصا منها في إتاحة هذا الكتاب للجميع ستقدمه على أجزاء، وهي تقدم شكرها وثنائها لمؤلفي الكتاب د.سيف السويدي و أ. طارق برغاتي على موافقتهما على نشره من باب ( زكاة العلم نشره ) نسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتهم .

 

الاحترام

من أسراره أن له أثرا عكسيا إيجابيا، فكلما كان الباحث محترما لنفسه ولغيره، أثمر هذا الاحترام احتراما متبادلا يتجلى في السلوكات والمواقف والمعاملات، فالباحث الناجح في مساره الساعي إلى بناء هُويته الشخصية، يتخذ من الاحترام سلما لأنه في تعامل مستمر وتواصل دائم مع زملائه وأساتذته والمشرفين على أبحاثه، وهذه الفئة تستدعي منه إيلاء احترام كبير، وتقدير خاص يزيد من تلميع صورته في أذهانهم، ويجعلهم يشهدون له بحسن السيرة واستقامة الخلق في حضوره وأثناء غيابه، وهذه ميزة وسام يضاف إلى ماركته الشخصية.

 

التواضع

وهو سبب من أسباب رفعة القدر وعلو المكانة، ولا يتأتى إلا بتحصيل العلم النافع، وبلوغ درجات عالية من المعرفة، وهو حال الباحث والعالم والأكاديمي، فالتواضع خلق ملازم له، لصيق به مع الجميع كيفما كانت فئتهم العمرية، مكانتهم الاجتماعية، ومستواهم المعرفي، فلا يتصور باحث انتفى عنه هذا الخلق؛ لأن العلم موضوع على الرؤوس وكلما ازدادت بضاعة العلم كمًّا وجودةً أنحنى الرأس من ثقلها تواضعا.

فباحث متكبر مغرور لا يساوي إلا فراغاً وإن بلغ من العلم أرفع الدرجات، وحصل على أعلى الشهادات، فتجد الناس بمجرد سماع كلامه، والاطلاع على أسلوب حديثه، ينفضون من حوله، وينفرون من مجالسته ويعرضون عن آرائه وأفكاره.

 

الحزم

وهو مطلوب في كثير من المواقف من أجل الحسم في اتخاذ القرارات وتحديد الاختيار، ورسم الخطط ووضع الأهداف، وإدراك أهمية الوقت، وتنظيم المهام وترتيب الأعمال، وتدبير الحياة الشخصية والمهنية، وإتقان العمل.

«...الحزم يلعب دورا محوريا فيما تحدثه من تأثير شخصي، فعندما تحجم عن القيام بشيء ما وتُؤْثِر الآخرين دائما ولا تتمسك بموقفك ينظر إليك الآخرون على أنك شخص ضعيف ومتردد.» .

والحزم صفة لازمة في طرد الكسل والتغلب على الخمول، وإبعاد كل الشواغل والمشوشات، وأخذ المسائل على محمل الجد، فالباحث باعتبار طبيعة تخصصه ووظيفته يحتاج إلى هذه الصفة من أجل ترتيب الأولويات والبداية بالأهم قبل المهم، وضبط الأمور والمحافظة على توازنها والتحكم في مسارها وتوقع الاحتمالات المُمكنة لإعاقتها، ووضع البدائل والحلول الكفيلة بتجاوزها وكلها أسباب معينة على تركيزه في تكوين ماركته الشخصية.

 

الصبر والتحمل

هما وقودا الاستمرار إلى الأمام والطاقة التي تزود الباحث بالقدرة على تخطي الصعاب والعقبات، يستلزم ذلك ضبط النفس والتحكم في العواطف والإصرار على النجاح، وخوض التحدي وبذل الجهد والاستمرار فيه وإنفاق الوقت والمال، وقبول النقد، وتحمل مطبات الفشل، والإخفاق والقدرة على تحويلها إلى نقاط للقوة وأسباب للتفوق والتميز، فلا يبلغ النجاح إلا بالصبر والمثابرة، ولا ينال التميز الا بالاجتهاد والمكابدة، ومعروف أن لكل مجتهد نصيب على قدر اجتهاده والباحث في هذا المقام أولى بتبصر هذا الخلق والعمل به من غيره؛ لأنه دائما في بحث مستمر وتفكير متواصل، فيحاول ويخطئ فيتعلم من أخطائه، ثم يكرر المحاولة مرات ومرات إلى أن ينجح.  

جميع هذه القيم والأخلاق السالفة، تبقى جزءاً من منظومة مترابطة ومتكاملة من المبادئ والأسس القيمية الواجب توفرها في الباحث بالضرورة من أجل نجاحه في تشكيل صورة إيجابية في أذهان جمهوره، وبالتالي إضفاء تميز أكبر على علامته (ماركته) الشخصية، وإلا فإن تمتعه بصفات وسمات أخرى كالعطاء والتسامح وتقديم المساعدة والتحفيز والتفاعل وغيرها هي كلها مفاتيح من شأنها الدفع بماركته نحو مزيد من التألق.   

 

علم النفس

إذا كان علم النفس يهتم بدراسة جوانب الشخصية والسلوكية والعقلية لدى الإنسان، ويُعنى بتفسير أسرار ظواهر النفس البشرية وخفاياها، ويبحث فيها وآثارها ونتائجها وتجلياتها من انطباعات الفرد وانفعالاته وأحاسيسه وقدراته الإدراكية... ، فإن مفهوم صناعة الهُويَّة أو الماركة الشخصية بشكل عام يجد له مجموعة من الأصول النظرية والممارسات التطبيقية في هذا العلم.

 

اثبات الذات

كل شخص يسعى بشكل أو بآخر إلى إثبات وجوده وتعزيز مكانته داخل وسطه وبيئته ومجتمعه، وهذا سلوك فطري وحاجة إنسانية متجذرة في النفس البشرية، ولكل فرد طريقته في تلبية هذه الرغبة، فمنهم من يعزز ويثبت وجوده بالمال، أو بالسلطة والمنصب، أو بالنسب، أو بالعلم والمعرفة، وهذا المسلك الأخير هو الذي يتبعه الباحث في تميزه عن غيره ووصوله إلى مستوى التقدير والمكانة.

يظهر لنا هرم )أبراهام ماسلو  (Abraham Maslowتدرُّج خمس حاجات للإنسان في تسلسل هرمي تدعمها الدافعية أو الدوافع، تبدأ من أسفل مستوى في الهرم وهي الحاجات الإنسانية الفيسيولوجية من أكل وشرب والمأوى والنوم وتنفس الهواء، إلى أعلى مستوى في الهرم وهي الحاجة إلى إثبات أو تحقيق الذات، وهي تتطلب الوصول والتمكن من كفايات ذات درجة عالية من الفعالية والتأثير مثل : تقبل الحقائق، حل المشاكل، الابتكار، «والتي أطلق عليها ماسلو أيضا الحاجات العليا...ولا تتحقق إلا بعد الإشباع للحاجات الأدنى، ويكون الإنسان بحاجة معها لاستخدام كل قدراته ومواهبه وتحقيق كل إمكاناته الكامنة وتنميتها إلى أقصى مدى يمكن أن تصل إليه... « . 

العدد الثالث التسويق ، الماركة الشخصية ، الاحترام ، التواضع ، الصبر ، علم النفس ،

مواضيع ذات صلة