مدونة الدكتور صالح فليح زعل المذهان


أحرف الصلة في كتاب الله عز وجل

أ.د صالح فليح زعل المذهان | SALEH FLAYEH ZAAL ALMATHHAN


02/06/2021 القراءات: 4208  


أحرف الصلة
يقسم النحاة أحرف الجر إلى قسمين: حروف أصلية تجر الاسم، وتكون هي والاسم شبه جملة متعلق بالعامل النحوي، وأحرف جر غير أصلية، زائدة تدخل على المسند والمسند إليه، ويعربها بعض النحو حرف جر زائد، جاء لمعنى وهو التوكيد، ولا يكون حرف الجر الزائد والاسم المجرور شبه جملة، ولا يتعلقان بالعامل.
ومن شواهد دخول حرف الجر غير الأصلي على المسند إليه، وهو الفاعل(أحد) في قوله تعالى ذكره:( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ). الأعراف:80 ومنها دخوله على نائب الفاعل(مُعَمَّر) في قوله تعالى:( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ). فاطر: 11، ومنها دخوله على المبتدأ (خالق) في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) فاطر:3.
ومنها دخوله على خبر ليس في قوله تعالى:( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). آل عمران: 182، ومنها دخوله على خبر ما العاملة عمل ليس في قوله تعالى:(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). فصلت: 46.
ولم يقتصر دخول حرف الجر غير الأصلي على المسند والمسند إليه، بل دخل على المفعول به(أحد) في قوله تعالى:( كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا). مريم:98.
وقرر النحاة أَنَّ حرف الجر غير الأصلي( مِن، والباء) لا تدخل على الاسم إلا بشروط وهي أَنْ تُسبق بالنفي، أو ما أشبه النفي، ويأتي بعده اسم نكرة، وقد اصطلح النحاة على الأحرف الزائدة مصطلح حرف الصلة؛ " تأدبًا وتورعًا من أنْ يُنسب الزيادة إلى كتاب الله تعالى". ( الفراء، 442).
ونجد أَنَّ مصطلح حرف الصلة بدل حرف الجر الزائد جاء تعظيمًا لله تعالى ذكره، وتأدبًا مع كلامه عز وجل، وقد نُسب مصطلح حرف الصلة إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال يوحنا مرزا الخامس:" ويمكن أن نعده أول مَن استعمله بمعناه الاصطلاحي، وليس الفراء". ( يوحنا، 1، 45).
وتبع النحاة ابن عباس رضي الله عنهما في تسمية حرف الجر الزائد حرف صلة، فمنهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (170هـ) ، وهارون بن موسى (170هـ) ، والكسائي (189هـ) ، والفراء (207هـ) ، وأبو علي الفارسي (377هـ) ، والهروي (415هـ) والواحدي (468هـ) ، والزركشي (794هـ).
فإذا ما أردنا نعرب الشواهد السابقة التي ورد فيها حرف الصلة فإننا نعربها أحدًا في قوله تعالى ذكره:( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ). الأعراف:80 فنقول: مِن: حرف صلة وتقوية، مبني على السكون الظاهر على آخره لا محل له من الإعراب، وأحدٍ: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحركة المناسبة لحرف الصلة والتقوية.
ونعرب (مُعَمَّر) في قوله تعالى:( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ). فاطر: 11، فنقول: مِن: حرف صلة وتقوية، مبني على السكون الظاهر على آخره لا محل له من الإعراب ومُعَمِّر: نائب فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحركة المناسبة لحرف الصلة والتقوية.
ونعرب أحدًا في قوله تعالى:( كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا). مريم:98. فنقول: مِن: حرف صلة وتقوية، مبني على السكون الظاهر على آخره لا محل له من الإعراب، وأحدٍ: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحركة المناسبة لحرف الصلة والتقوية.
ويخلص من ذلك إلى أَنَّه يجب أَنْ يُعرب المعربون حرف الجر غير الأصلي في كتاب الله عز وجل، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الشواهد النثرية والشعرية من كلام العرب، فيقولون في إعرابه: حرف صلة وتقوية؛ إِذ إِنَّ هذا هو الأصل في إعرابه، وأَنَّ إعرابه حرف جر زائد إعراب محدث، ونعربه حرف صلة وتقوية تعظيمًا لكتاب الله عز وجل، وتأدُّبًا معه، وأَنَّه لا يوجد في كتاب الله تعالى ذكره حرف زائد، بل كل حرف فيه يؤدي معنى، وأَنَّ حرف الصلة يفيد تقوية المعنى وتأكيده فله معني بلاغي في السياق اللغوي.
المصدر: https://hidayatqurania.org/conferences/details/18


ARID Scientific


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع